العقوبات الاخيرة التي صدرت عن مجلس الامن الدولي بحق الجمهورية الاسلامية الايرانية لم تکن في واقع أمرها تستحق أکثر من ذلك الوصف الايراني بحقها من إنهاquot;لا قيمة لهاquot; وکل الدلائل تشير الى ان طهران سوف تمضي قدما في برنامجها النووي وسط ذلك الخط البيانيquot;الشديد الانکساراتquot; و إنها سوف تواجه المزيد و المزيد من الضغوطات الاقتصادية و السياسية و حتى العسکرية من دون أن يصل الامر الى مجابهة حامية الوطيس بين الغرب و الدولة الايرانية.


ومع إزدياد يقين معظم دول العالم و دول المنطقةquot;المعنيةquot;بالشأن النووي الايراني، بإن طهران باتت تقترب أکثر فأکثر من تحقيق أهدافها الاساسية من وراء تطويرها لبرنامجها النووي المثير للجدل، فإن البيت الابيض يبدو بمظهر مراقب فصل يريد السيطرة على أکثر الطلاب مشاکسة بطرقquot;حضاريةquot; في الوقت الذي يدرك في معظم طلاب الفصلquot;عجزquot;وquot;خيبةquot;المراقب في لجم تصرفات هذا الطالب. لقد سعت الولايات المتحدة الامريکية و بشتى الوسائل و السبل للتعويل على العقوبات الاخيرة الصادرة عن مجلس الامن الدولي و حاولت من خلالها طمأنة أصدقائها و حلفائها من أنها لن تقف مکتوفة الايدي أمامquot;الثور الايرانيquot; و سوف تقوم بکبح جماحه و الحد من تحرکه، لکن صدور العقوبات بشکلهاquot;الباهتquot;المخيب للآمال قد جاء مثيرا للإحباط بل و حتى أن الموقف الامريکي قد صار بات مثيرا للشفقة و السخرية معا. وفي الوقت الذي تدعي فيه واشنطن من ان الخطر النووي الايراني أمر يهدد الامن و الاستقرار العالميين، فإن طرق مواجهتها لهذا الخطر مازالت غير عملية و لا تتسم بالحکمة و الموضوعية وهي في خطها العام کومة من الانفعالات و ردود الافعال غير المنطقية لخطوات إيرانية تسير فيquot;إتجاهها الصحيحquot;. أما اسرائيل التي طالما سعت وعبر طرق متباينة لتهويل الخطر النووي الايراني على أمل أن تصيدquot;بضعةquot;سمکات في المياه العکرة، لکن يبدو انها و بسبب من تداخل و تعکاس اجندتها السياسية مع دول المنطقة، لا يشکل تهويلها للأمر أهمية يذکر بل وان دول المنطقة ترى في ذات اسرائيل سببا قويا يدفع بآيات الله لجعل طهران نووية. على أن المجابهة بين تل أبيب و طهران التي يجد بعض المراقبين أن هناك ثـمة إحتمالات محددة لوقوعها ولو بصورة جزئية، غير ان الايرانيين مع کل تلك الشعارات العقائدية البراقة قد لا يبدون في واقع أمرهم متحمسين لمواجهة الدولة العبرية خصوصا فيما إذا کان الامر يرتبط ببضعة صواريخ تطلق على العمق الاسرائيلي عبر حزب الله أو حتى سوريا، إذ ان ذلك سيکلف الايرانيينquot;مستقبلاquot;ثمنا باهضا واجب الدفع مثلما حدث للرئيس العراقي الاسبق صدام حسين عندما أطلق بضعة صواريخ أرض ـ أرض على إسرائيل و کان ذلك الامر سببا في نهاية نظامه السياسي و أفول نجمه.


الوقت يمضي سريعا، وطهران ذکية جيدا في الاستفادة من عامل الوقت و توظيفه لصالحها بالشکل المناسب، فيما تبدو واشنطن بليدة بطيئة و متخبطة على الدوام فيما تبدو اوربا واجمة و متسمرة في مکانها متمنية ان تکون العقوبات کافية للجم الايرانيين. واقع الامر ان کل الدلائل تشير الى ان إيران ستصل الى غايتها الاساسية و قطعا ان حدوث هذا الامر سوف يقلب الطاولة على رأس الغرب و يعيد الکثير من الحسابات ولن يکون من الصعب ابدا ان يتقوقع لبنان في سلة حزب الله و ينتهي الشأن الفلسطيني تحت رحمة حرکة حماس أما في العراق...فهناك سوف تسکب العبرات!

نزار جاف
[email protected]