لا يخفى على الجميع من الشرفاء في العراق والعالم كله أن الجرائم البشعة التي اقترفها رئيس النظام السابق صدام حسين وأعوانه الكبار بحق العراق والشعب العراقي قد تجاوزت كل التصورات الانسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، إذ أنه قام بقتل العراقيين بطرق اجرامية مختلفة ربما يكون أقلها اجراما طريقة الاعدام شنقا حتى الموت فهناك جرائم أخرى قتل فيها وتسبب في عوق الآلاف من المواطنين من خلال حروبه مع دول الجوار ودفنه الآلاف من الأبرياء في مقابر جماعية حتى قبل موتهم ، وعدم تسليم جثامين الأبرياء الذين يعدمهم الى ذويهم ، وقتله العديد من الشخصيات السياسية والدينية من خلال توجيه كلاب جائعة لتفترسهم ، فضلا عن جرائم حلبجة والأنفال ، والتهجير ، وتجفيف الأهوار ، والتذويب في أحواض التيزاب ، ومثارم اللحم ، وقطع الأعضاء بالسيوف ، وهتك الأعراض ، ومصادرة أموال وممتلكات المواطنين وغيرها من الجرائم التي لايمكن حصرها وعدها ، أما في الجانب الاقتصادي فانه حول العراق من بلد نفطي من المفروض أن يشارالى غنى مواطنيه بالبنان اسوة بالبلدان النفطية بالعالم كله ، لاسيما دول الخليج المجاورة ،الى بلد يعد من أفقر بلدان العالم ، إذ أن المواطن فيه كان يعيش حالة فقر وعوز لا يمكن تصديقها اضطرته الى مغادرة البلد للبحث عن فرصة عيش أفضل في دول كان العراقي لا يفكر حتى في زيارتها حينما كان يسافر للترفيه عن نفسه . لقد حول هذا المجرم البلد النفطي الى بلد يعد من البلدان المديونة ، بل البلد الأكثر مديونية بالعالم كله .

بعد سقوطه وسقوط نظامه والقاء القبض عليه لم تنته معاناة العراقيين ، إذ استمر أزلامه باقتراف جرائمهم البشعة بعدما نقلوها من الزنازين والمعتقلات الى الشوارع والمطاعم والجوامع والأسواق الشعبية والمدارس والجامعات ، لذا طالب الشعب العراقي باعدامه لانهاء أحلام أنصاره من عودته الى الحكم مرة أخرى ، لذا كان لابد من اصدار قرار يساهم في انهاء هذه المعاناة . القرار هو القصاص من هذه الزمرة المجرمة .

العراق الجديد ، ومنذ سقوط النظام الدكتاتوري بدأ يسير في طريق الديمقراطية والحرية والعدالة بخطوات واثقة ومتأنية ،لذا فانه قرر احالة صدام وأعوانه الى القضاء العراقي وكانت البداية مع قضية الدجيل التي أعدم فيها النظام السابق ( 148 ) مواطنا ومواطنة وشيخا وطفلا من أهالي الدجيل ، فضلا عن تعذيبه واحتجازه العشرات من العوائل لأربعة أعوام في معتقلات المخابرات وسجن أبي غريب ومن ثم تهجيرهم الى صحراء السماوة ، وكذلك تجريف بساتينهم ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم .

جلسات المحاكمة استمرت مدة طويلة ، حسب رأي المواطن العراقي ، لكن القضاء العراقي أثبت بما لايقبل الشك أنه يسير بخطوات واثقة وثابتة من أجل تحقيق العدالة ، إذ أنه منح المتهمين من وجهة نظر المحكمة ( المجرمين من وجهة نظري الشخصية ) كامل الحرية في الدفاع عن أنفسهم ، بل أن المحكمة تسامحت في الكثير من الأحيان مع تجاوزاتهم واستهتاراتهم وتصرفاتهم العدوانية التي تدلل على روحيتهم الهمجية والاجرامية ، فضلا عن وجود فريق متكامل من المحامين المدافعين عنهم وبعضهم قدم من خارج العراق .

لقد وصلت المحاكمة الى جلساتها الأخيرة بعد الاستماع الى شهود الاثبات والمشتكين وشهود الدفاع الذين تأكد أن بعضهم قد شهد زورا ، أما القسم الآخر فان أغلبهم من ذيول النظام السابق أي من القتلة ( ضباط مخابرات ، ضباط وأفراد من حرس صدام الخاص ) ، فضلا عن متهمين ينتظرون محاكمتهم على جرائم أخرى مثل سبعاوي وطارق عزيز وغيرهم ، وبعد أن استمعت المحكمة الى مطالعة وكلاء الحق الشخصي ، فضلا عن مطالعة جعفر الموسوي رئيس هيئة الادعاء العام التي طلب فيها انزال عقوبة الاعدام بالرئيس المخلوع صدام حسين وأخيه برزان التكريتي وطه ياسين رمضان .

لا شك أن اصدار حكم الاعدام وتنفيذه بالمجرم صدام حسين وأعوانه الكبار بأسرع وقت ممكن سيشفي غليل الآلاف من الأمهات العراقيات اللواتي قتل صدام أولادهم وهم في زهرة شبابهم ، وسيضمد جراح قلوب الآلاف من الآباء العراقيين وسيرد الاعتبار لاخواتهم واخوانهم وأهلهم جميعا .

لا شك أننا انتظرنا وصبرنا طويلا ، لكن انتظارنا لن يطول وكلنا أمل في أن تحقق عدالة القضاء العراقي أمنية الملايين من العراقيين ومعهم الملايين من الشرفاء في العالم ، هؤلاء الذين ينتظرون بفارغ الصبر قرار الحكم باعدام هؤلاء المجرمين ، القتلة .

نحن هنا حينما نطالب باعدام صدام لا نبتغي الضغط أو التأثير على هيئة المحكمة ، بل أننا نريد أن نوصل صوتنا وهو الصوت الذي أعلن عنه رئيس هيئة الادعاء العام في المحكمة .. هو صوت الشعب الذي ابتلى بهذه الزمرة المجرمة وقد حان موعد القصاص منه لتحقيق العدالة السماوية .

طارق الحارس

[email protected]