كنت أشاهد مع عائلتي تقريرا تلفازيا يتحدث عن حجم معانات المرأة العراقية، وكانت ابنتنا الصغرى وعمرها 9 سنوات وقد ولدت في الدنمارك، تحاول أن تتابع حديثنا، وتبدي اهتمامها بالمشاركة، وفي سياق الحديث قالت ابنتي الكبرى ( 15 سنة ):
- بابا خيارات المرأة quot; كلش quot; جدا قليلة في العراق..!
علقت زوجتي:إنهم لايتركون لها أي خيارات..!
هنا قاطعتنا ابنتنا الصغرى مبدية رغبتها المشاركة موجهة الكلام لي: بابا
قلت: نعم
قالت: خطية quot; المرية quot; المرأة بالعراق..
قلت: أي والله بابا، خطية
قالت متسائلة: quot; ماعدها quot; عندها خيارات؟
ابتسمت معانقا إياها لاستخدامها، مفردات حديثنا تقلده بمصطلح اكبر من سنها، شجعها عناقي هذا وابتسامنا لمشاركتها الحديث إذ قالت بأسى وتساؤل تضامني مع المرأة العراقية..:
- خطية..بس حتى طماطات ماعدها؟
قلت بهدوء كاتما ضحكتي: لابابا لاخيارات ولاطماطات
قالت:
- خطية، ماتقدر ان تسوي quot; زلاطةquot; سَلاطةquot;
انفجرت أختها بالضحك، الأمر الذي أزعجها، وذهبت إلى غرفة أخرى غاضبة منا وهي تقول إنها لن تتحدث بالعربي بعد الآن معنا..!لأننا نسخر من عربيتها..!
المرأة عموما والعراقية خصوصا أكثر من quot; خطية quot;....!!
تاريخ الحروب والعنف حملتْ عبئه بما لايطيق أي إنسان آخر على تحمله، وهي تفقد زوجها وحبيبها وأبوها وأخوها وأطفالها في سلسلة الحروب والتصفيات الجسدية لأعزاء عليها، مرة لانتمائهم السياسي لجهات معارضة،أو لتعاطفهم،أو الشبهة،أو الكيد،بل وحتى التصفية على الهوية،ومرة حين اخطأ احدهم طريق تحرير القدس وظنه عبر quot;عبادان quot; وافقدها مليون حبيب بين معوق ومفقود وقتيل وحين اخطأ ثانية وظنه عبر الكويت كان عليها أن تدفع ثمن البوصلة quot; الخربانة quot; كثيرا ليس قتلى ومفقودون ومعوقون وحسب بل حصار مجرم فرضه الآخرون الأقوياء ليعاقبوا به صاحب بوصلتهم quot; الخربانة quot;،وبدلا من ذلك عاقبوا شعبا بكاملة، كانت المرأة هي أيضا من تدفع ثمنا باهظا...!
والآن في عام 2008 وفي مكتبة معلومات البلدان في صفحة الـ( سي آي أي) تقول عن العراق إن من كل 1000 شخص من الذكور، يموت 51.06، ومن الأناث 39.53.
ماذا يعني هذا؟ انه يعني وبكل بساطه خلل مريع بالتوازن الديمغرافي الجنسي، وفي أي مجتمع كان ستدفع ثمنه المرأة فكيف بمجتمع رجولي صرف مثل المجتمع العراقي...!!
لدينا وفق بعض الإحصاءات أكثر من 1.5 مليون أنثى تجاوزت الثلاثين من العمر ولم تتزوج،ومَن لاتمتلك وظيفة عمل،تصبح بحاجة لمعجزة كي تحظى بزوج، وأي كان عمرة أو عملة أو شكله، ويصبح الحديث عن الانسجام والتكافؤ والحب كلام بطرانين، بل الانكى من هذا هو خضوع وقبول اؤلائي لظاهرة تعدد الزوجات، فهي كائن حي أولا مثلها مثل الرجل في حقها في الحصول على زوج وأطفال وتكوين أسرة..!
ولكن كيف الحصول على زوج في مجتمع عدد الإناث فيه أكثر من عدد الذكور؟
هذه الكارثة تعرضت لها بلدان الاتحاد السوفييتي السابق بعد الحرب العالمية الثانية وفقدانهم 20 مليون قتيل، وبعد مرور أكثر من 60 سنه مازالت المرأة هناك تعاني.
هذا الخلل قد يفرز مستقبلا ظاهرة عدم مبالاة الرجل بالمرأة إذ كل الخيارات متاحة له وقد تزداد وتيرة العنف ضد المرأة.
ماهو الحل؟!
لاادري..!!
ربما جزء منه في القوانين التي ستشرَع والتي يجب أن تستند إلى إحصاءات دقيقة عن إجمالي السكان، ذكورا وإناث، ومفصلة حسب الحالة، الاجتماعية والاقتصادية.
وان نحفظ لها حقوقها، وعدم عوزها ماديا تحت أي ظرف كان، كرامتها التي هي كرامة الرجل والمجتمع على حد سواء.
آن للمرأة أن تستريح من دفع ثمن حماقات الرجل وحروبه، وأزماته ( الاقتصادية، السياسية، الدينية، الجنسية، النفسية...الخ).
المرأة هي الخصب والنماء، والديمومة والأرض بل هي الحياة...!!
وان لم نتعلم نحن معشر الرجال من الشرائع، ومن القوانين شيئا يذكر في صون كرامة المرأة...!فلننظر إلى الحيوانات الأخرى ونتعلم منها كيف تعامل إناثها وصغارها..!
الرجل quot; السلطة الذكورية quot; هو الحيوان الوحيد الذي يقتل الآخر من دون أن تكون إحدى دوافعه الجوع أو الدفاع عن النفس..!
الرجل هو الحيوان الوحيد الذي دمر البيئة والطبيعة وكان سببا في انقراض الكثير من الحيوانات وهو الآن يدمر نفسه، وجل مااخشاه أن يطفح كيل المرأة بايلوجيا منا نحن الرجال وتطور عندها آلية الإخصاب الذاتي كما هو حال بعض الكائنات الأخرى وتتخلص من هَم الرجال مرة واحدة والى الأبد...!
ويكون مصير الرجال حينها الانقراض.
ضياء حميو
التعليقات