على الرغم من الأجواء التصعيدية من قبل رئيس الحكومة العراقية جواد المالكي وعلى الرغم من الاجراءات والقيود التى وضعتها الجهات الرسمية فقد توجه مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان الى بغداد.وتاتي زيارة البرزاني الى بغداد في ظل اجواء سياسية حادة بسبب التصريحات الاخيرة التى صدرت من حكومة جواد المالكي والذي قد أربك الجميع بمن فيهم التحالف الكردستاني الشريك الأقوى للأئتلاف العراقي الشيعي في الحكم.وفي كل الأحوال فان لموقف الحكومة العراقية هذه طابعا سياسيا بالغ الأهمية والخطورة فقد تحول الى فرصة قطفت دول الجوار ثمارها سياسيا ووظفتها في مجال حساباتها للهجوم على حكومة أقليم كردستان.

ومما لاشك فيه فأن رد الرئيس بارزاني على مثل هذه التصريحات كان ردا صحيحا وحكيما وقال،، ان الحل سيتم بالطرق السياسية السلمية وبالعودة الى الدستور،، من دون تعريض البلاد الى مزيد من الأنقسامات الى قد تدفع العراق الى المجهول.
وفي ظل الأجواء الحالية ولمناقشة أستراتيجية الفريق الرباعي فقد أجتمع البرزاني مع قادة التحالف الرباعي الذي وجدوا نفسه مضطرا لأعادة النظر في هذه الأستراتيجية وتحديد الأولويات في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة التي لاتتحمل مزيدا من الأنقسامات السياسية والتي تنذر بمضاعفات خطرة قد تؤدي بشكل أو باخر الى نوع من الفتنة الداخلية في مدن العراق.

وبعد تهدئة الأجواء السياسية الحادة أنتقل التشديد على دور الرئيس العراقي جلال الطالباني الذي فاجأ الجميع بدبلوماسيته،خصوصا ان رئيس الجمهورية جلال الطالباني يعرف كيف يدير الأزمات المستعصية من خلال الحوار،لأنه استاذ في تبريد الاجواء المتشنجة والتصعيدية.

والرئيس طالباني،لم يتردد لا في المرة الاولى و الثانية والثالثة في دعوة الأطراف السياسية الى العودة الى طاولة الحوار والمشاركة الفاعلة في اقرار القرارات المصيرية الكبرى ولاسيما الأتفاق على مسودة الاتفاقية الامنية الأستراتيجية مع واشنطن.
ورغم جهود الرئيس العراقي فان كل المؤشرات تدل على ان الأزمة السياسية قد تبدأ مرحلة مرحلة جديدة شديدة التعقيد والتأزم لأن عمليات القتل التي تمارس ضد الأقليات والمسيحيين في هذه الفترة قد أدت الى خلط الأوراق في البلاد لأن شعبية رئيس الحكومة جواد المالكي قد تأثرت بشكل كبير بسبب عملية التطهير التي تعرضت لها الاقليات في بعض مدن الشمال.
والمرحلة التي بدأت هذه الاسبوع لن تكون سهلة، بل ستحمل مزيدا من الصعاب التي تستلزم تفكيكا لكل العقد تفاديا لأغراق العراق في مستنقع من الأنفعالات والتوترات التي يترتب عليها مضاعفات خطرة على صعيد الوحدة الوطنية.لذلك فأن الازمة تتطلب اسهاما كبيرا من كل الأطراف لأستخراج الحلول لأنقاذ العراق من المؤامرة التي وضعت في الخارج وتنفذها أدوات داخلية من هذا الفريق او ذاك عن قصد او غير قصد.
والظاهر ان الحالة الراهنة بدأت تتطور بلوغ الاسوأ، بدليل ان بعض الأحداث السياسية والأمنية في مدينة الموصل وكركوك تؤسس لهذا الاسوأ، لأن النفوس معبأة ومشحونة والأحتقان وصل الى الذروة أو يكاد وكل شيء أصبح جاهزا لانفجار،الا اذا تدخل الرئيس العراقي في الامر لان الرئيس جلال الطالباني الذي عرف ويعرف كيف يمكن تأجيل هذا الأنفجار المرعب لفترة محدوة عبر التشاور والحوارات الجماعية، قد يستخدم الوقت كعامل تهدئة في الدرجة الأولى وكدواء كفيل بوقف النزف من كل الجراح المفتوحة.
ولكن جهود الرئيس طالباني تتطلب مساعدة من هذا الفريق او ذاك لأن اليد الواحدة لاتصفق، لأنقاد الوطن، والا فالعراق قد يسقط مرة اخرى ويكون كل العراقيين خاسرين ونادمين على ضياع هذا الوطن، بحيث يضطر العدد الكبير من أبناء هذا البلد الى شراء بطاقات سفر الى الخارج.


ومثلما نرى فأن الرئيس طالباني يمضي معظم أوقاته في البحث عن مخارج لهذا المأزق الصعب وعن حلول لهذه الأزمة المعقدة.يطرح من حين الى اخر فكرة العودة الى طاولة الحوار والتداول في كل المواضيع الخلافية موضوعا موضوعا، لأن تجزئة المشكلة أفضل من مواجهتها دفعة واحدة.ويبدوا ان الفكرة لاقت استجابة فورية لدى رئيس الحكومة الاتحادية جواد المالكي واستحسانا لدى مسعود البرزاني رئيس حكومة اقليم كردستان.


لأن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من بالحد الأدنى من التوافق.

راوند رسول