محمد موسى ndash; إيلاف: في حديثه للصحافيين العرب والأجانب، الذين حضروا مهرجان بحر السينما العربية، في مدينة quot;ميسيناquot; الايطالية الاسبوع الماضي، يورد quot; غايتانو جونتا quot; ، رئيس جمعية quot; أورتشينوس أوركا quot; الثقافية الفنية الايطالية، مثال المراة الصقلية قبل ثلاثين عامًا، ويقارنه بوضع المرأة العربية الآن، وكيف انه بالاماكن ان تصل المرأة العربية، إلى منجزات اجتماعية وسياسية مهمة في فترة زمينة ليست طويلة جدًا. وكما حدث مع المرأة الصقلية، والتي واجهت صعوبات كبيرة بسبب تقاليد قاسية وشديدة التمكن.
تتمنى ان تملك تفاؤل السيد الايطالي وحكمته ، بأن ترى التغيير القادم (والذي لا مناص منه) ، يهب ، ويغير الشرق الاوسط كله .لكن افلام المهرجان العربية ، والتي اختيرت تحت quot;ثيمةquot; المراة العربية ، لا تمنح الانطباع ، بان التغيير في طريقه الى منطقتنا ، او أن ظروف quot;تكونهquot; تنمو على بطء.
اختيارات الافلام التسجيلية حملت مفارقة مؤثرة ، فبعض الافلام ، والتي انتج بعضها قبل اكثر من عشر سنوات ، تقدم واقعًا نسائيًا عربيًا ،هو افضل من الزمن الحالي!. هذا التراجع المخيف الذي سجلته السينما ، نجده مثلا في فيلم المخرجة العراقية ميسون الباجه جي quot;نساء عراقيات من زمن المنفىquot; والذي انتج وعرض لاحدى التلفزيونات البريطانية بعد حرب الخليج الثانية 1991. فالنساء العراقيات اللواتي تحدثن في الفيلم ، من منفاهن السياسي والاجتماعي البريطاني ، مازلن ndash;على الارجح- في نفس المكان ، حتى بعد تغيير النظام العراقي السياسي عام 2003. والتحقت بنساء الفيلم ، هاربات عراقيات جديدات ، اضطرتهن الظروف الامنية والارهاب ، الى التوجه لوجهات آمنة ، بعيدًا جدًا عن بلدهن.
ونبقى مع نساء العراق ، فالممثلة العراقية الرائدة ، ناهدة الرماحي ، والتي كانت شخصية فيلم المخرج العراقي قتيبة الجنابي quot;الارض الضائعةquot; ، مازالت في لندن ايضا ، رغم الالم الذي بدا واضحا على الممثلة في الفيلم (الذي صور قبل عشر سنوات ايضا) وحديثها عن غربتها الفنية والانسانية الصعبة. مع ناهدة الرماحي ، هناك الآن العشرات من الممثلات العراقيات الهاربات من العراق لاسباب مختلفة ، منها صعود القوى الاسلامية المحافظة ، وازدراء الفن والفنانين الذي حملته افكار تلك القوى.

من فيلم أمينة للمخرجة اليمنية خديجة السلاوي
وحتى مع الفيلم الفائز بجائزة الافلام التسجيلية الطويلة في المهرجان quot;امينةquot; للمخرجة اليمنية خديجة السلاوي ، والذي وفق في تحقيق انجاز يقترب من المعجزة ، باطلاق الفتاة اليمنية quot;أمينةquot; من السجن وتخلصها من حكم الاعدام الذي كان يتراقص لسنوات في زنزانتها ، هناك مهمة تنتظر الانجاز ، فأمينة تعيش مختباة مع ولدها في صنعاء ، بسبب اصرار عائلة زوجها (والتي اتهمت بقتله) على الانتقام منها ، رغم ان القضاء برّأها من التهمة.
رغم تنوع افلام المهرجان ، والتي اهتمت بشكل عام ، بوضع النساء العربيات ، من العنف الموجه ضدهن ، والنفي السياسي ، وقضايا الزواج المبكر ، والختان ، غابت بعض المواضيع النسائية المهمة ، عن المهرجان ، مثل مواضيع التعليم وفرصه عند النساء ، وظروف العمل وتحدياته ، والتي عالجتها بعض الافلام التسجيلية العربية مثلا.
افلام المهرجان الاخرى ، والتي اشرف على اختيارها المدير الفني للمهرجان ، الناقد والكاتب العراقي عرفان رشيد ، بدت كانها تخوض معارك خاسرة مع التقاليد الدينية والاجتماعية لمجتمعاتها.مثل فيلم quot;دنياquot; للمخرجة اللبنانية المقيمة في كندا جوسلين صعب. وهو الفيلم الاول الذي يتوجه بالكامل للتعرض لمشكلة ختان النساء في مصر ، والعوق النفسي الدائم الذي يسببه للنساء. الفيلم الذي عرض بشكل مرتبك في مصر قبل سنتين ، لم يمهد لاعمال اخرى ، او نقاش تعدى ، النقاش الذي دار وقت العرض ، واتجه في اغلبه ، إلى مهاجمة المخرجة وجهات الانتاج الاجنبية ،و التي اتهمت بالبحث عن اسباب للانتقاص من العرب او المصريين.
من بين مجموعة الافلام الروائية الطويلة ، حصل فيلم الجزائري سعيد ولد خليفة quot;عائشاتquot; ، على اهتمام شعبي ايطالي وقت عرضه في المهرجان ، حتى ان مدير مؤسسة quot; أورتشينوس أوركا quot; الايطالية ، اعلن ان الفيلم سوف يضم الى المكتبة الصورية للمؤسسة والتي سوف تكون متاحة للباحثين الاجتماعين الايطالين وغيرهم.فيلم عائشات يرتكز على قصة حقيقية وقعت في قبل سبع سنوات في الصحراء الجزائرية ، حيث قامت مجموعة من الشباب الجزائري ، لاسباب غير معروفة الى اليوم ، بالاعتداء الجسدي واغتصاب حوالى39 فتاة من الفتيات العاملات في احدى شركات الغاز هناك. المخرج يستلهم الحادثة ، ويقدم قصة لاثنين من الصديقات اللتين عملتا معًا في الشركة نفسها.

سينما الحكايا الشعبية

ملصق فيلم quot;بنت مريمquot; للمخرج الامارتي سعيد سالمين المري
شاركت اربعة افلام خليجية ، في الدورة الثانية لمهرجان بحر السينما العربية. رغم ان قصص الافلام الخليجية المشاركة لا تختلف كثيرا عن قصص بلدان عربية اخرى ،الا ان بعضها تميز بتقديم خصوصية صورية خليجية.وبروز quot;نفسquot; الحكاية الشعبية في الافلام القصيرة والطويلة المقدمة.والذي بلغ ذروته في الفيلم الامارتي quot;بنت مريمquot; للمخرج الامارتي سعيد سالمين المري. الفيلم الذي سبق وفاز بالجائزة الثانية في مهرجان الخليج السينمائي ، يقدم بشاعرية آخذة ، حياة امراة وطفلة ، تجتهدان للخلاص ، من تسلط مجتمعهما وانغلاقه.الفيلم حصل على جائزة النقاد في مهرجان ميسينا السينمائي كافضل فيلم قصير.
من الافلام الخليجية القصيرة التي عرضت ، فيلم quot;عشاءquot; من تاليف الكاتب البحريني امين صالح ومن اخراج المخرج حسين الرفاعي ، الفيلم اثار الكثير من الجمهور الايطالي الذي شاهد الفيلم ، بسبب موضوعه الذي يتناول جرائم الشرف في العالم العربي. في quot;العشاءquot; تتامر العائلة جميعا ، لقتل ابنتهم ، التي ارتبطت بعلاقة عاطفية وجنسية مع شاب تخلى عنها. على الرغم من رغبة الفيلم القصير ، بتفسير خلفياته ، عن طريق حوار البطلة العالي مع نفسها ، وضعف طرق التعبير السينمائي ، يحتفظ الفيلم بقوة الموضوع ، الذي يقدم بالنهاية موت البنت الفعلي والعائلة الرمزي ، والتي لم تستطيع الاخيرة ، من التغلب على تقاليد مجتمعها ، والتي تسير احيانا ضد غرائز الحب والقرابة.
المهرجان عرض ايضا فيلم المخرج البحريني بسام الذوادي quot;حكاية بحرينةquot; ، والذي انتج قبل اربع سنوات، ويقدم الحكاية البحرينية السياسية والاجتماعية في نهاية السيتنات من القرن الماضي.الفيلم من تاليف الكاتب البحريني امين صالح ، والذي كرمه المهرجان ، لجميع انجازته في حقل الكتابة السينمائية ، ناقدًا، ومترجمًا وكاتب سيناريو.

مستقبل المهرجان
بغياب الدعم العربي ، يبقى مهرجان سينمائي مثل بحر السينما العربية ، مرتهنا بدعم المؤسسات الثقافية الاوربية.والتي بدورها تتلقى الدعم المادي من حكوماتها.عملية استمرار مشروع مهرجان سينمائي مثل هذا ، يرتبط الى حد كبير ، باقتناع المؤسسة الثقافية الداعمة ، بجدوى المشروع ، واهميتة للجمهور الايطالي ومؤسساته المدنية ، اضافة الى الدور الذي يمكن ان يضطلع به المهرجان في تشجيع حوار عربي ايطالي او حتى عربي عربي.

الكاتب والناقد السينمائي عرفان رشيد المدير الفني للمهرجان
يبقى المهرجان في بدايتة المبكرة جدا ، ويحتاج الى الكثير من الجهد ، للدعاية له ، ليس في مدينة quot;ميسيناquot; وحدها ، لكن في كل الجزيرة الايطالية. ولأننا لا نتوقع من الجمهور ان يقطع ساعات من السفر لمشاهدة فيلم عربي ، يجب ان يفكر المهرجان بالذهاب الى هذا الجمهور ، من خلال عروض تقدم له في مدنه ، في الجزيرة الايطالية التي تملك مواصفات تاريخية واجتماعية خاصة.
على المهرجان ايضا ، ان يثبت مجموعة من التقاليد ، منها مواعيد ثابتة للافلام ، وطرق واضحة لعرض الافلام ، فالعروض التي تجري في الهواء الطلق ، تمت هذه السنة ، عن طريق اجهزة عرض quot;الدي في ديquot; ، بسبب انخفاض استعمال تكاليف الاخيرة ، مقارنة بطرق العرض السينمائي التقليدية ، مما اثر على عرض بعض الافلام ، التي فقدت جزءًا من جمالية تصويرها السينمائي.