لم تخالف حركة حماس توقعات الجمهور المتابع لمآثرها وبطولاتها إذْ خرج علينا الملثّم quot; أبو عبيدةquot; ليزفّ بشارات النصر ويهديها للأمتين العربية والإسلامية واللتين بدورهما أعلنتا انتصار حماس حتى قبل المعركة المزعومة، الملفت للنظر أن أبو عبيدة كان ملّثماً وهو ما يتفق مع منهج حماس في الإدارة والسلطة، إذْ تفعل كل ما تفعل من وراء الأقنعة بينما يطلّ أعداؤهم بوجوه سافرة ودونما تحفظات، و لربما نبرر لحماس ما تفعله هنا باعتبار أن quot; الحرب خدعة quot; ويبدو أن الأخوة في حماس قد ذهبوا بعيداً في خداعهم حتى لم يعودوا قادرين على التمييز في خداعهم بين عدوهم وذويهم وحتى أنفسهم!
نعم فمنذ بداية الاعتداء الذي عمل خالد مشغل على استدراجه إلى غزة بينما يسرح ويمرح quot;مجاهداً quot; في إحدى الشقق المفروشة في دمشق، نقول منذ بداية هذا الاعتداء والأبطال في حماس يتفنّنون في خداعنا وخداع أنفسهم، حيث لا أحسبهم قادرين على خداع ضحاياهم في غزة المنكوبة، ولعلّنا بحاجة هنا لاسترجاع مكثّف لخطة حماس في quot; اللامواجهة quot; والتي تعتبر إحدى أبرز ما توصلت إليه العلوم العسكرية في القرن السابع والسبعين قبل الميلاد!!!
لقد أدار زعران حماس معركتهم من ملاجئ المدنيين وأحيائهم ولم يتوانوا عن الاختباء في مدارس اللاجئين، كما أننا لم نسمع بأن وزير داخليتهم المغدور قتُِل quot; استشهد quot; بينما كان على الخطوط الأمامية quot; للجهاد quot;! وليس في شقة مفروشة أيضاً ! حيث أن الشقق ليست حكراً على مشعل وحده!
في بداية المعركة حذروا إسرائيل من دخول غزّة، وحسبنا جميعاً أن إسماعيل هنية يجلس فوق قنبلة نووية على الأقل، ثم قلنا إنها quot; الحرب النفسية quot; فلا بأس من أن quot; ترهب عدوّك quot; وماهي سوى أيام قليلة حتى قالوا quot;إنَّ الفيصل في الحرب هو المعركة البريّةquot; مما ذكّرنا بأيام صدام حسين وأساطيره حيث بلغ الجنون العربي أوجه لدى الجماهير المحبطة والمخصيّة وراحت التخيلات تتحدث عن quot; عراق آخر quot; تحت الأرض حيث تحتوي المخابئ السرية على أسلحة وعتاد سيفنيان أمريكا ومن والاها.. اللهم آمين يا قوي يا عزيز يا متين.. كانت تلهج بها أفئدتنا ! ودارت الأيام حتى شاهدنا صدَّاماً يخرج من حفرته كأنه إنسان كهوف، وأحسبنا لم نصدق حتى الآن. لا يختلف الأمر في حالة حماس و انتصاراتها الهزيلة والمشيّدة على قبور المئات من الأبرياء، ثم يخرجون علينا من جحورهم ليقولوا بأنه quot; انتصار إلهي quot; مستلهمين بلاغة جارهم المنتصغ الآخغ!
قال أبو عبيدتهم بأن حماس قد خسرت 48 مقاتل من كتائب القسام وهذا كذب، لأني أظن أنهم لا يتجاوزون أصابع اليد ولا بد أنهم قتلوا بطريق الصدفة أو بنيران صديقة، فمن لا يحارب لا يقتل ولا يقتَلْ، و أبطال حماس لم يحاربوا، فقط كانوا يحضّرون أنفسهم لضبط الأمن بعد زوال الخطر.
من عادتنا نحن العرب أن لا نعترف بالخطأ لكننا اعتدنا على أن نعترف بالهزيمة على الأقل! لكن الحمساويين يريدون تغيير هذه الحقيقة! يبدو ذلك سهلاً، كل ما عليك هو أن تحاول البقاء على قيد الحياة وتحتمي بظهر أخيك/ رهينتك بينما يحطم عدوك رأسه ثم يشعر بالملل فيتركك ويمضي!
المشكلة أن هنالك من سيحاسب قادة إسرائيل حول نتائج حربهم وما أنجزوه، فهنالك مؤسسات وشفافية كما أنه لا يوجد quot; أقنعة quot; على وجوه الناطقين باسم الجيش الإسرائيلي! لذلك سيكون بإمكاننا معرفة ما إذا كان الجيش الإسرائيلي قد فقد 80 جندياً بسلاح أبي عبيدة الأبيض وعبر جنوده الذين quot; لم يرونها quot;، لكن المرارة تكمن في عدم وجود من يحاسب فتية حماس ويحصي صواريخها الشوكولاتية التي تراجَعَ معدل إطلاقها من 50 في بداية المهزلة إلى 5 صواريخ عادة ما كانت تسقط فوق رؤوس عرب عسقلان الذين يَعنونَ لحكومة تل أبيب أكثر ما يعنون لخالد مشعل.
الكذب ليس عيباً يا عسكر حماس، الكذب حرام أيضاً.
إبراهيم قعدوني
التعليقات