هل تمكنت السيدة رايز بعصاها السحرية أن تصحح آلاف الاخطاء التكتيكية

مثل الزيارات السابقة التي قام بها مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية متخفين ومتسللين كالصوص وبعد مرور ثلاث سنوات من نثر بذور الديمقراطية قامت السيدة كوندليزارايز بزيارة خاطفة للعراق لانقاذ العملية السياسية من الفشل والتي لم يبقى منها سوى الديكورحيث لو قمنا باستعراض مكونات هذة العملية بشكل سريع ابتداء من تشكيل مجلس الحكم ثم استنساخة بحكومة سميت بذات سيادة ومائة وثلاثون الف جندي امريكي على اراضيها، ثم الانتخابات الصورية التي تمخضت عنها الحكومة الانتقالية التي مارست القتل الجماعي للمدن الرافضة للاحتلال، ثم الحكومة التي باتت تعرف بحكومة البرتقالة النابعة من ثقافات العهر الامريكي التي زرعت العنف الطائفي والقتل الجماعي على اساس الهوية فضلا عن فرق الموت والسجون السرية وميليشيات الدرل والتصفيات الطائفية والعرقية، ثم الجولة الثانية من الانتخابات التي اعترض عليها اغلب المشاركين فيها وحتى المههلين لها ووشكك في نزاهتها ونزاهة مفوضيتها السامية اغلب المراقبين المستقلين والتي بقيت صناديقها قابعة في المنطقة الخضراء عدة شهور ليتم تصفيتها وتنقيتها حسب موازنات المحاصصات الطائفية والعرقية الى ان فاحت جيفة الازمة الوزارية التي ازكمت انف الرئيس بوش الصغير فبعث السيدة رايز ومعها العصى السحرية لتهش غربان العملية السياسية واعطاء التوجيهات لجميع القابعين في المنطقة الخضراء لانهاء الازمة ليتسنى اصلاح هيكلية هذا الديكورالمتهرئ وأضفاء مسحة تجميلية للعملية السياسية في العراق لتكون صورة المونليزا بدل الكوندليزا في إطار المشروع الأمريكي لإيهام العالم بجمالية الديمقراطية الأمريكية القادمة مع دبابات الاحتلال، فقد بات لايهم الادارة الامريكية من العراق سوى ديكور العملية السياسية. لقد جاءت السيدة رايز لتقوم بدور القابلة المأذونة لاجراء عملية قيصرية لولادة الحكومة العراقية المتعسرة حتى يكتمل الديكور وتنتصر الديمقراطية الامريكية على ايدي مجموعة من المتخلفين القادمين مع دباباتها لكي يقال ان امريكا قامت ببناء مؤسسات الدولة الديمقراطية التي لم يبان منها في حقيقة الامر سوى المؤسسات الامنية والتي غالبا ما يشيد بها القادة الامريكان باعتبارها البديل الاكيد للقوات المحتلة بعد اكمال مستلزمات تدريبها في الخمسين سنة القادمة لتكون اكثر نشاطا في مداهمة المدن الرافضة للاحتلال ومطاردة المقاومة الوطنية لتقتل وتقاتل نيابة عن المحتلين بدلا من المحافظة على حياة العراقيين وأمنهم وأموالهم فقد قامت تلك المؤسسات بمساندة ميليشيات الاحزاب الحكومية بقتل آلاف العراقيين ناهيك عن الدمار الشامل الذي طال المساكن والمساجد والأبنية الحكومية والمدارس والمستشفيات والمعالم الأثرية والدينية والتاريخية، لابد من سوأل السيدة رايز عن كيفية بناء ديمقراطية في العراق ومئات العلماء والاطباء والمهندسين والاكاديمين قد تم ذبحهم فضلا عن هروب الالوف من خيرة مثقفين البلد الى خارج الوطن، اي ديمقراطية تأتي مع الدبابات وتحول البلد الى كانتونات متناثرة والشعب الى مكونات طائفية وعرقية متناحرة والثروات الوطنية غنائم مباحة والدولة طوائف تهدد بالانفصال والمواطنين وما يملكون نهباً للجريمة المنظمة والبلاد مرتعاً لإرهاب المنتقمين وساحة مكشوفة لتصفية الحسابات، اي ديمقراطية ولا يرى العراقيون سوى الأفق المرعب للأحلام المريضة لملوك الطوائف وقادة الاحتلال يقتلون ويدمرون كما يشائون دون أن يجرأ اي مسؤول في البلاد أن يشير لهم ولو بطرفة عين أليس أمنهم الشخصي بيد هؤلاء المرتزقة كيف لا وانهم يحرسون المنطقة الخضراء.

واخيرا لا بد من تذكير السيدة رايز ان ما تقوم بة الادارة الامريكية ليس باخطاء تكتيكية وانما تخبط مثيرة للدهشة إذ لم تتمكن أضخم قوة إقتصادية وعسكرية وعلمية على وجه الأرض أن تستقرئ الواقع العراقي وتتفهم تاريخ هذا البلد فالعنجهية الأمريكية وقفت حائلا دون رؤية واضحة فأضحوا يتخبطون في أتخاذ القرار ونقيضه ويضربون العدوّ والصديق دون تمييز خصوصا بعد ان بلعت الولايات المتحدة الطعم وسلمت العراق لقمة سائغة الى ايران لانها لم تتمكن من استيعاب مدى تفوق الولاء المذهبي على الولاء السياسي مثلما بلعت قبلها طعم اقطاب المعارضة ذات الخمس نجوم اللذين ضحكوا على ذقون سادة البيت الابيض بتقارير وهمية لقاء اموال انفقوها على ملذاتهم في عواصم اوربا ولفقوا اكذوبة اسلحة الدمارالشامل فضلا عن اكذوبة استقبال القوات المحتلة بالزهور والرياحين فقادوا جيش الدولة العظمى الى مستنقع الهزيمة، فكان ثمن هذة الزهور والرياحين أكثر من 400 مليار دولار وآلاف القتلى من جنودها.

من المؤكد ياسمراء الخارجية الامريكية هذة ليست اخطاء تكتيكية وانما انتحار على عتبة مدينة اسمها بغداد.

طلال بركــات

[email protected]