في انتظار اعلان النتائج النهائية لانتخابات اقليم کردستان ورئاسته، والتي باتت شبه معلومة بعد ان کانت شبه متوقعة اصلا، فان يوم 25.02.2009 اضحى علامة فارقة في المشهد السياسي الکوردي بما انه شهد ولادة اول معارضة ديمقراطية جدية كردية بعد سنين من الاحتکار السياسي للحکم داخل الاقليم من قبل الحزبين الکورديين الکبيرين. وبما ان اجواء ما بعد الانتخابات لا تزال ملبدة بغيوم الوجوم والذهول الشکوك عند هذا الطرف والشعور بالغبن لدى الطرف الاخر، فانه لمن الضرورة بمکان ان تترفع کل الاطراف عن السلبيات التي رافقت الحملة الانتخابية، والتطلع قدما للدفع بالمسيرة الديمقراطية بهدف الارتقاء بالتجربة الکوردستانية الى افضل ما هو ممکن.

الحزبان الکرديان،کما اشرنا في مقال سابق،ليسا فرحين بنتائج الانتخابات بالرغم من فوزهما. وهذا طبيعي کونهما ليسا متعودان على التعايش مع المعارضة من قبل. لکن لا خيار اخر امامهما سوى القبول بالامر الواقع والتعامل الايجابي مع المعارضة والتي لايمکن الشك في وطنيتها ومصداقيتها. وعلى الحزبين الکورديين ايضا ان يقوما بمراجعة شاملة لسياساتهما السابقة، لاسيما فيما يتعلق بملف الفساد الذي کان له الاثر الاکبر في تراجع شعبيتيهما، فمواطني الاقليم وفي ضوء الحرية والديمقراطية التي شهدوها منذ اکثر من عقد ونصف اضحوا بدرجة من الوعي لن يقبلوا بها بما ينتقص من کرامتهم وحقوقهم، وانهم لن يقبلوا من الان فصاعدا بالمحاصصات والمحسوبيات و ومحاولات التوريث السياسي..الخ. وان سياسات تاجيج المشاعر القومية، او التلويح والتخويف بالمخاطر الخارجية لم تعد تجدي نفعا في اخماد ثورات الغضب والاحتجاج. يبقى لنا ان نذکر الحزبين الکبيرين بانه لا فائدة من ان تکون حزبا کبيرا وتأريخيا عندما تنحرف عن المساروالمباديء وعن مصالح عامة الشعب، الم تکن فتح قرة عين الشعب الفلسطيني..؟؟

وفيما يتعلق بالمعارضة، ولاسيما حرکة گوران اي التغيير بالکوردية،التي جاءت في المرتبة الثانية بعد قائمة الحزبين الکبيرين،فانها احدثت بلا شك زلزالا في الواقع السياسي الکوردي بکسرها واقع المحاصصة والاحتکارالسياسي، يجب ان نذکر بان ليس کل ممن صوتوا لها هم من دمها ومن لحمها، بل

ان الکثيرين منهم فعل ذلك استنکارا لسياسات الحزبين الکبيرين. لذا فان کانت هذه الحرکة حريصة على الحفاظ على زخمها وعلى ان تصبح طليعة لحرکة تغيير حقيقية تشمل سائر مناطق الاقليم لا مناطق السليمانية فحسب، يتوجب عليها التمسك بمصداقيتها وتجنب کل ما من شأنه ان يخل بذلك مثل وجود عناصر فاسدة، او محسوبة على الفساد في صفوفها، والقبول بالمساومات مع الحزبين الکبيرين مقابل الاغراءات والامتيازات المادية، والابتعاد عن تقديس الفرد والقائد وعن التوريث السياسي.

امام حرکة گوران الکوردية، في الحقيقة، فرصة ذهبية لتکون حرکة طليعية للتغيير في المجتمع الکوردستاني ان تمکنت من الارتقاء بادائها التنظيمي والسياسي والاعلامي بالشکل الذي تتطلبه طبيعة المرحلة والتحديات القائمة.

آسوس جمال قادر
mailto:[email protected]