بعد ان انقصى امس الموعد الاخير الذي حدده مجلس الامن لايران للالتزام بوقف کافة انشطتها لتخصيب اليورانيوم، بات لم يعد امامنا الا ان نترقب خبر الضربة التي ستسدد في اية لحظة لايران، لابقرار من مجلس الامن ولا من قبل الولايات المتحدة الامريکية، بل من قبل اسرائيل التي باتت تمتلك کل اسبابها الذاتية والموضوعية للقيام بالمهمة. فالحصاد المر للحرب الاخيرة في لبنان وتصريحات احمدي نجاد بشان وجود اسرائيل وتقدم ايران المستمر على حساب الاستراتيجية الامريکية في المنطقة واخيرا تحديها النووي هي امور کافية لتشکل غطاءا لهذه المهمة وهي لن تکون بحال من الاحوال جديدة على اسرائيل ونحن نتذکرتدميرها لمفاعل تموز النووي في بغداد عام 1981.


فآثار الحرب الاخيرة في لبنان لم تکن کارثية على لبنان فقط، بل کانت ايضا کذلك بالنسبة للقيادة السياسية في اسرائيل التي تعاني من تدني شعبيتها بشکل کبير وسط تعالي الاصوات کل يوم لاجل تشکيل لجان التحقيق حول ادائها السيء في ادارة الحرب ضد حزب الله. فهي لم تحقق اسبابها المعلنة في تحرير الاسيرين الاسرائيليين ولا القضاء على حزب الله او نزع سلاحه. ويرى الکثير من الاسرائيليين بان مقاتلي حزب الله قد وجهوا ضربة کبيرة الى صورة الجيش الاسرائيل الذي لطالما حرصوا على اظهاره بانه الجيش الذي لايقهر، هذا ناهيك عن الوضع الحرج الذي حشرت اسرائيل نفسها فيه بسبب الدمار الکبير الذي الحقته بلبنان بشريا وماديا الامر الذي سبب لها انتقدات کبيرة وکثيرة من کل حدب وصوب. اذن وسط کل هذا الحرج السياسي لابد لساسة اسرئيل الجوء الى مخرج لهذه الازمة على امل تحويل خيبتهم في لبنان الى نصر هم في امس الحاجة اليه اکثر من اي وقت مضى. ولا يمکن لهذا المخرج الا ان يکون بتوجيه ضربة لايران راعية حزب الله. و رغم ان هذا السيناريو لم يکن في يوم من الايام مستبعدا وان ساسة اسرئيل انفسهم يلوحون الى ذلك بين الفينة والاخرى، فان ترجمة هذا السيناريو الى فعل بات امرا لا مناص منه و ربما قريبا جدا.
ولاقدام اسرائيل على عملية عسکرية من هذا النوع عليها التسلح بامرين هامين وحاسمين الا وهما الضوء الاخضر من الادارة الامريکية و تاييد الشارع الاسرائيلي لذلك.


و توجيه ضربة استباقية لايران، بغض النظر عن حجم مثل هذه الضربة، باتت هي ايضا ضرورة لامريکا التي لايمکنها القبول بالتعنت والتحدي الايرانيين الى مالانهاية فيما يتعلق بالانشطة النووية وبالتالي ان تقبل بان تذل من قبل احدى دول محور الشر، التي اذلت بالامس القريب وکيلتها وقرة عينها اسرائيل على يد وکيلها في لبنان حزب الله. فايران تستنزف الامريکيين في العراق کل يوم وکل ساعة سياسيا واقتصاديا وامنيا من خلال تدخلها في الکثير من عظائم الامور وصغائرها عبر وکلائها الکثيرين من بين شيعة العراق. وهي تعتبر القوات الامريکية بمثابة رهائن عندها، کماجاء ذلك على لسان وزير الدفاع علي شمخاني وغيره.وهاهي اليوم تتحدى المساعي الدولية والامريکية لايقاف انشطتها النووية وقد ردت عليهم امس وبصوت عال اني ماضية فيما اريد وquot; روحوا بلطوا البحرquot;..! اذن امام مثل هذا التحدي من ايران للسياسة الامريکية وفي ظل التدني الفاضح لشعبية الرئيس بوش وصعوبة اتخاذ قرار التعامل المباشر مع ايران بسبب التعقيدات التي افرزتها الحرب في العراق لايسع ادارة بوش الا اعطاء الضوء الاخضر لاسرائيل للقيام بالمهمة ومبارکتها.


اما بالنسبة للداخل الاسرائيلي فلا حاجة لقادة اسرائيل بذل عناء کبير لحشد الرأي العام لتوجيه الضربة لايران، کون الرئيس الايراني احمدي نجاد قد قام بالمهمة مشکورا و على اکمل وجه، وذلك بفضل تصريحاته النارية ضد وسرائيل و وجود دولة اسرائيل، حيث بات من الصعب العثور على اي اسرائيلي لايعتبر دولة ايران کدولة عدوة تشکل خطرا على وجود اسرائيل، لاسيما وان ايران هي التي صنعت وسلحت ودعمت حزب الله وهي التي زودته بالاسلحة التي قصف بها مدنها لاول مرة.


اذن وحسب ابجديات السياسات الاسرائيلية وکذلك الامريکية وحسب ما يلوح به البعض من سياسييهم فان اقدام اسرائيل على عملية عسکرية جوية ضد اهداف منتخبة في ايران باتت تحتمها الضرورة لکل من امريکا واسرائيل على حد سواء، وان العالم بات قاب قوسين او ادنى من هذا الامر. وفي حال عدم حصول ذلك فيسکون بامکاننا عندها ان نقول بان ساسة اسرائيل والادارة الامريکية قد قرروا وبقدرة قادران يتحولوا من صقور العالم الى حمائمه، وهو امر لايمکن الا ان يکون مستبعدا لما سيشکله ذلك من انحسارا لمصالحهم وافول لاستراتيجياتهم.

آسوس جمال قادر
[email protected]