بعد تحسن الوضع الأمني في العراق، خاصة في بغداد، ولأهمية المرحلة التي يمر بها ، بعد حصول خطوات عملية برزت الى الوجود بفعل اتفاق الكتل والكيانات السياسية للأطراف العراقية على الدستور الدائم وموافقة الشعب عليه من خلال استفتاء عام والمصادقة عليه، وتشكيل الحكومة من الكتل البرلمانية الفائزة في الانتخابات، وتبني عمليات أمنية كبيرة لتحشين الوضع وتأمين بعض الاستقرار على في الميدان، كل هذه الخطوات شكلت مكاسب بناءة على طريق مسيرة النهوض بالعراق الجديد، لوضع مسار صحيح وصائب للعمل الوطني العراقي للوصول الى حالة الأمان والاستقرار الأمني والازدهار الاقتصادي التي ينشدها كل عراقي بأمل عريض وحب كبير.


وبفعل المسؤولية السياسية الملقاة على كل الأطراف السياسية العراقية في هذه المرحلة التاريخية، فإن أداء الدور الوطني المطلوب من الجميع بمسؤولية عالية، تشكل قاعدة رئيسية لإرساء نظام حكم وطني قادر على تلبية المطالب الحياتية والاحتياجات الأساسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية للعراقيين، ولا شك ان بعض الأطراف قد برهنت حتى الآن من خلال جهود سياسية على بذل إصرار كبير للتوصل الى اتفاق وطني يخدم العراق لبناء مستقبل زاهر على المدى القريب والبعيد وفق منظور مستقبلي لإعداد بناء الوطن على أسس وثوابت وطنية منطلقة من الإيمان الكامل بحقوق وكرامة الانسان، وحرية الاختيار للفرد والمجتمع، وفق قوانين مستندة الى الدستور تؤمن حياة حرة كريمة لجميع أفراد الشعب تحت خيمة الفيدرالية العراقية، لإدامة وتشكيل حكومات وطنية وفق منظور معاصر لبنيان الدولة الحديثة لتلبية رغبات وتطلعات العراقيين.


ولكي يبقى الأمل المرسوم أمام جميع أفراد المجتمع العراقي مضمونا، ويبقى الرجاء مامولا بالتحقيق، فان احتواء مسودة الدستور على مجموعة ثوابت حقوقية أساسية للمواطنة العراقية والإقرار بها وتحويلها الى حيز الواقع ستخدم العراقيين على مدى المنظور القريب والبعيد لتأمين مستقبل مضمون للحاضر والأجيال القادمة للشعب، وفي ظل الأعمال التي أدتها الحكومة برئاسة المالكي، فان ضمان تحقيق الثوابت الأساسية للمواطنة في نهج العمل الوطني للدستور لا تزال لا شكل أرضية صلبة ودعامة أساسية للبناء والتقدم من منطلق رؤية مؤسساتية معاصرة قادرة على احتضان كل الخصوصيات الوطنية للعراقيين لتحقيق آمالهم في مواطنة حقيقية منعمة بحياة ضامنة، علما أن ثوابت حقوق المواطنة الأساسية هي حقوق شرعية تخص الجميع دون تمييز او تفريق، وهي بمثابة حقوق عامة، يلزم الواجب الوطني الإقرار بها وتحقيقها وفق الإطار الدستوري لعمل الحكومة، لضمان بيئة حياتية مناسبة للمواطنين، والحقوق الأساسية في الصحة والتعليم والسكن والعمل والعدالة الاجتماعية هي من أهم هذه الحقوق. وضمن هذا الإطار فإن استحقاقات المواطنة العراقية على الحكومة ومجلس النواب والرئاسة لا زالت بعيدة عن الواقع وبعيدة عن تحقيق أي أمل بالتغيير والتحسين في حياة المواطن العراقي، وهذه الاستحقاقات نطرحها ونذكر بها الحكومة لكي تعمل بجدية على البدء بتحقيقها رغم مضي فترة مناسبة على تشكيلها، وهي:
bull;تثبيت مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدستور، وتعديل القوانين والأنظمة التي لا تتماشى مع هذا المبدأ، لتشكل انطلاقة مميزة لتساوي مبدأ المساواة في المجتمع العراقي.
bull;الإقرار بإعداد قوانين ولوائح وآليات لإبعاد شبح تأسيس الأنظمة الدينية في العراق حاضرا ومستقبلا، والإقرار بتعدد المصادر للتشريع وفق الواقع الديني التعددي للمجتمع، وتحريم تأسيس الحركات والأحزاب على أساس ديني كما هو وارد في الدستور، وهذا سيشكل ستارا واقيا للعراق الجديد وبناءه على أسس متينة بعيدة عن المشاكل والأزمات والعواصف الدينية والطائفية.
bull;تحويل مفردات الحقوق الأساسية الواردة في لائحة حقوق الانسان المدنية والسياسية وفق الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة بشأن الحقوق المدنية والسياسية وفي الدستور الى حيز الواقع والعمل، ليشكل ركنا أساسيا متينا لبناء الدولة على اركان احترام حقوق الانسان.
bull;تحويل مفردات الحقوق الأساسية الواردة في لائحة حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفق الاتفاقية الدولية للأمم المتحدة بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي الدستور العراقي، ليشكل ركنا جوهريا لبناء الدولة على اركان احترام الحقوق الاقتصادية للإنسان لتأمين حياة لائقة بالعراقيين.
bull;تثبيت حقوق مادية لكل مواطن عراقي للاستفادة المباشرة من موارد الثروات الطبيعية للبلاد، وذلك وفق نظام معين يؤمن لكل مواطن حقا دستوريا على مستوى الدولة العراقية لتأمين حصة معينة من نسبة الدخل العام للمواطنين.
bull;تثبيت الحقوق الأساسية للمرأة، واعتبار مهمة المرأة أساسية في المجتمع في البيت والعمل الوظيفي للحكومة العراقية، وإقرار هذا الحق للمرأة العراقية كمبدأ عام للدولة.
bull;الإقرار بضمان توفير السكن المناسب من قبل الدولة لكل عائلة عراقية، وتوفير أسباب البيئة المناسبة دستوريا للمعيشة اللائقة، ليشكل حقا عاما للمواطن على الدولة العراقية التي تملك من موارد وإمكانيات مالية عائلة لضمان تحقيق هذا الهدف.
bull;تثبيت نظام تربوي جديد على صعيد التربية والتعليم ، لغرس ثقافة اللاعنف والتسامح، وإزالة ثقافة العنف والكراهية وعسكرة المجتمع التي بقيت آثارها نتيجة السياسات العنصرية والشوفينية للأنظمة الحكومية العراقية السابقة.
bull;الإقرار بنظام برنامج وطني شامل باسم الصحة للجميع من قبل الدولة العراقية، يتكفل بتوفير الرعاية الصحية لكل مواطن، وتثبيت الحقوق الصحية للمواطن العراقي وفق ما جاء في الدستور.
bull;تثبيت نظام رعاية خاصة بالأطفال، في البيت والروضة والمدرسة، وإقرار حقوق الطفل الأساسية وفق الميثاق الدولي للأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل، ضمن برنامج وطني شامل لرعاية الطفولة من قبل الحكومة، وتثبيت هذه الحقوق بآليات وبرامج وطنية عملية مدروسة للخروج منها بنتائج سليمة.
bull;توفير تسهيلات اقتصادية بصيغة القروض الحكومية والأهلية للموظفين والمواطنين، خاصة المرأة منهم، لتأسيس مشاريع صغيرة لضمان مصدر مضمون للدخل الفردي على مستوى المواطنين.
bull;توفير تسهيلات وقروض مصرفية حكومية وأهلية غير مكلفة بأقساط مريحة للمواطنين بصورة عامة لتأمين سيارة لكل عائلة وتجهيزات وأجهزة لكل أسرة عراقية.
bull;توفير تسهيلات مالية حكومية على شكل ديون طويلة الأجل لكل طالب عراقي على مستوى الإعداديات والكليات والدراسات العليا لضمان إكمال الدراسة بعيدا عن الأزمات المالية والمعيشية التي يعانون منها الطلاب.
هذه الثوابت التي اقرت الكثير منها في الدستور العراقي الدائم، تشكل حلقات وطنية اساسية لبناء المواطن العراقي وفق رؤية حديثة صادقة للدولة، وهذه الثوابت التي تهم عموم المجتمع، في حالة تنفيذها بجدية ومصداقية ورؤية وطنية شاملة ستقدر على تحقيق الحلم الكبير الذي نسعى اليه جميعا، وهو بناء دولة معاصرة حديثة بنظام دستوري ديمقراطي فيدرالي تعددي مؤسساتي، ووإرساء هيكل وأعمال الحكومة وفق منظور مؤسساتي فيه الحريات العامة مكفلة، والحقوق مضمونة، والكرامة معززة لكل مواطن ضمن إطار المواطنة العراقية الحقيقية، لذا نأمل في ظل الحكومة وتحت خيمة مجلس النواب والرئاسة، أن تكون هذه الاستحقاقات دائما أما أعينهم لتحقيقها وضمانها بحق المواطنة العراقية لتحقيق الحلم الجميل لكل عراقي بمواطنة عراقية أصيلة لم يحلم بها طيلة العقود الماضية في بلاد الرافدين.

جرجيس كوليزادة
[email protected]