وأنا أتابع خبر التفجير الجديد في ذوق مصبح في بيروت مساء البارحة 7.6.2007 والذي تسبب بمقتل ضحية وجرح آخرين عدا عن الأضرار المادية، يجد المرء نفسه أمام سيولة الإعلام العربي في الحديث عما يدور في لبنان لجهة أحداث نهر البارد أو التفجيرات التي تحدث بين الفينة والأخرى، ثم أخبار السيارت المفخخة التي تم القبض على أصحابها قبل أن تنفجر بوجه أي لبناني مهما كانت طائفته ومهما كان موقفه سواء من الأكثرية أو من الأقلية. يجد المرء نفسه أمام تغطية واضح فيها فقط إما التعتيم على دور السلطة السورية أو الإبهار في إظهار هذا الدور لدرجة أنك لا تجد المبهرين يمتلكون استراتيجة واضحة تجاه هذه المسألة وكيفية التعاطي معها. أما الذين يريدون التعتيم على دور السلطة السورية فهم ميالون لاشتقاق قديم جديد أن معركة الجيش اللبناني تخاض لمصالح غربية وأنا في الحقيقة لا أعرف كيف يمكن فهم قيام فتح الإسلام المخابراتي بذبح جنود لبنانيين لاذنب لهم وهم نيام وبعدها يأتي من يقول أنه يجب التعامل معهم سياسيا! ومنهم من هو أجرأ حيث يدعو إلى فتح الحوار مع السلطة السورية للاستماع لمطالبها سواء حول المحكمة الدولية والقرار 1757 أو عبر تشكيل حكومة جديدة بلا انتخاب. وإننا إذ طالبنا بدعم عربي ودولي لحكومة السنيورة نتيجة لأننا نعتبرها الطرف الشرعي الوحيد في لبنان والذي هو طرف الدولة اللبنانية. إن فتح الإسلام مجموعة مهما حاولت إيجاد المبررات السياسية لها تبقى مجموعة مرتزقة خارجة عن القانون ليس اللبناني وحسب بل القانون الإنساني والتي غذيت بثقافة ذبح الجنود اللبنانيين وهم نيام.ويأتينا السيد حسن نصرالله ويطرح هو وبقايا النظام الأمني السوري اللبناني حلا سياسيا لهذه المشكلة؟
من هم فتح الإسلام أنا لا أعتقد أن هنالك لبناني موالي أو معارض لا يعرف أن هذه المجموعة هي صنيعة المخابرات السورية. حتى لو كانت هنالك مصالح استخباراتية أخرى تلعب بهذه الجهة فإنها جهة باتت خارجة عن القانون ويجب أن تقدم للعدالة حرصا على دم الجنود وتبعا لسيادة الدولة اللبنانية. فلسطينيون يحملون السلاح وسوريون وسعوديون..الخ على أرض لبنان ليس هذا وحسب بل يقومون بالاعتداء الوحشي على جنود جيش لبنان، الذي عبر طيلة هذه الفترة عن حيادية رائعة تجاه الأزمة التي تعصف بالبلاد. إن التوجه نحو الجيش اللبناني من قبل هذه المجموعة هو لأجل إدخال الجيش في آتون معركة يمكن لها أن تؤدي إلى شقه كما حدث في بدايات الحرب الأهلية اللبنانية 1975. ولكن الجيش اللبناني فاجأ الجميع وظل متماسكا حتى اللحظة.
وهذا ما يجب أن يدعم من أجله هذا الجيش وحكومة السيد فؤاد السنيورة بعيدا عن ضوضاء إعلام بعض قوى الرابع عشر من آذار وبعيدا عن التعتيم على دور النظام السوري في إعلام قوى حزب الله الإيراني. إن ما يدور الآن وما يتم التحضير له هو في محاولة تثبيت نقطة بسيطة : أن على اللبنانيين أن يفهموا بأن لا حل لهم إلا بالعودة إلى قصر المهاجرين في دمشق. ومن جهة أخرى إيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن الحل يمر عبر دمشق. حسنا ما نطلبه من حلفاء النظام السوري في لبنان هو أن يعترفوا بهذه الواقعة لا أن يبيضوا صفحته! أن يقولوا بالفم العريض : يجب ان تتوجه حكومة السنيورة إلى دمشق لأخذ التعليمات لأن مفتاح الحل في دمشق دون أن يصوروا أن السلطة في دمشق هي البريئة وهي المعتدى عليها سواء بقانون المحكمة الدولية أو برد الجيش على فتح الإسلام. على قوى الرابع عشر من آذار أن لا تسمح بعد اليوم بوجود سلاح خارج سلاح الشرعية اللبنانية وهي شرعية الدولة. ووضع حد لزعران المخيمات والضاحية وطرابلس وقصر بعبدا. ونحن ندرك أن حكومة السنيورة تواجه أيضا موقفا عربيا يتزعمه السيد الرئيس حسني مبارك لكي تستمع لاشتراطات النظام السوري فإن لم يكن كلها فعلى الأقل قسم منها لأننا لم نجد مسؤول عربي واحد يقف ليقول للسلطة السورية : كفى دما في لبنان. لهذا كانت وستبقى مهمة السينيورة وحكومته صعبة للغاية ولكن ليس لقواها السياسية والأمنية أي مجال للتراجع. لأن التراجع يعني سيطرة الملحق الإيراني السوري، والذي في محصلته يخدم أجندات بعض السلط العربية في المنطقة. فأين هو موقف الجامعة العربية مما يحدث؟
أليس عار على الفصائل الفلسطينية أن تقف عاجزة عن وضع حد لسلاح إرهابي في المخيمات ليس له مهمة سوى حماية مصالح بعض السلطات. إنه العار بعينه. ولكن ممن نطلب هذا الطلب فإذا سلم أحمد جبريل سلاحه وحماس وغيرها في المخيمات فأي دور يبقى لهم في لبنان وسورية؟
غسان المفلح
التعليقات