جاءت خطوة العاهل المغربي الملك محمد السادس وقطع حكومة المغرب العلاقات الدبلوماسية مع ايران، في توقيت حرج وذات دلالات عدة، فالولايات المتحدة الامريكية تعيد صياغة حوارها مع ايران وسورية بالانفتاح المرن، في حين وصلت المصالحة العربية الى مستوى عال من الجدية بعد الزيارات المتبادلة بين السعوديين والسوريين قبل انعقاد القمة العربية في الدوحة.

ايران نفت كل الاسباب المغربية كما اعتبرت الخارجية الايرانية قرار المغرب المثير الدهشة والاستغراب، ويضر العالم الاسلامي في حين تدعو ايران الى الوحدة الاسلامية من اجل القضية الفلسطينية.

جاءت ردود الفعل العربية والدولية متباينة الى حد كبير ما بين الاراء المستنكرة والردود الرافضة الى صمت بعض الدول المجاورة مما أوحى للجميع بحياديتها السلبية غير الدور السعودي الذي تميز تصريحاته عبر وسائل الاعلام الداعي الى التصدي للخطر الايراني القادم من الشرق الاسيوي.

وقد ثمنت مملكة البحرين زيارة الرئيس المصري حسنى مبارك والملك الاردني عبدالله الثاني والكثير من الردود الفعل العربية تجاه مواقفهم بالرفض للمطالب الايرانية ومطامعها في المنطقة وخاصة مملكة البحرين.

الموقف المغربي هو الوحيد الذي تميز بالقسوة كما وصفه الايرانيون، يبدو ان الملك المغربي الشاب لم يعلن قرار حكومته التاريخي لمجرد دعوة صادرة من شخص ايراني اعتذرت حكومته عما صرح من مغالطات تجاه مملكة البحرين، بل انها دروس الماضي التى علمت المغرب الدلالات والعبر، والأخطاء لا تُقاس بكلمة او شخص بقدر ما هي كلمة تمثل حكومة والحكومة تمثل الشعب الى أن وصلت الى المغرب العربي وسمعها ملك المغرب بآذان غير آذان وانها قضية تنتهك من سيادة الامة العربية والاسلامية وعقيدتها السنية. قطع العلاقات المغربية مع ايران هو اغلاق البوابة الغربية امام تيار غير عربي وقد تكون هذه الرسالة الاولى والموجهة الى كافة الدول العربية من اجل حماية البوابة الشرقية من اي خطر يداهم الامة.

انها ليست غريبة على المغرب فالأتراك يتذكرون جيدا عندما قهرتم الثغور المغربية وتباكت جيوشهم على حدودها العربية اكثر من ستة قرون عثمانية. لماذا لا تكون هذه رسالة مغربية الى السلطان التركي الجديد عبدالله غول والتوغل التركي المعاصر بعد ان عجز السلطان التركي على اقناع الغرب بأوربيته وجاء الان ليقنع العرب بشرق أوسطيته وان فرح بعض العرب بالغنوة التركية لكن قد يكون من الصعب عليهم التغني بها.

وما اكدته المغرب ورفضها المطلق المساس بالمذهب السنى السائد في المغرب وهو المذهب الشائع في كافة الدول العربية والدول الاسلامية حيث اعتبرت المغرب التصريحات الايرانية الاخيرة تجاه البحرين مترابط مع التدخل الايراني داخل الاراضي المغربية لخلق الشرخ في الثقافة المتوارثة من الاباء والاجداد العرب.

لكن هل ادرك العرب وخاصة عرب دول الخليج العربي أهمية الموقف المغربي وهل ادرك كافة اطراف النزاع في منطقة الشرق الاوسط بأهمية الموقف العربي وخاصة ان بوابتهم الغربية ذات ثقل واهمية تساعد العرب في تطلعاتهم. فإذا كان ذلك فقد نجح المغاربة في تلقين الايرانيون درساً هاماً هو صعوبة استمرار الدعم الايراني لجبهة البوليساريو والمغرب اصطاد الورقة الرابحة ولن تكون صعبة على بعض الدول العربية في رد الجميل للمغرب وقطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران اذا ما فكرت ايران في توطيد علاقاتها مع البوليساريو وخاصة دول الخليج العربي والاردن ومصر. وفيما يخص دولة الامارات التى مازالت تعاني من الاحتلال الايراني لجزرها الثلاث فقد تكون هذه الخطوة عامل كسر حاجز الريبة في قطع العلاقات مع الجارة الايرانية حيث لم تستطع ايران التحكم بردود الفعل غير التصريح بعبارات الصدمة والدهشة والاثارة.

كما اراد المغرب ان يؤكد لجميع الدول العربية انه يمتلك ورقة ضغط مغاربية مفتوحة الاستخدام لتكمل اوراق الضغط العربية في مواجهة اي خطر يعم المنطقة العربية برمتها.

كما فيها لفت انظار الدول الافريقية وخاصة الدول ذات الاغلبية المسلمة شمال ووسط افريقيا بأن الدور الايراني يتغلغل في هذه المنطقة والمغرب هو اول دولة عربية وافريقية تعمل لصد هذا التغلغل، وبكل تأكيد جاءت المباركة المصرية لصديقتها المغرب وخاصة بعد الهجمة الايرانية على الدور المصري في غزة فلن تنسى الخارجية المصرية هذا الموقف وكيفية الرد عليه فقد تكون مصر تتمتع بأوراق ضغط تعمل لصالحها اكثر من الاوراق الايرانية التى لا تتجاوز سوى حركات انفصالية غير معترف بها في القانون الدولي بل تنظر اليها العديد من الدول العربية ووصفها بالحركات الارهابية التى تعيق عملية السلام في المنطقة.

بلال الصباح