الخلاف الآن معلن، ولايحتاج إلى قراءة خفية لفهمه أو معرفة ابعاده، فإيران وبشكل واضح وصريح، تريد خلق جنوب(لبناني)جديد في المنطقة، وتظن واهمة أنها بدعمها اللامحدود لجماعة الحوثيين، فهي بذلك قادرة على إعادة تجربتها اللبنانية، في زرع جسم فيروسي داخل جغرافيتها ممثلاً بحزب الله وزعيمه حسن نصرالله، لكن الرسالة التي نقلتها المملكة، وبعيداً عن أي موقف يمني أو دولي، هو أن أمن المملكة خط أحمر، سواءاً من الحوثيين أو من غيرهم، كما ذكر ذلك رجل العسكرية القوي خالد بن سلطان، فلبننة الجنوب السعودي أمر غير وارد، ويعيه بذكاء ويلتقطه قادة السعودية بدءاً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومروراً بسمو ولي العهد، وسمو النائب الثاني، وقيادات الداخلية، وانتهاءً بالمواطن المقيم في أقصى البادية، الذي يرفض بفطرته السعودية السليمة والمتزنة، وجود مثل هذا الجسم الغير متناسق او متناغم مع الهدوء والاستقرار السائد في المملكة، وهو موقف طبيعي بل ومنطقي ولا يمثل أي اعتداء على اي طرف كان، فإذا كانت إيران تبحث لها عن قدم في مضيق باب المندب، وتعتبره حسب أجندتها الأمنية مهدداً لأمنها القومي، فإن الحل في ذلك لا يكون عبر جثث اليميين، وشراء ذممهم، ولن يكون بطبيعة الحال على حساب السعودية، وأمنها، أتفهم كشخص عادي هاجس الأمن المحلي والبعد الإقليمي لهذا الهاجس لأي دولة وليست إيران وحدها، ولكن في الوقت نفسه، أتفهم أيضاً أن ذلك التخوف ليس منطقياً خاصة إذا جاء على حساب أمن واستقرار دولة أخرى، فرسائل إيران العدوانية المنطلقة من أعلى رموزها السياسية، وإدارتها الحاكمة، المتعلقة بالحج، المتعلقة بتعامل السعوديين مع حجاجهم، ورغبتهم في تحويل هذا الموسم من أيام يسعى جميع المسلمين فيها ومن شتى بقاع العالم، وعلى مختلف مذاهبهم وانتماءاتهم، إلى التقرب غلى الله والدعاء له سبحانه بغفر الذنوب، تسعى إيران بكل اندفاع إلى تسييس هذه الشعيرة النقية الروحانية، وتحويلها إلى مظاهرة تتبنى موقف سياسي معين، فأي عاقل يقبل ذلك؟ وأي عاقل يقول أن المسلم وهو يرتدي الإحرام يقوم بتحويل مشاعره عن قبلته، ليوجهها شطر طهران، وأي عاقل يقول أن نستبدل التلبية لله عز وجل، بالدعاء لنصرة طهران وملالليها وزعمائها؟ من يتقبل ذلك؟ إن الإيرانيين أنفسهم منقسمين على حكومتهم الحالية، ومنقسمين على مدى حرص هذه الحكومة على المصالح الإيرانية، ومنقسمين على أن هذه الحكومة تقود إيران نحو حافة خطرة، ستقلب استقرارهم فوضى، وستعيث في شوارعهم فساداً، ولن يكون ولن يمثل دعمهم للحوثيين بأي حال من الأحوال سفينة نوح التي ستنقذهم، وستحمي أمنهم، بل على العكس من ذلك فقد تكون مشعلة للمزيد من التوتر الداخلي لديها، الذي يعاني الان مشاكل بغنى عن أن تضاف إليها مشاكل أخرى.
إذا كانت التجربة الإيرانية نجحت في لبنان الذي يعاني تمزقاً في اجندته السياسية بالأساس، وصنعت فيه مستغلة هذا التمزق ما يسمى بحزب الله، وكأن بقية اللبنانيين من غير المنتسبين إليه، او المولين لنصر الله هم من حزب الشيطان، فإن الوضع هنا يختلف، فلا السعودية ستكون لبنان، ولاالحوثيون سيسمح لهم بأن يكونوا حزب الله على الحدود السعودية، والحمد لله وجود جيش سعودي قوي قادر على حماية أمننا من مثل هذه الصراعات.
التعليقات