ردأً على مقال الزميل سامي البحيري الذي نشرته إيلاف يوم الجمعة 17 فبراير 2006 الذي جاء تحت عنوان quot; مأساة مواطن أصابته هستيريا الكاريكاتير!!

يبدو من كمية الاستظراف المشعـّة من المقال أن زميلنا بالفعل يعاني من حالة شديدة من الاسهال الفكري الناجم عن ضعف تغذية معلوماتية أدت إلى تسمم في الانتماء مما أدى به إلى نوبة من الهستيريا فاستفرغ مفرداته المحدودة في حفرة التاريخ العفن. واتضح أن مسرح أدواته في الرد لم يتعدى مساحة بيت الخلاء.
بداية قد أكون ضد فكرة المقاطعة وخصوصاً المقاطعة غير المدروسة، والموجهة بالذات إلى شعب كامل دون تفرقة بين المذنب وبين من هم يعملون معنا لمصلحة قضايا إنسانية عامة. لكنني بالتأكيد مع حرية التعبير عن الرأي، ومع حرية احترام عقائد جميع قطاعات المجتمع، ومع تشجيع التواصل الإنساني، ومع فكرة ردم الهوة بين الحضارات والثقافات من خلال الحوار المحترم الواعي دون تشنجات. لكن أهنئك بالفعل يا أخ سامي.. لقد نجحت بما سعيت إليه، لقد قمت باستفزاز الناس لقراءة مقال منفوخ يتقشّر عن نفسية quot; ولا مؤاخذةquot; ضحلة لم يبتسم له سوى بعض الذين تسيل من زوايا أفواههم المرارة لأنك استسخفت واستخفيت بهم كقراء، وعلى أي حال من الأحوال لم تكن الابتسامة كاشفة عن الأسنان مثل الستائر الممتدة من quot; الحيط.. للحيطquot;.
التمر الذي تسخر منه كان مصدر غذاء الأمة العربية بأجمعها عندما فتحت الأندلس، وعندما وصلت الصين، وعندما أنشأت حضارة على بوابات روسيا. التمر الذي تسخر منه هو الغذاء الكامل والطب الشافي الذي يحوي مركبات المواد المضادة للأكسدة وبالتالي الشفاء من السرطانات وهذه ليست معلوماتي الخاصة بل هي معلومات الغرب الذي يتنشـّق مقالك رائحة نعاله، وفي التمر الذي تتهكم عليه المواد السكرية البسيطة التي يمكن حقنها في الوريد تقريباً دون ضرر يذكر، وفي ثوان يرتفع نسبة السكر في الدم لينقذ الإنسان من موت محقق، وهو الغذاء الوحيد الذي لا يضر الطفل الوليد لو تحنّك به، التمر الذي تسخر منه فيه مركبات كيميائية مشابهه للمورفين الذي يخفف الألم ولذلك أمر الله السيدة مريم أن تتناوله أثناء المخاض quot; هزّي عليك بجذع النخلة تساقط رطباً جنياquot;. وللعلم فقط أنا لست بصدد إلقاء درس علوم أو طب على مسامعكم التي انشغلت بصغائر الأمور، عندما تهكمت على اختيار بعض الناس أسلوب الاعتراض على مقاطعة منتوجات بلد آخر. وللعلم كذلك أيها الفاضل المقاطعة هي أسلوب سلمي لا عنف فيه، أثبت نجاعته في تحرير الهند وإن كنت منشغلاً في ورق التواليت أكثر من ورق التاريخ عليك بالعودة إلى سيرة غاندي لتستعيد منها درس سجلته ذاكرة مرحلة كانت مقاطعة الملح والمنسوجات هي سبب رئيس في تحرير شبه القارة الهندية من الاستعمار البريطاني.
إذا كنت تبحث عن أسباب لعدم مقاطعتنا بلد آخر يجب أن يكون هذا السبب مبني على أسس إنسانية محضة ولا علاقة له بالتجارة والاستهلاك المادي، جميعنا نسعى إلى السلام والهدوء، وتقاسم الاستفادة من نتائج البحوث العلمية، والتمتع بعطاء الحضارات الأخرى من آداب وفنون.
للأسف الشديد مقالك يفوح برائحة عفنة.. وخصوصاً وأنك تهكمت على بعض مظاهر نعتز بها لأنها جزء من السنّة النبوية التي تصلح لكل زمان وكل مكان.. يا أبو quot; شقفةquot;... quot; ولا مؤاخذةquot;
أنصحك بأن تستر نفسك ببعض الإجابات المقنعة عن طرق أخرى تجمع بيننا وبين الآخر وخصوصاً أن من بينهم من يدافعون عن قضايانا، ويدينون العنف مثلنا. وفي النهاية أقول.. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا يا رب العالمين... وأختم بأمنية.. ليتنا لا نملك سوى القليل من التمر.. وبعض.. الكرامة.

إقبال التميمي