قمة مسقط بين اثبات الذات او الخروج من التاريخ

التغير سنه كونية والتطور إرادة إنسانية ، هذا التمازج بين هذه السنة الكونية وتلك الإرادة الإنسانية هو قاطرة التقدم ولكن ليس كل تغير هو بالضرورة تطور فانفلات الترابط والتلازم بينهما أو بالأصح فقدان الإرادة الإنسانية في هذا الجانب تجعل من التغير شيئاً آخر ليس بالضرورة تطوراً وتقدماً.


ما أود الإشارة إليه في هذا الخصوص وفي هذا الوقت بالذات حيث اننا على ابواب قمه مسقط المصيريه فى اعتقادى بسبب انتقال الهم الشعبى من الحديث عن تكرار اخفاق المجلس فى مواكبه طموحات الشعوب الي هم اكبر وهاجس اهم واخطر هو هاجس الخوف على هويه دول المجلس. دعونا اولا نلقى الضوء على البعد الاستراتيجى والتاسيسى للمجلس ومحاوله معرفة اين الخلل.قبل الحديث عن خطوره الخلل السكانى التى تحدث عن العديد مسؤولين ومواطنين على اختلاف درجاتهم ومكانتهم. نحن نشهد تغيراً في مجلس التعاون الخليجي وأجزاءه المختلفة بين حين وأخر ولكن هل يمكن أن نسمى ذلك تطوراً وقد رأينا في معظم سنوات حياته حتى الآن تبعثراً وفقداناً للإرادة الإنسانية اللازمــة لدفع عملية التغير هذه إلى الأمام. بل تصادماً بين الإرادات في داخلة. لنعطى مثالاً على نموذج آخر تلاقت سنة التغير مع الإرادة الإنسانية بشكل دائم بعيداً عن الأهواء الشخصية وهو الاتحاد الأوروبي. لقد بدأ بتسهيلات لصناعة الصلب والحديد بين فرنسا وألمانيا وانتهى اليوم باتحاد كامل تخلت معظم دولة حتى عن آخر مظاهر السيادة وهي العملة النقدية إيماناً بضرورة التطور وحتمية التغير نحو الأفضل وإيماناً بالمصير المشترك.


ثمة حلقة مفقودة بين صيرورة التغير وإرادته الإنسانية مر بها مجلس التعاون الخليجي منذ فترة إنشاءه فتعطلت مسيرة التطور والانطلاق نحو الأمام ولكن ما الذى يتطلبه ضرورة الجمع بين التغير والتطور؟ لكي يستقيم الأمر لابد أذن من مراعاة الواقع السياسي العالمي أولاً وبديلاً عن كل شئ آخر إيديولوجيا كان أم شخصياً. وما هي أهم مظاهر الواقع العالمي السائد اليوم.
يمكننا ملاحظة ما يلي :-
أولاً : أنه ليس عصر أيديولوجيات وإنما عصر يغلب عليه الطابع البراجماتي النفعي بصورة ملحوظة.
ثانياً : أنه ذو صبغة أمريكية واضحة حيث أنها القوة الأوحد والأعظم ولا منازع لها يلوح في الأفق في الوقت الحالي على الأقل.وان بدات دول كروسيا والصين الظهور كاقطاب الا ان الامر قد يستغرق وقتا لاتتحمل المنطقه نتائجه بشكلها الحالى.
ثالثاً : أنه عصر لـه مداخل محددة ومعينة لا يتأتى إلا من خلالها.


ولابد لنا أن نشير هنا إلى شكل ونوعية هذه المداخل الوحيدة للاتساق مع العصر المعاش بشكله الذى تمت الإشارة إليه.
أولاً : المدخل العسكري : وهو ما تحاول إيران الولوج من خلاله بحصولها على تكنولوجيا القوة النووية الرادعة. وهو مدخل لا تستطيع أن تملكه كل الدول وسوف تواجه بالضرورة بممانعة قوية وشرسة من قوى النظام القائم الجديد.
ثانياً: المدخل الاقتصادي : وهو ما تحاول تركيا الولوج من خلاله بالاندماج في الاتحاد الأوروبي ويتطلب بالضرورة الانصياع إلى مطالب كثيرة وعديدة وتنازلات سيادية أيضاً وهو مرتبط بالمدخل التالي بل ويقوم على أساسه.
ثالثاً : المدخل السياسي الديمقراطي : وهو ما نجحت دول أوروبا الشرقية في الولوج من خلاله بتطبيق العديد من الإصلاحات السياسية ومراعاة حقوق الإنسان وبناء المؤسسات الديمقراطية.


هذه هي المداخل الحتمية للاتساق مع العصر. ما لم تع الإرادة الإنسانية في مجلسنا الخليجي ذلك لا يمكن أن يحدث تطوراً وكل ما يمكن أن يقوم هو تغيراً في الشكل والأشخاص والإطار الديكوري العام. ولكن أي هذه المداخل أنسب وأقرب إلى مجلس التعاون للولوج من خلاله داخل النظام العالمي الجديد بلا شك أنه ليس المدخل الأول العسكري ولكنه بالضرورة أولاً المدخل السياسي الديمقراطي استعداداً لبناء القاعدة الاقتصادية نحو التكامل وربما الاتحاد الخليجي الاقتصادي.


الانتأتي القمة الخليجية القادمه فى مسقط وثمة طارىء جديد ظلت تتراكم سلبياته حتى بدا جبل يلوح لناظره من بعيد الا وهو خلل التركيبه السكانيه لدى جميع هذه الدول ولو بنسبة متفاوته وهناك الكثير من التساؤلات حول مستقبله و هويته جراء ذلك فلم يستطع المجلس ان يضع سياسه سكانيه واضحه ومدروسه تاخذ فى حسابها البعد العربى وانفردت كل دوله بسياستها واضعه اهداف لاتمت الى البعد الاستراتيجى السكانى بصله حتى بدأت صرخات المسؤولين وقادة الرأى تتعالى ولا يبدو ان هناك مجيبا وان كان هناك ثمة امل فى قمة مسقط القادمه لمنع تفاقم مثل هذا الامر. فقمة مسقط القادمه فى اعتقادى مصيريه وحاسمه فيما يتعلق بمستقبل هذا المجلس فمعالجه الخلل السكانى لابد وان يكون اول جدول اعمال القاده ومن ثم اعتماد المدخل المناسب الذى يمكن للمجلس من خلاله ان يستمر لا ان يبدو خارج الزمن السياسى المعاش وهو فى اعتقادى المدخل السياسى، فثمة تغيراً في شكل القيادة في أجزاء المجلس فرضه ناموس الكون ولكن المجلس لا يزال متردداً في ولوج مدخل التطوير الهيكلي نحو إقامة الدولة الدستورية في بعض أجزائه ، بمعنى أن البعض الأخر وعد أو قدم وعوداً في أحداث ذلك فلا مجال من مواجهة الأساسيات والضرورات بالاضافه الى السعى للتكامل الاقتصادى فالدوله الدستوريه هى وحدها الحاضنه للمكتسبات الاقتصاديه وليس علاقات الانظمه بما هى انظمه غير دستوريه مع بعضها البعض وقد خبر المجلس طويلا ماساة الاعتماد على العلاقات بين الانظمه وتاثير ذلك على شعوبه بل وعلى تطوره وثقه المواطنين فيه وفى انجازاته هذا إذا أراد المجلس أن يرفع عن أنفاسه كمامة الأوكسجين اللازمة للحياة والابتعاد عن الشكليات والإفرازات التي قدمتها لنا العولمة على صحن من ذهب مثل البرامج الحوارية المفتوحه التي تقدمها القنوات الفضائية والتي أصبحت حتى وقت قريب هاجساً للمجلس واجتماعاته.


ما لم تستطع قمة مسقط القادمه معالجة الخلل السكانى والتنبه لاخطاره على هوية المنطقه ومالم يحدد المجلس مدخله بوضوح مع النظام العالمي القائم اليوم وهو بالضرورة إنساني ديمقراطي وما لم تتفق إرادات أصحابه أولاً مع شعوبهم على ضرورة إدخال الإصلاحات الضرورية اللازمة التي تجعل من الشعوب مصدراً للسلطات والنأي بالتالي بالمجلس عن الصراعات الفردية والشخصية المتقلبة ، فان شعوب المنطقه لابد وان تاخذ كلام العميد ضاحى خلفان قائد او رئيس شرطة دبى والتى تضرب مثلا يحتذى لدى دول الجوار مأخذ الجد حين حذر قبل شهور من تفاقم مشكلة الخلل السكانى فى المنطقه وقد تنبأ بانه اذا لم يلتفت للامر فان قيادات المنطقه نفسها فى خطر وليس فقط الشعوب ونبدأ من اليوم بتعليم اولادنا الاردو واللغه الهنديه حتى يستطيعون على الاقل التفاهم مع نظام quot; بابوquot; او اى رفيقquot; اخر قادم. لقد تحملت الشعوب عبر عقود اضاعة الثروات وتبديد الخيرات ولكن اضاعة الهويه امر لايحتمله الانسان ولايقوى عليه. فاى تنمية ترجى او ثروة تطلب اذا كان ثمنها هوية الانسان وطمانينته وشعوره بالامن. يا قادة الخليج ان شعوبكم تتطلع اليكم هذه المره لكى تعيدوا لها امنها واطمانانها على مستقبلها وثقتها بمجلسكم وقيادتكم، فسؤال الهويه كبير وخطير وتتضاءل بعده جميع الاسئله والشعارات ولاتطرح الى جانبه الاختلافات فهو سؤال مصيرى يتعلق بالوجود والكينونه وشعوبكم وعروبتكم واسلامكم امانة فى اعناقكم ومن اجدر منكم بحمل الامانه. نرجوا لقمة مسقط النجاح واعادة البسمه والاشراق والاطمئنان لشعوب المنطقه الذى خبرته و عاشت به حتى قبل ظهور النفط حيث كانت هويتها العربيه مصدره وثروته الحقيقه ومخزونه الاستراتيجى. فقمة مسقط القادمه تمثل منعطفا هاما ونقطة افتراق حاسمه بين ماض طغت عليه الفردانيه وحب الذات و عدم الشعوربحتمية المصير المشترك و بين حاضر يشترط للبقاء بين جنباته الاجابه على سؤال محدد وواضح هو من انت وما هويتك؟

عبدالعزيز محمد الخاطر
كاتب قطري

[email protected]