تعبت ذاكرتنا من الشعارات والهتافات التي سمعناها ونسمعها كل يوم، شعارات التحرير والجهاد والعدالة والحرية والمساواة والقضاء على الفساد والأمية والتخلف والجهل.. وما أكثر الشعارات التي حفظناها على ظهر قلب.. ولكنها كانت ولازالت مجرد كلمات فارغة وصراخ لا أكثر ولا أقل.

وأن زمن الشعارات هذا، قد إرتبط بالهزائم والإنتكاسات والخذلان، وضيع على شعوب منطقتنا الكثير والكثير من حقوقها الطبيعية والمشروعة، حيث شهدنا بدلا من تحقيق العدالة والحرية، إزدياد الظلم والفقر والإستبداد والقمع، وبدلا من القضاء على الأمية والفساد، فالجهل سائد والإمية منتشرة وبلا حدود، الرشوة وكل أشكال الفساد تلف معظم المؤسسات والدوائر الحكومية من دون رادع ورقيب.

أما شعارات التحرير والجهاد فما أكثرها، ولكنها ضيعت علينا الكثير أيضا وعلى سبيل المثال لا الحصر، فأين فلسطين وتحريرها من هذه الشعارات الكبيرة الفارغة، والتي تزامنت وإنطلقت منذ الأيام الإولى للإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية الى يومنا هذا؟.

فكانت شعارات وهتافات بعض الأنظمة والمنظمات والأحزاب العربية، لا تقبل إلا بتحرير كل تراب فلسطين من الإسرائليين، وبعد ذلك رميهم في البحر، وظل هذا الشعار الإستهلاكي يتردد في المناسبات فقط، دون أن يسترجع شبرا واحدا من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبعد ذلك بسنوات أطلق الدكتاتور صدام، خلال غزوه دولة الكويت الشقيقة وتدخل دول العالم لتحريرها، الشعارات ذاتها من أجل التغطية على فعلته العدوانية إتجاه الشقيق، فقال سأحرق نصف إسرائيل من أجل فلسطين، وهكذا صدقه البعض من أصحاب الشعارات.

ومنذ فترة سمعنا من جديد الشعارات نفسها أيضا، ولكنها جاءت هذه المرة على لسان الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، فقال سأزيل إسرائيل من الخارطة تماما وأعيد فلسطين للفلسطينيين.

واليوم لازالنا نسمع نفس الشعارات التحررية، التي لا تقبل بأقل من القضاء على إسرائيل وتدميرها الى الأبد، وإسترجاع كل شبر من فلسطين المحتلة، ولكن الواقع وموازين القوى تتحدث عكس ذلك تماما.

علما أن أغلب المنظمات والأحزاب الفلسطينية المتمثلة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، تتفاوض مع إسرائيل من أجل الحصول على حقوقها الوطنية المشروعة وقيام دولتها الفلسطينية المستقلة، بدلا من شعارات الهزائم والوهم.

حمزة الشمخي

[email protected]