بصراحة دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية في اسرع وقت ممكن لانهاء الانقسام الفلسطيني الراهن محاولة لوضع العربة أمام الحصان!

فلا الوقت يسمح باجراء انتخابات حقيقية في ظل الانقسام الحاد على الساحة الفلسطينية ولا توجد ضمانة واحدة أن حماس وباقي الفصائل سوف تحترم نتيجة هذه الانتخابات فضلا عن القبول أصلا بالانخراط فيها.

كما ان تجربة الانتخابات السابقة تقول إن المجتمع الدولي لم يحترم اختيار الشعب الفلسطيني بدليل مقاطعته للحكومة المنتخبة واستمراره في التعامل مع أبومازن بصفته رئيسا حتى بعد انتهاء ولايته الدستورية.

بل إن أن الدعوة إلى الانتخابات تأتي في ظل وجود سلطتين فلسطينيتين في غزة والضفة وإصرار اسرائيلي على مواصلة الاستيطان والتهويد ووضع شروط تعجيزية لعملية السلام.

دعوة ابو مازن تبدو وكأنها محاولة للتملص من الاستحقاقات الصعبة التي تفرضها المرحلة النهائية من الحوار الفلسطيني ndash; الفلسطيني في القاهرة.

فالحقائق القائمة على الأرض تقول أنه لا يمكن اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جادة في الأراضي الفلسطينية قبل الوصول الى توافق سياسي ومصالحة وطنية حقيقية.

وهذا ما دفع القاهرة منذ البداية إلى الرهان على الحوار بين فتح وحماس باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إعادة إعمار غزة والإشراف على المعابر.

وقد اسفر الحوار عن اتفاق فتح وحماس على اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية متزامنة في يناير 2010 وعلى آليات للمصالحة الوطنية تمنع تكرار الاقتتال الذي وقع في قطاع غزة في عام 2007.

لكن الجانبين لم يتوصلا إلى اتفاق بشأن إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية والترتيبات المتعلقة باعادة توحيد الأجهزة الأمنية وتشكيل قوة مشتركة تتولى مهام الأمن في القطاع بينما رفضت حماس الاعتراف المباشر بإسرائيل.

هذه الملفات العالقة تسببت في تأجيل الجولة الأخيرة من الحوار الفلسطيني إلى 25 اغسطس المقبل وإن كان أبو مازن قد طلبا اضافيا للتأجيل على أساس انشغال فتح في التحضير لمؤتمرها السادس الذي سيعقد في 4 أغسطس المقبل.

ومن الواضح ان ملف المعتقلين تحديدا هو العقبة الرئيسية أمام التوقيع على اتفاق نهائي بين فتح وحماس، فأبو مازن لا يمكنه عمليا الافراج عن المعتقلين في الضفة دون الرجوع إلى إسرائيل.

ولعل هذا ما دفع الرجل إلى الدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية في أسرع وقت ممكن في محاولة للتملص من الاستحقاقات الصعبة التي تفرضها المرحلة النهائية من حوار القاهرة.

ثم جاء لقاء كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بوزير خارجية إيران منوشهر متكي على هامش قمة عدم الانحياز في شرم الشيخ ليثير علامة استفهام جديدة بشأن توجهات السلطة الفلسطينية.

في الواقع دعوة أبو مازن لن تحقق شيئا غير تعميق الخلاف الفلسطيني وتكريس الوضع القائم في الضفة والقطاع.

عبد العزيز محمود