تثور وتهدأ فى مصر بين الوقت والآخر عمليات إجرامية يقوم بها بعض المسلمون ممن يظنون أنفسهم متدينون. ويطلق الإعلام الموجه أغلبه والساذج بعضه على تلك العمليات دائما إسماء دلع بين quot;فتنة طائفيةquot; و quot;إشتباكات طائفيةquot; وأحيانا مجرد quot;أحداث مؤسفةquot;! وفى الحقيقة لا نظن أن الإسلام وحده سبب كاف لتفسير تلك الجرائم! وإلا لكان تكرر وقوعها بوتيرة أسرع وبمعدل أكثر إنتشارا بكثير، ولا يدحض هذا المنطق التقول بالقانون الدولى ولا لجان حقوق الإنسان التى إنتشرت مظلة حمايتها للأقليات فى اغلب دول العالم لسبب وجيه وهو أن من يقوم بتلك الأفعال لا يعرف السما من العما، وأبطالها عادة من الدهماء والغوغاء وحثالة الأرض سواء قياديها الميدانيين أم وقودها من الدهماء.

أما من يحرثون التربة لمثل تلك الأحداث ويهيئون المناخ ويشجعون حدوثها فهم أبعد الناس عن المسؤلية المباشرة عنها وأيضا عن سلطة القانون الدولى أو الإنسانى، وعلى من لا يصدق هذا أن ينظر إلى السيد صفوت quot;الشريف خالصquot; وإلى السادات وحتى إلى مبارك ولن يرى أى بادرة ذنب ولا دليل إدانة واحد رغم مسؤليتهم المباشرة عما يجرى، إذ مهدوا التربة وحرثوها، وأستوردوا البذور وحفظوها، وتعهدوها بالرى والعناية حتى توحشت وبدأت تؤتى أكلها إجراما وسلبا وقتلا وحرقا لنفوس وأملاك أقباط مصر!

السبب الرئيسى لتلك الأحداث فى رأينا هو البرمجة والقصد الحكومى من أعلى المستويات لتوجيه الكراهية، والتى هى بدون ادنى شك متأججة فى نفوس الشعب المصرى، ضد المختلفين فى الدين أو المذهب أو حتى الطائفة واللون. من الغفلة أن يظن أحدا أن غالبية الشعب المصرى الذى يسكن القبور ومدن الصفيح العشوائية، الغالبية التى لا تنال أى قسط من التعليم، الغالبية التى إذا مرض أحد أفرادها يموت لعدم توفر الطبابة والدواء، الأغلبية التى ينتحر بعض أرباب الأسر فيها لعجزهم عن توفير مستوى آدمى للمعيشة لأولاده، الغالبية التى لا تستطيع تسلق السلم الإجتماعى لتحسين وضع أجيالها القادمة لأن جميع تلك المستويات قد تم حجزها بالوراثة وبالرشوة من أول الإعلام حتى الحقل الدبلوماسى والقضائى والشرطة وأيضا الجيش.

الدليل على ذلك أوضح من شمس بؤونة. الدليل على ذلك أن جميع تلك الأحداث إنما تنشأ وتستفحل فى الأماكن وبين الأوساط الدنيا من المجتمع. هل سمعنا عن أحداث quot;طائفية مؤسفةquot; فى مصر الجديدة أو الزمالك بالقاهرة؟ هل سمعنا بها ndash; رغم تغلغل الجماعة المنحلة- فى رشدى أو جناكليس أو سان إستفانو بالأسكندرية؟ لماذا لم نرى وجها محجبا ناهيك عن منقب خلال بطولة افريقيا لكرة القدم التى ملأت المدرجات فيها فتيات مصريات جميلات يرسمون على وجوههن علم مصر الذى ربما لم يشاهده الكثيرون قبلا! فى بلد كمصر كل شىء فيه يتم بناء على توجيهات السيد الرئيس فلا يمكن إعفاء السيد الرئيس من مسؤلية تلك الجرائم وعلى هذا يجرى قضاء المحكمة الدولية وكان هذا هو أساس الحكم بإدانة ميلوفيتش فى جرائم البوسنة... ليس لأنه أجراها بيده وغنما لأنه كان مسؤلا عنها بحكم قيادته للدولة الصربية وقتها!

عادل حزين
نيويورك
[email protected]