خلال الأشهر القليلة الماضية تم قتل مجموعة من الرياضيين العراقيين، وأختطف منتخب التايكواندو للناشئين في محافظة الأنبار حينما كان في طريقه الى الأردن للمشاركة في بطولة عربية، بعدها أختطف رئيس اللجنة الأولمبية وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي للجنة أثناء اجتماع عقد في العاصمة بغداد، أعقب ذلك الاختطاف قتل مجموعة من لاعبي كرة القدم في ساحة شعبية في حي العامل في بغداد، أما آخر الجرائم التي تعرضت لها الرياضة العراقية فهي التهديدات التي طالت المدير الفني للمنتخب الوطني أكرم سلمان ومساعده رحيم حميد، إذ تم تهديدهما وعائلتيهما بالقتل في حالة عدم تقديم استقالتهما من تدريب المنتخب الوطني، أعقبه التهديد الذي تلقاه المدرب يحيى علوان المدير الفني للمنتخب الأولمبي العراقي، ذلك التهديد الذي اضطره الى السفر وعائلته الى الأردن.

رفض الاتحاد العراقي لكرة القدم الاستقالات التي تقدم بها أكرم ويحيى ورحيم، لكنه اضطر الى نقل تدريبات المنتخبات الوطنية الى اقليم كردستان الأكثر أمنا من العاصمة بغداد، إذ لم يرجع منتخبنا الى بغداد بعد انتهاء معسكره التدريبي الذي قضاه في سوريا والأردن، بل حطت طائرته في مطار أربيل ليغادر من هناك الى الأردن مباشرة ليخوض مباراة تجريبية أخرى مع المنتخب الأردني قبل خوضه المباراة الرسمية أمام المنتخب الفلسطيني ضمن بطولة آسيا، أما المنتخب الأولمبي الذي سيمثل العراق في دورة الألعاب الآسيوية التي ستقام في قطر فقد قرر الاتحاد نقل تدريباته الى اقليم كردستان أيضا، لكن التهديد لا زال قائما فالاتحاد بخطوته هذه قد تمكن من تأجيل تنفيذ التهديد ولم يحل المشكلة نهائيا.

السؤال هو : مَن هي الجهة التي تقف وراء جرائم قتل الرياضيين واختطافهم وتهديدهم وتهديد عوائلهم؟

نجزم أن البعثيين والتكفيريين الذي يقتلون أبناء الشعب العراقي كل يوم في الشوارع والجوامع والمطاعم والأسواق الشعبية وغيرها هم مَن يقف وراء الجرائم التي تعرض لها قطاع الرياضة بالعراق خلال الشهر الماضية لأنهم انتبهوا مؤخرا الى حقيقة الدور الفعال الذي لعبه هذا القطاع الحيوي المهم في بناء العراق الجديد، وما الانجازات التي حققها هذا القطاع خلال المدة القصيرة التي تلت سقوط النظام الا الدليل القاطع على أن أهله الذين ابتعدوا عن جميع الأمراض السياسية والطائفية التي تعاني منها القطاعات الأخرى قد رفعوا شعار البناء ومواصلة الحياة بالرغم من الصعوبات الحقيقية التي يواجهونها خلال ممارسة نشاطاتهم.

نحن هنا لا نطالب الحكومة العراقية بحماية الرياضيين العراقيين فلقد طالبنا بذلك مرارا وتكرارا، لكن هذه الحكومة أثبتت أنها قادرة على حماية نفسها فقط وأهم أساليب هذه الحماية هو عدم الخروج من المنطقة الخضراء الا للسفر خارج العراق. أيضا لا نطالب أكرم سلمان ورحيم حميد ويحيى علوان أو غيرهم من المدربين أن يضحوا بحياتهم وحياة عوائلهم من أجل العراق بهذه الطريقة، إذ أننا نعرف الطريقة التي يضحي بها هؤلاء من أجل خدمة العراق والرياضة العراقية، إذ أنهم يبذلون قضارى جهدهم داخل الملعب من أجل تحقيق انجازات رياضية ترفع من شأن العراق في المحافل الدولية، لكننا نضع هذه الصورة أمام المتربصين لهم، هؤلاء الذين يطالبونهم بتحقيق انجازات دون النظر الى الظروف التدريبية، والحياتية الصعبة التي يعيشونها.

لقد تمكن هؤلاء المدربون الأبطال من انتشال الكرة العراقية من واقعها المرير بالرغم من الظروف الصعبة المتمثلة في عدم وجود أبسط المستلزمات التدريبية وحققوا بعض الانجازات الكبيرة ونتمنى أن يحفظهم الله من شرور أعداء العراق وشعبه.

طارق الحارس

[email protected]