حينما أستلم لاعبو السعودية، مكافأة فوز، بعد تفريطهم في فوز كان بتناولهم، مع فريق يفترض أنه في مستواهم أو كما تزعم بعض الصحافة أنه أقل، ونعني هنا الفريق التونسي، فهذا يعني أن عقلية الفوز لازالت أمرا بعيدا جدا، ويعني هذا كذلك أن اللاعب العربي، هو ليس لاعبا ماديا فقط، بل مادي بشكل غير منتج، ويعني كذلك أن اللوائح والقوانين لامعنى لها، لأنها يمكن أن تتغير بمزاج، أو تلغى أصلا.

وحينما تسجل تونس هدفا، من كرة مفاجئة، وتلبث في مناطقها حوالي ساعة كاملة، ثم يخرج المدرب، ويقول أنه كان ناجحا تكتيكيا حتى هدف التعادل الأسباني، فثمة خلل عميق في المفهوم، الذي نزرعه في اللاعب، نحن ببساطة نقول له، ولمن خلفه وبعده، قمة المطلوب ليس أن تفوز، بل أن تحصل على ما نرصده لك من جوائز، لو عاند الحظ زملاء راؤول لوجدنا الفريق التونسي نسور قرطاجية حقيقية، برغم أنهم حصلوا على ركنية واحد فقط مقابل 12 لأسبانيا.

فتصوروا نسرا، لا يخرج من مكمنه كيف سيصيد؟؟ بل يظل قابعا ينتظر من يأتيه بالكرة ليتفضل بتشتيتها، وقد أرتكب لاعبو تونس ضعف المخالفات التي أرتكبها لاعبو أسبانيا.

مشكلة الكرة العربية، ليست في الإمكانات فقط، ولا المواهب، المشكلة في عقلية الفوز، عقلية الفوز هي الشيء المهم الذي ينقص العرب، في آسيا تفوز السعودية والكويت والأمارات على كوريا ج، لكنهم في كأس العالم يبدون أقزاما أمام الكوريين ونتائجهم.

السر يكشفه غوس هيدينك إذ يقول: أنه اقترح على المنتخب الكوري عام 2002، أن يستريحوا في عطلة نهاية الأسبوع، فذعروا خوفا من الصحافة والرأي العام، وعلل هيدينك الأمر قائلا: أنهم يعتبروا محاربين، والمحارب لا يرتاح حتى ينجز المهمة، ولهذا فقط، كان أكثر ما وعدت به الحكومة، الإعفاء من الخدمة العسكرية الإلزامية، وهكذا تكون المكافأة من جنس العمل.

وهذا ما جعل فريقا كوريا، يتعادل مع حامل سابق للقب، ويفوز على التوغو، ويتوق الآن ليتأهل ربما، بعد أن لعب نصف نهائي المونديال السابق.

يرى العرب عدم فوزهم بكاس قارتهم كارثة وخيانة وطنية، لكن خيبتهم مع فرق مغمورة في المونديال، يعد أمرا مشرفا أحيانا، في عام 1998 سجل العرب بحروف من ذهب فوز المغرب على اسكتلندا، برغم أن المغرب صعد عام 1986 كأول مجموعته للدور الثاني وخسر مع ألمانيا بكرة ثابتة، وهذا مالم تفكر اسكتلندا حتى الساعة أن تصله.
لكن لاعبا اسكتلنديا بكى عام 1998 عندما خسر مع البرازيل 1-2، واستغرب معلق انجليزي، من سرعة طلب اللاعبين المغاربة لقمصان البرازيليين، بعد نهاية مباراة بفوز البرازيل 0-3.

الأمر يتعلق بالعقلية، ولأن المدربين الأجانب يجدون غاية المسئولين أسطورة اسمها (التمثيل المشرف)، فسيكون طبيعيا أن تلعب السعودية 14 مباراة ودية، ويسعد لاعبوها بمكأفاة الفوز بعد تعادل مع تونس.

أليس الأمر مضحكا بشكل كاف، ولهذا لا بأس من أن نتأهل مجددا، لنبحث عن تمثيل مشرف بمواصفات لا نعرف لها أساس، ومكافآت يأخذها من لا تشرف كرتهم بحال.

طارق القزيري

كاتب ليبي - هولندا
[email protected]