quot;لا يجوز نصرة هذا الحزب الرافضي، ولا يجوز الانضواء تحت إمرتهم، ولا يجوز الدعاء لهم بالنصر والتمكين.. ونصيحتنا لأهل السنة أن يتبرؤوا منهم، وأن يخذلوا من ينضموا إليهم، وأن يبينوا عداوتهم للإسلام والمسلمين، وضررهم قديماً وحديثاً على أهل السنة.
الشيخ السعودي : عبدالله بن جبرين ( من هيئة كبار العلماء)*

لاتحتاج البتة لملصق دعائي يصفع ناظريك، ولا صرخة في أذنك لتتحقق من الأزمة التي وجد فيها الإسلام السني نفسه، بعد (12يوليو)، وهو حرج لا يختلف عنه كثيرا، حرج الإسلام الشيعي من مواقف طائفته في العراق.
و إذا كانت المواقع والمنتديات السنية (الجهادية)، قد أفرغت جعبتها محاولة بيان صلة اليهود بالشيعة، تاريخيا وواقعيا، حتى وصلت إلى الجهر بالدعاء :اللهم عليك بالشيعة واليهود (موقع الساحات مثالا)، فإن قادة الجهاد السني والمتمثل في القاعدة بالأساس، كانوا يشعرون بالحرج بصفة أكبر من غيرهم، فلا أقل من أنهم يقتلون المدنيين وغيرهم في العراق، والشيعة يدكون الإسرائيليين بالصواريخ في حيفا.

ومن هنا جاء خطاب الشيخ الدكتور الظواهري الذي تم بثه يوم أمس، وللتدليل على كون خطاب الظواهري، لم يكن إلا تحت وطأة الحرج الذي كان يعتقد أن حزب الله الشيعي في لبنان قد سكبه على حكام العرب فقط أمام شعوبهم، فإذا به ينال حتى من التنظيم الأكثر دعاية بأنه المدافع عن بيضة الإسلام، للتدليل على ذلك يمكن التذكير بالتالي:
لم يذكر السيد الظواهري حزب الله مطلقا، كما لم يذكر حماس، برغم حديثه عن فلسطين، ونزيد أنه لم يدع بشكل واضح إلى الوقوف مع المقاومة في الأراضي المحتلة بل كانت دعوته للجهاد مفتوحة ولغير جهة ما، ومعلوم أن حركة حماس في الشهر الماضية، قد تخلت عن القاعدة، بل وانتقدتها، حينما حاول الشيخ الظواهري نفسه، انتقاد الحركة، والإخوان المسلمين في مصر بعد دخولهم للعملية السياسية الديمقراطية، وتاريخ الصدام بين الإخوان وجماعة الظواهري معلوم بوضوح.
وتخلّي (حماس) عن القاعدة، بدا مختلفا عن موقفها من القاعدة غداة، أحداث 11 سبتمبر، وحديث القاعدة والشيخ بن لادن، عن الربط بين الأمن في أمريكا وفلسطين كشرط تلازمي، ولا يحتاج الأمر إلى أنه بنفس القدر الذي تحاول به حماس ( ربما محقة) سحب نفسها من زاوية القاعدة، فإن القاعدة نفسها، لم تعد مستعدة لتزكية من لا يعلن بوضوح وقوفه معها، وهكذا فإهمال ذكر حزب الله، الذي لا يحارب في لبنان إلا هو، أمر طبيعي.
لا شك أن إدعاء حزب الله أنه يقود معركة الأمة، وأن خسارته خسارة للأمة شاءت أم أبت، لن يكن مستساغا للقاعدة والسلفية بمختلف اتجاهاتها، ولكن القاعدة كانت أكثر تحفظا في موقفها السلبي من حزب الله عن السلفية التقليدية في الخليج والسعودية خاصة، وهكذا أراد الظواهري، الترويج بدليل عكسي للقاعدة، فقال: أن ما يجري في لبنان وفلسطين دليلا على أهمية العراق وأفغانستان، و(وبالتالي أهمية تنظيمه المحارب هناك)، هذا البيان لا يمكن دعمه بهجوم على الشيعة فتم تجاهلهم أساسا، الظواهري يؤكد لنا أن المهم الآن هو العراق وأفغانستان، لذا يجب الاهتمام بهما، لنطرد الأمريكان منهما، ثم نزحف سوية على فلسطين وما حولها، ويكون النصر العظيم بإذن الله، والمحصلة الوحيدة، أن القاعدة إن لم تكن في مهمة أفضل، فهي في مهمة فاضلة على كل حال، وليس حزب الله الشيعي فقط الذي يقاتل من أجل الأمة
و إذا كان خطاب الظواهري يحوي قيمة خطابية جديدة فهي: دعوته الأممية (للمستضعفين في الأرض)، وهي بقدر ما تذكرنا بخطاب اليسار (الذي غاب إلا قليلا)، فهي كذلك تكمل المشهد، فسابقة الدعوة الأممية والإنسانية، من تنظيم يقوم فكره على مفاهيم حدية كدار الحرب والكفر والإسلام والعدوان ، والحاكمية، الخ ... لا تبدو ممكنة إلا بأن هذا الخطاب سيكون مولجاً للشيعة، الذين لا يمكن دخولهم ضمن المسلمين (إيديولوجيا)، فيمكن هنا اعتبارهم ضمن معادلة شمولية المعركة وشمولية المواجهة، مثلهم مثل فنزويلا.
أما السؤال عن لماذا التخوف من الشيعة؟؟ فلاشك أن الماضي التليد بين المذهبين، ومنطق (الطائفة المنصورة) لديهما، يجعلان اللقاء أكثر صعوبة، ويجعلان الخوف من فقد الأرضية الجماهيرية، في حال التصريح بالهجوم على الشيعة مثلا، من الشعوب التي تعلقت بحزب الله، أو فقدان الرصيد السلفي في حال التصريح بدعم حزب الله، ناهيك عن الخسارة الضمنية للقاعدة نفسها، أمام (الروافض) وهم الذين يذبحون (النواصب في العراق).
يبقى القول أن موقف حزب الله نفسه المرن من هذه القضية، لا يفسره سماحة فكرية في عقيدة الحزب وطائفته، بل الأرجح أن طبيعة لبنان الإختلافية، والمراس السياسي للحزب أكسبه بعدا في الخبرة للتعامل مع الفرقاء، يوفره الجو السياسي التنافسي بالتأكيد، ولاحظ الفرق بين الخطاب المسيحي في مصر الغارقة في ديكتاتوريتها على كافة الأصعدة والمسيحي في لبنان الديمقراطية الأفضل في الشرق، لتدرك ببساطة أن الأمر لا يتعلق بتراث ولا نصوص، بل هو الوعي التاريخي فقط. ومن هنا فمقولة (حسن نصر الله) أن الحرب قرّبت بين الشيعة والسنة، فهو يقصد بالطبع في اتجاه الشيعة، وهذا أمر مقلق للطائفة الأخرى ولذا قال أحد السلفيين الذي يبدو أنه يعتبر (إسرائيل أخطر من الروافض) ولو على مضض، حتى ييسر الله من يعيد الأمور لنصابها!!! :
quot;فو الله إنك تستحق الاحترام يا نصر الله، رغم أننا نعرف ماذا يعني كونك رافضي.. ورغم معرفتنا لعدائكم لأهل السنة أظهرهم الله و يسر لهم من يرد لهم كرامته.quot; سي إن إن بالعربي عن منتدى سلفي).

وهكذا يدفع الجميع ثمن ماضي كراهية تواطؤا عليه تاريخا مديدا جدا..... ولا عزاء للوطن !!

مع شديد أسفي إذا أرفع صوتي فوق صوت المعركة.

طارق القزيري
كاتب ليبي - هولندا
[email protected]