((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)) (صحيح مسلم، 4: 2239)

حين كان الحكام العرب ينددون ويشجبون مسلسلات الإجرام الصهيوني التي لا تنتهي، ولا يفعلون سوى ذلك الاعتراض الصوتي، كانت الشعوب العربية تمور غضباً وثورة على حكوماتها.

كنا نظن أننا في زمن الرداءة العربية، فأي خذلان أكبر من أن يكون تكاتف الأخوة مع أخيهم المذبوح عن طريق اللسان (المرتعش خوفاً وهو يندد) فقط.

لم نكن نتصور ذلك الوقت أن ترينا السنوات القادمة بعضاً من المفكرين والمنظرين والكتّاب العرب الذين راحوا ينددون ويشجبون الشعوب والمقاومات الطاهرة بدلاً من شجب العدو المتوحش.

عور فكري أم أخلاقي:

انتشر هذه الأيام في القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والصحف المختلفة، مفكرون لا يرون الحرب الطاحنة التي تدور الآن بين مقاومة مقدسة وعدو مغتصب إلا من جبهة واحدة، وهي جبهة المقاومة... لا يرون إلا الضحية والمظلوم...

مفكرون عرب (ويا للخزي بعضهم مسلم أو على الأقل يزعم ذلك) يرون أن حزب الله هو الذي تورط وورط معه لبنان والمنطقة في مغامرة طائشة خدمة لأهداف إقليمية (سورية إيرانية).

مفكرون لا يمكنهم إلا ممارسة (العمى الإرادي والغبي طبعاً) عن الأسرى اللبنانيين، وعن مزارع شبعا المدنسة والمحتلة، وعن الانتهاكات المستمرة لفضاءات لبنان، وعن الممارسات القذرة المفضوحة منذ فترة للموساد الإسرائيلي وعملائه في الأراضي اللبنانية...

ونعود لنذكر القارئ العزيز بالحديث النبوي الشريف الذي بدأت به هذه المقالة:
((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود))

إن هؤلاء المفكرين الذين يهاجمون المقاومة هم كشجر الغرقد، بل أسوأ حيث سيصمت شجر الغرقد يوم المعركة الكبرى مع إسرائيل وسيتواطأ بصمته مع اليهود...

لكن هؤلاء المفكرون (الغرقديون) أكثر سوءاً من شجر الغرقد، حيث لا يكتفون بتغطية إسرائيل والتواطؤ معها، بل يقومون بشن غارات (وهمية) صباح مساء على تلك المقاومة، لكن غاراتهم تلك كفقاعات الصابون وكالزبد لا تقوم إلا بفضحهم أمام الرأي العام وأمام الشعوب التي لن ترحمهم في نهاية المطاف.

وإن كنا قد سمعنا منذ زمن طويل أن اليهود يقومون بزراعة شجر الغرقد في الأراضي المحتلة كي يسترهم من المسلمين، فلا بد أن اليهود قد قاموا بزراعة كثير من المفكرين الغرقديين في أرضنا، وها هي إسرائيل تحتاجهم بشدة في أيامها العصبية هذه.

ولله الأمر من قبل ومن بعد

علاء الدين الحلبي
مسلم من بلاد الله الواسعة
[email protected]