(لقد اقترب وقت الجدrlm;،rlm; ولم يعد ممكناً أن تكون السياسة ألفاظاً وكلمات أو حواراً مع أصوات تأتي من علي الفضاء الافتراضيrlm;،rlm; أو حتى من علي سلالم النقاباتrlm;،rlm; كما أنها ليست عمليه تفتيش علي وطن يكافح أبناؤه من أجل حياه أرقيrlm;،rlm; ولكنها ممارسة من خلال المؤسسات القائمة حتى يتم الاتفاق علي تغييرهاrlm;.rlm; ومن الممكن أن يشكل الدكتور البرادعي إضافة للحوار المصري الدائر شرط أن يعود واحداً منا مع الإجلال والتوقير اللازم لمصري حاصل علي جائزة نوبل وقلادة النيل ولكن عليه أولاً أن يعرف أن المصريين يستمعون ويتحاورونrlm;،rlm; ولكنهم لا يأخذون دروساً من أحدrlm;;rlm; كما يعرف ثانياً أن هناك فارقاً كبيراً بين مصر الدولة والشعب والمجتمع والتاريخ والوكالةrlm;!!.rlm;)


هكذا ينهي د. عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، مقالاً طويلاً، نشره في جريدة الأهرام عدد 5/12/2009، منضماً بمقاله هذا إلى منتقدي الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أعلن في بيان له عن شروطه لقبول الترشيح لمنصب رئيس جمهورية مصر العربية، والدكتور سعيد وإن لم يتدنَ في مقاله كما فعل رؤساء تحرير صحف رسمية، بل بالعكس صرف معظم المقال إلى مدح الدكتور البرادعي، ورأى أنه إضافة للحوار السياسي القائم حول منصب رئيس الجمهورية، إلا أنه بالاقتباس أعلاه، أظهر ما أظهره آخرون من أن الدكتور البرادعي لا يصلح للمنصب الأول في مصر، لأن ثمة فارقاً كبيراً كما يقول رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام بين مصر الدولة والشعب والمجتمع والتاريخ والوكالة، أي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.


ليكن كل ما قاله الدكتور سعيد عضو أمانة السياسات بالحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في شأن شروط الدكتور البرادعي صحيحاً، لكنني كمواطن مصري أود أن أناقش بعض ما قاله الدكتور سعيد، في الاقتباس أعلاه.


1ـ يُبخس الدكتور سعيد من شأن الفضاء الافتراضي، وهو الذي استشهد في مقال له عن أوجه التنمية المشرقة في مصر (من وجهة نظره بالطبع)، باستخدام المصريين للإنترنت على الأقل كبريد إلكتروني، ينهي وظيفة البوسطجي، وهو الرجل أيضاً الذي يعرف عن الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من غيره، والذي يعلم أن باراك أوباما، استخدم الفضاء الافتراضي بكفاءة في سعيه إلى البيت الأبيض، وحتى لا نذهب بعيداً، فإن الفضاء الافتراضي هذا، ساحة يعمل من خلالها شباب الحزب الوطني على حشد التأييد لجمال مبارك، في سعيه الحقيقي أو المتوهم لأن يصبح رئيساً لمصر، كما يعلم الدكتور سعيد أكثر من غيره أن هذا الفضاء الافتراضي تعمل من خلاله مؤسسات ويقوم عليه اقتصاد بالمليارات من الدولارات، ويتيح من بين ما يتيح أن يتمكن مواطن مصري مثلي من قراءة مقالات الدكتور سعيد في الأهرام أو في جريدة الشرق الأوسط، ويتيح أن يتحاور المصريون ويعبرون عن آرائهم، بعيداً عن الصحف القومية الفاقدة المصداقية ومن بينها.. جريدة الأهرام.. التي قرأ فيها مواطن مصري زميل مقال الدكتور سعيد وقال عنه بالحرف الواحد: إن الدكتور سعيد يدس السم في العسل في مقاله عن الدكتور البرادعي.


وكان أولى بالدكتور سعيد أن.. يقرأ ردود المصريين، وربما قرأ.. على خبر شروط الدكتور البرادعي في موقعي (المصري اليوم واليوم السابع) ليقيس على الأقل نبض الشارع المصري تجاه الدكتور البرادعي، وها أنا أطلب من رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أن يتيح التفاعلي على جريدة الأهرام، ليعلم كيف يعبر المصريون عن آرائهم، وما هي تلك الآراء.


2ـ يرى الدكتور سعيد في مقاله أن السياسة ممارسة من خلال المؤسسات القائمة حتى يتم الاتفاق على تغييرها، حسناً... ما هي تلك المؤسسات القائمة؟ إنها في الحقيقة كثيرة، ولنبدأ بمجلس الشعب، ولا أدري هل يعلم الدكتور أو لا يعلم، أنه مجلس صوري، يمكن لعضو فيه مثل أحمد عز، أن يغير إرادة الأعضاء بنظرة، كما فعل في قانون منع الاحتكار والغرامات المترتبة عليه، وهو مجلس صوري بأغلبية باطلة في الحقيقة، لأن الحزب الوطني إن كان يعلم الدكتور لم يفز بالأغلبية في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وسعى الحزب إلى ضم المستقلين الَّذين كانوا في الحقيقة أيضاً من مطاريد الحزب قبل الانتخابات، وهؤلاء يمكن القول عنهم إنهم خانوا ثقة ناخبيهم الَّذين انتخبوهم كمستقلين، ولأن المصلحة في أحضان الحزب فقد توافقت مصالح الجميع وأصبح للحزب أغلبية مزيفة، ولم تأت أبداً بصناديق الاقتراع، فقد فاز الحزب في انتخابات عام 2005 بـ141 مقعدا بنسبة 32.6% وضم الحزب بعد ظهور النتائج 170 فائزاً مستقلاً في الانتخابات أو انضموا هم إليه وخانوا ثقة ناخبيهم لا فرق، ليصل عدد مقاعد الحزب الوطني، بعد ضم المطاريد الفائزين كمستقلين إلى 311 مقعداً بنسبة 72% بالإضافة إلى العشرة أعضاء المعينين من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الوطني لتصل النسبة إلى 74.3%. هذا على افتراض أن الانتخابات في مصر شفافة ونزيهة تماماً كما يعلم الدكتور المفكر، من مثال المنافسة بين جمال حشمت ومصطفى الفقي؟؟؟؟


الأحزاب كذلك، يمكن اعتبارها من المؤسسات في الحياة السياسية، وهل ثمة حياة سياسية بدون أحزاب؟... لن أتحدث عن أحزاب المعارضة، فهذه أحزاب تقتات على فتات السلطة وعلى أوجاعنا، ويكفي أن حزباً مثل التجمع لا يريد رئيسه رفعت السعيد مغادرة مقعد الرئاسة فيه إلا ميتاً، حتى ندرك كم يضحك الجميع علينا بمن فيهم أحزاب المعارضة التقدمية منها والرجعية، سأتحدث فقط عن الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم الذي مدح الدكتور سعيد حيويته في مقال له، وطالب الأحزاب المصرية الأخرى أن تنخرط مثله في تلك الحيوية، وإن كان للحزب قاعدة شعبية من عدة ملايين كما يقول الدكتور، فهل يمكن أن يجبب عن السؤال التالي: ماذا لو تخلى الرئيس مبارك غداً عن رئاسة الحزب الوطني، وتخلت السلطة ممثلة في جميع أجهزتها التنفيذية عنه؟ هل سيصبح هذا الحزب الحيوي الذي يعبر فعلاً عن مصالح المصريين.


ويمكنني الاسترسال إلى ما لا نهاية في المؤسسات التي يطالب الدكتور عبد المنعم سعيد، مواطنه المصري الدكتور محمد البرادعي بالعمل من خلالها حتى يمكن الاتفاق على تغييرها، ولكن متى يمكن الاتفاق هذا؟ وفي أي زمن مقبل؟ وهل ستقرر ذلك أمانة السياسات تلك المؤسسة التي لا نعرف هل كيان حزبي أم محرك لمجمل مستقبل مصر، الذي يعرف الدكتور سعيد بالتأكيد أنه ليس ملكاً لقرار هذه الأمانة بل لجميع المصريين، وأن هذه الأمانة كما يقول المغرضون كانت فقط لتصعيد ابن الرئيس، الذي لولا أنه ابن الرئيس لما كانت له كل هذه الحظوة، في تقرير مستقبلنا نحن المصريين الغلابة الذي يلعب بهم الجميع.


3ـ ثمة مقول لراحل مصري عظيم هو جمال حمدان، يقول فيها: مصر حكومة بلا شعب سياسياً، وشعب بلا حكومة اقتصادياً، وهذه المقولة رد على الدولة والشعب والمجتمع والتاريخ التي أنهى بها الدكتور مقاله، ومقولة جمال حمدان أصدق بما لا يقاس من مقولة الدكتور سعيد المكرورة والمكررة برتابة تفلق الدماغ، فهذه الأقانيم الأربعة الدولة والشعب والمجتمع والتاريخ لم تنزل في حياة الإنسان المصري، منزلة تجعله إنساناً مطمئناً إلى يومه وغده، وإنما هي نوع من التزكية الإنشائية، والتخويف الذي يواجهنا به كتاب المقالات، حتى لا ننتقد لا الدولة ولا الشعب ولا المجتمع ولا التاريخ، فالدولة الراهنة هي دولة أمنية بامتياز، والشعب والمجتمع أيضاً هو شعب مغلوب على أمره، والتاريخ وهم في ذهن من يستند على أنه حفيد بناة الأهرامات، لكنه لا يعرف كيف يحل أزمة مرور في مدينة كالقاهرة، وإن كان الدكتور سعيد يقصد بالتاريخ تراكم الخبرة مثلاً، فإن تراكم الخبرة في الحياة النيابية المصرية، التي تعد الأقدم في التاريخ الحديث إلى جانب خبرة بريطانيا، لم تؤد للأسف إلى برلمان مصري يشبه في كله أو في بعضه مجلس العموم البريطاني.


4ـ الدكتور سعيد في سياق نقده لمواطنه المصري الدكتور محمد البرادعي، يبدي قدراً من الاتفاق، كأن يقول إنه يتفق مع البرادعي على حاجة مصر إلى تغييرات دستورية جوهرية، ولكنه لا يقول لنا، ما هي هذه التغييرات الجوهرية، وبماذا تتعلق في الدستور، الذي تم تعديل مواده الخاصة بالرئاسة، بشكل يغلق الباب بشكل شبه تام، على أي تنافس حقيقي على منصب رئيس الجمهورية، بعد مرحلة الاستفتاء التي امتدت على ما يزيد عن نصف قرن، ويقول الدكتور سعيد في مقاله، إن التغيير يجب أن يأتي نتيجة حوار بين القوى السياسية المختلفة، ولما كنا كمصريين نجيد التلفيق أو التنكيت، فأنا أسأل الدكتور سعيد عن تلك القوى السياسية، التي تم إضعافها عمداً على مدى سنوات طويلة، بالتضييق الأمني والإعلامي، وهل يمكن لحرية شكلية كحرية الكلام مثلاً، أن تنضج الحوار الذي نسعى إلى أن يرقى بمصر مجتمعاً ودولة، وإذا كانت مصر بلداً أكبر من أن يأتي لها مُخلص على حصان أبيض من فيينا، كما قال الدكتور في مقاله، فإنها أيضاً بلد أكبر من أن يأتيها مُخلص من لجنة السياسات، حتى لو كان ابن رئيس الجمهورية، حتى ولو تعمد ترزية القوانين في مصر على تفصيل الدستور على مقاسه.


على أنني وكمواطن مصري سأبصم بالعشرة على صحة كل ما قاله الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، وعضو لجنة السياسات، والمفكر والمنظِّر السياسي، وأدعوه إلى ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية ضمن كل ما قاله عن ترشيح الدكتور محمد البرادعي، وإن فعل الدكتور سعيد هذا، سأكون أول مؤيد له، وسأنشئ له على الفضاء الافتراضي مجموعة، كمجموعة مؤيدي جمال مبارك على الفيس بوك، وأنا على يقين تام، أو هي وجهة نظري الشخصية، أن الدكتور سعيد من أبناء مصر الَّذين يمكنهم فعلاً أن يتولوا قيادة مصرِ، بصرف النظر عن مقالاته التي يبثها لنا من القاهرة، فالرجل مفكر ويعلم عن أحوال مصر الكثير، كما نعلم نحن المغتربين عن أحوال بلدنا الكثير، وليس بالضرورة أن يكون الإنسان مغترباً عن بلده، حتى يجهل ما هي وما يحدث فيها، وحتى يتم إقصاؤه عن حقه في الانتخابات، على الأقل بالتصويت، وهو الحق المحروم منه جميع المصريين المغتربين في الخارج، بمن فيهم أنا والدكتور محمد البرادعي، فإذا كان حق التصويت ممنوعاً علينا، فما بالك بحق الترشيح؟ أليس كذلك يا دكتور سعيد؟


صحفي وشاعر مصري مغترب