كنت قد دعوت في مقالة سابقة، المشايخ الظلاميين، الى تبديل طريقتهم العدائية مع الآخر المخالف لهم في الرأي، وترك الشتائم والسب واللعن من على المنابر وكل وسائل الاعلام، وقبولهم بالاعتراف بوجود التناقض في النصوص الدينية، ناهيك عن الاخطاء اللغوية والتأريخية والجغرافية والآثارية والعلمية والمنطقية و العقلية وغيرها.

في خطوة منهم لطلب المغفرة من ملايين الناس الذين دفعوا حياتهم ودمائهم، أحيانا نتيجة قيام هؤلاء المشايخ بتجهيل المجتمعات التي سيطروا عليها عامدين متعمدين،لأغراض في أنفسهم غير حب الله والدفاع عنه وعن دينه، فهو حتما لا يحتاجهم، إن كانوا فعلا يؤمنون ومع النصوص يتجاوبون.

وأستطيع أن أستشهد بأي آية لأثبات وجهة نظري كما يفعلون هم كلما شاؤوا.

خذ مثلا: { وما الله يريد ظلما للعباد } غافر 31.

فإن قالوا..هذه الآية جاءت بقصد فرعون، نقول، لكنها واجبة العموم ولا تحتمل التفسير العكسي في مكان آخر، فهل الله يريد ظلما للعباد؟

خذ آية أخرى: { والله لا يحب الفساد } البقرة 205

وأكيد لاجدال في ذلك.. أن الله لا يحب الفساد.وهناك عشرات من الآيات بهذا المعنى..


وواضح بما لايقبل الشك والجدل أن أقوال وأعمال المشايخ تجلب الظلم والفساد على رأس العباد، كما سنضرب بعض الأمثلة البسيطة على ذلك.

فأن أجابونا بالآية :{وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون} الذاريات 56، سنقول لكنه لم يوكلكم علينا وعلى ألسنتنا و رقابنا وعقولنا ونسائنا وأطفالنا بدليل.. الآية :{وما أنت عليهم بوكيل } الأنعام 107.

ونص الآية كله هو: وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ [الانعام 107، فان كان ذلك الخطاب من الله لرسوله،فمفهوم للجميع أنكم لستم بأفضل منه ولن يسمح لكم ما يمنع عنه..أليس كذلك؟

نحن لا يهمنا أن تكونوا ميكافليين أو برغماتيين واقعيين أو لاعقلانيين أو أي فكر فذاك شأنكم بالتأكيد، لكن دعونا نحن أيضا أن نكون ما نريده ونفكر بطريقتنا وبما نراه صحيحا.

وكانت بعض الردود على المقالة المذكورة، قد جاءت من قراء متدينيين و تشير الى رفضهم تسلط هؤلاء المشايخ ورفضهم حتى تسميتهم بعلماء الدين.

حيث أن الدين علاقة خاصة بين الأنسان وخالقه الذي يؤمن به،لايحتاج الى علماء ولا هم يحزنون!

وما غالبية هؤلاء، إلا رجال يمارسون البطالة المقنعة التي لا تخدم المجتمع أبدا

ليضيعوا جهود ووقت ملايين البشر وحتى أموالهم، ويملؤون عقولهم بالاوهام والخرافات وقلوبهم بالخوف والقلق من كل شيء، حتى من الضحكة والحب!

وما عمل المشايخ في إصدار الاحكام التكفيرية وتوزيع التهم الجاهزة وتدخلهم في كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس، حتى وصل تدخلهم الى لبس الناس ومظهرهم وعطرهم وأكلهم وشربهم.


إلا أن جريمة إلاعتداء على الحقوق، قد تودي أحيانا بحياة الآخرين، نتيجة فتوى تحريضية أو حتى خطبة في مسجد أو حسينية.. والامثلة كثيرة لا حصر لها في جميع الدول الاسلامية ومدنه، التي لم تعد آمنة بطريقة مضطردة مع تنامي سطوة أولئك المشايخ وأتباعهم ذوي الأفكار الظلامية الى آخر مدى.وحثهم على قتل المخالف لهم حتى من المسلمين، من الطوائف الأخرى ( في حالة عدم توفر ضحية أمامهم من دين آخر ).

أما تدخلهم في السياسة فيكفي الاشارة الى مقالة أحد رداحيهم، المدعو خالد السلطان،قبل أيام في جريدة السياسة الكويتية بتأريخ 10 يونيو 2009، بخصوص القضية المثارة بين العراق والكويت حاليا، حيث قام بسب وشتم الشعب العراقي جملة وتفصيلا، ولم يستثن نفرا منهم وحتى أجدادهم الاولين، بحيث كانت نتيجة مقالته البذيئة تلك، أن إستفز حتى المعتدلين في مواقفهم من العراقيين، بينما تحمس معه باقي العامة من الكويتيين، وذهبت جهود الخيرين في إطفاء الفتنة بين الشعبين، أدراج الرياح!


وهذه أمثلة قليلة لتأثير تدخل المشايخ قولا وفعلا على حياة الناس عامة:


أولا: مصرع العشرات من الناس في باكستان في أحداث عنف طائفية وفي مدن متفرقة
ومقتل الوزيرة المحلية في البنجاب ( زلي هوما ) بزعم أنها ترتدي ملابس لا تتماشى مع الشرع الاسلامي..(صحيفة الشرق الاوسط، 10 يوليو 2007 )

طبعا يستطيع المرء إضافة بضعة آلاف من الضحايا منذ ذلك التاريخ ولحد الآن.

ثانيا : إندلاع أعمال عنف وإشتباكات بين مسلمين ومسيحيين في عدد من المحافظات المصرية، وحبس وإصابة العشرات في الفيوم وقنا.(اليوم الخميس 11 يونيو 2009 ).

ثالثا : ضحايا الارهاب في الجزائر أكثر من مئة ألف إنسان،قبل عدة سنوات، والاسباب إستخدام الدين للوصول الى السلطة السياسية.

رابعا : قضايا الرجم والجلد وقطع الرأس في السعودية للمخالفين لتعليمات المشايخ ولجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

طبعا لاتوجد إحصائيات لعدد النساء المرضى نفسيا بسبب النقاب القاتل، (عندي صورة فظيعة لخريجات جامعيات منقبات لكني لا أعرف طريقة إرفاقها بالمقالة )، كما لا توجد إحصائيات حقيقية عن تزويج البنات الصغار ومفاخذة الاطفال التي يباركها المشايخ علنا تارة،أو على إستحياء تارة أخرى.

خامسا : آلاف القتلى في العراق من المدنيين الابرياء، وقطع الرؤوس، بتوجيه المشايخ للبهائم الانتحارية، بحجة مقاتلة المحتل..

سادسا : جرائم متفرقة في العالم بقتل الابرياء الآمنين، كما في 11 سبتمبر،أمريكا وفي قطارات مدريد و مترو لندن وبالي في أندونيسيا، والعديد من بقاع العالم المختلفة.

والسؤال..لماذا كل ذلك؟

ومن أوكلهم بأستخلاص المعاني والحكم من النصوص الدينية وتفسيرها بطريقة تؤدي الى سفك كل تلك الدماء؟

لو ناقشت رجل دين عادي سيجيبك.. لايوجد نص واحد يحث على قتل الابرياء والمسالمين

وإذا سألته طيب لماذا إذن، الشيخ الفلاني، يحث على تلك التفاسير القاتلة؟

يجيبك..هذا إجتهاده!!!

إجتهاد؟؟؟؟

كل هؤلاء الضحايا من الابرياء؟ إجتهاد؟

فأن أخطأ،فله أجر، وإن أصاب فله أجران؟

فلنجتهد إذن نحن، على الاقل لكشف أغراض ودوافع هؤلاء البعض المغرضين، الذين يفسدون حياتنا من حيث يعلمون ويدركون ويصرون!


رعد الحافظ