المطالبة اليوم بما يسمى quot; حكومة إتحاد وطني quot; في لبنان إنما هي أمر عمليات صادر عن طغمة المخابرات الحاكمة في الشام فأخذت به مختلف العناصر الموالية لها بدءاً بحزب الله والتيار العوني مروراً بما سمي ب quot; اللقاء الوطني quot; الذي يضم عمر كرامي وسليمان فرنجية وألبير منصور وانتهاءً ببعض الهيئات والشخصيات المفضوحة كالحزب القومي السوري وحزب البعث وحزب زاهر الخطيب وحزب الامير أرسلان ووئام وهاب وناصر قنديل وإميل لحود. لم تكتف المخابرات السورية بالدور السلبي الذي يقوم به وزيرا حزب الله في الحكومة بل تريد أن يدخل الحكومة جماعة عمر كرامي ليعطلوا سياسات تيار المستقبل والتيار العوني وتيار المردة ليعطلا سياسات حزب القوات اللبنانية والكتائب وجماعة القرنة. المخابرات السورية تتصور أنه بإمكانها أن تشكل حكومة في لبنان يجلس الوزراء الموالون لها على أحد جانبي المائدة المستطيلة فيعطلوا جميع سياسات الجهة المقابلة التي تجلس عليها أحزاب وتيارات الرابع عشر من آذار وبذلك يكون لدى لبنان حكومة quot; الشقاق اللاوطني quot; بدلاً من quot; الإتحاد الوطني quot; فيخرب لبنان الخراب الذي توعد به إبن أبيه، بشار الأسد.

تجرّؤ أزلام سوريا الأسد على حكومة السنيورة لا يثير الشفقة بمقدار ما يثير الضحك ؛ ذلك ليس لأن العالم، كل العالم، شهد بكفاءة وجدارة هذه الحكومة بل لأن الجنرال عون الذي يقود سرية من المترزقين، كيلا أقول المرتزقة، خاطب الرئيس السنيورة بالقول.. quot; متى ما أقرر أنا ترحل أنت وسريعاً قبل أن تلملم أغراضك quot; وفي مثل هذا الخطاب البونابرتي إهانة للشعب اللبناني وازدراء للدستور، خطاب ينتمي إلى القرن التاسع عشر وما قبله. أين يظن هذا الجنرال المتقاعد بعد هروبه من المعركة، أين يظن نفسه يمارس السياسة ؟؟ ما يثير الضحك حقاً هو شعور الجنرال بحاجته لخطاب بونابرتي كي يضمن إصطفاف رجال كعمر كرامي وسليم الحص وأحزاب مثل الحزب الشيوعي خلفه ؛ إذ بدون مثل هذا الخطاب الآمر الحازم يخشى الجنرال ألا يرى خلفه أكثر من سليمان فرنجية وطلال أرسلان ووئام وهاب وفيصل الداؤود وهؤلاء مفضوحون وليسوا ذخراً لمعركته.

باستثناء حسن نصرالله المرتبط إيديولوجياً وبرنامجياً وحتى مالياً بنظام ولاية الفقيه الفارسي فإن معارضة كل الآخرين لحكومة السنيوره تنطلق من منطلقين متمايزين.. منطلق سياسي يقول بتبني سياسة مغايرة لسياسة 14 آذار وخاصة مع quot; الشقيقة quot; سوريا حتى وإن كانت هي من اغتال الرئيس رفيق الحريري وأدى ذلك إلى تناسي حقيقة من اغتاله، وينطلق من هذا المنطلق سليم الحص وحواريوه وعمر كرامي بدون ألبير منصور وكذلك الحزب الشيوعي بلا إصلاحييه وكتلة منير بركات، ويطفو على سطح هذا التيار زبد القومجية الذاهب فجاءً.

وغير هؤلاء القوم من المعارضة ثمة أشخاص ليس لديهم أي برنامج سياسي إنما يعملون على الإنقلاب على الحكومة حتى ولو أدى ذلك إلى خراب لبنان بل قد يكون الخراب هو المطلوب بمقدار ما يكسبهم رضا بشار الأسد. هؤلاء يملؤهم الحقد على شعب الرابع عشر من آذار وقد تركهم بلا وظيفة يسترزقون منها وتضفي عليهم سيماء الوجاهة. يضاف إلى ذلك أن الدروز منهم مثل المير طلال ووئام وهاب وفيصل الداؤود يحقدون على وليد جنبلاط شخصياً في أي موقع كان ولذات الأسباب التي لدى شيخهم بهجت غيث. ويزيد سليمان فرنجيه على هؤلاء سعيه الحثيث لأن يجعل من لبنان محافظة سورية يتم تعيينه محافظاً لها بمرسوم رئاسي صادر عن صديقه بشار الأسد.

نعم هكذا هي البورجوازية الوضيعة دائماً والتي لم يكتشف بعد الفكر السياسي وحتى الفكر الماركسي مدى وضاعتها. وضيعة لدرجة أن تحرق بيدر الأمة كي تولع سيجارة !!!

عبد الغني مصطفى