د. محمد أل عباس
إن قضية شركة بيشة والعديد من الشركات السعودية أنها تنظر إلى السوق المالية فقط، وأصبح سعر سهمها هو جل همها، والحق غير ذلك تماما. ما ضير مساهم وضع جل ثروته في شركة تنمو بشكل سليم وتعمل بشكل صحيح وتوزع أرباحا وتنمح أسهما، أقول ما يضره أوقف سهمه أو عاد لأنه سيحصل على عوائد في كل حال ثم ndash; وهو يثق بقدرات شركته ndash; يعرف أن سهمها حال إدراجه سيعوضه بما يعكس حال ثروته الحقيقية.
دعا مجلس إدارة quot;بيشةquot; في مطلع هذا الأسبوع إلى عقد الجمعية العامة غير العادية، وجاء في هذا الإعلان، طلب الجمعية العامة بالموافقة على خطة الاندماج وتغيير أنشطة الشركة وكذلك تعيين مراجع جديد. وفي الإعلان أيضا إشارة إلى عقد الجمعية العامة على الرغم من عدم موافقة وزارة التجارة على أساس أنه لا يوجد نص على ذلك في نظام الشركات، وهنا تحد صريح ومع ذلك لم أطلع على رد الوزارة على مثل هذا الإعلان.
إن مشكلة شركة بيشة مع قوائمها المالية عن 2006 والتي تطالب وزارة التجارة بتعديلها، ومعنى ذلك - وكما أشار مراجع الحسابات - أن هذه القوائم لا تعكس بعدل الوضع المالي للشركة ولا نتائج أعمالها، ومعنى هذا أن قيم الأصول أصبحت محل شك، فكيف ستتمكن شركة تعاني مشكلة كبيرة وحقيقية في تقييم الأصول من إعلان خطة اندماج وتريد الموافقة عليها ndash; أنا متأكد أن الشريك المندمج سيطالب بتقييم حقيقي للأصول وهكذا ستعود الشركة لتواجه المشكلة نفسها التي تهرب منها ndash; مع قوائمها المالية - فكيف المخرج؟
المخرج ببساطة - وهو كما تراه الشركة - أن تبحث عن مراجع آخر غير المراجع السابق بحيث يصادق المراجع الجديد على القوائم المالية، وهنا بيت القصيد. الشركة تعلن أن هناك مراجعا جديدا وتريد الموافقة على تعيينه. السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة من هذا المراجع؟ والمسألة ليست مسألة اسم ولكن كيف يوافق المراجع الجديد على عملية بهذا الشكل ndash; لاحظ أن السنة المالية لم تنته بعد، وأن المراجع السابق لم يزل هو المراجع المعين من قبل آخر جمعية، واضح من إعلان الشركة أن المراجع الجديد قد وافق على أمور عدة فأين المهنة؟ بل أين الأخلاق المهنية؟ القاعدة رقم (401) من قواعد السلوك المهني للمراجعين تقضي quot;أن على العضو الممارس الذي يطلب منه أحد العملاء مراجعة حساباته أن يستفسر من زميله السابق عما إذا كانت لديه أي اعتراضات مهنية تحول دون قبوله عملية المراجعة. وعلى العضو الممارس أن يقدم لزميله ـ الذي من المتوقع أن يحل محله في تقديم أي خدمات مهنية لأحد عملائه ـ أي إيضاحات تطلب منه، خلال فترة زمنية معقولة، وذلك بعد أخذ موافقة العميل في كلتا الحالتينquot;. والقاعدة رقم (501) قاعدة السلوك الحسن تنص على quot;أن يتجنب العضو الأعمال التي تسيء إلى سمعته وسمعة المهنة وعلاقته بزملائه في المهنةquot;. فأين تصرف المراجع الجديد من هذه القاعدة؟ ثم وبافتراض حدوث اتصال، كيف يقبل المراجع بتعيينه وهناك قضية حول القوائم المالية السابقة لم تنته بعد؟ كيف سيتحقق المراجع الجديد من قيمة الأرصدة؟ وكيف سيحصل على دليل عدالة القوائم المالية والمبنية على قوائم يراها مراجع زميل أنها غير عادلة؟ القضية هنا كبيرة جدا، بل خطيرة على مهنة المراجعة وأطالب هيئة المحاسبين القانونيين بالتدخل لتوضيح الأمر ومدى صدق ادعاء الشركة بتعيين مراجع جديد، وإذا حصل واستطاعت الشركة تغيير المراجع فلماذا لا تتأكد الهيئة من سلامة عملية الاتصال بين المراجع السابق والجديد.
وبالعودة إلى إعلان الشركة نجد أنها تريد عقد الجمعية العامة رغم رفض وزارة التجارة، فكيف سيتم ذلك، هنا تلاعب واضح بعقول المساهمين، هل ستعقد الجمعية دون حضور عضو وزارة التجارة؟ هل ستعقد الجمعية دون نشر الإعلان في الجريدة الرسمية ndash; أم القرى ndash; المادة (88) من نظم الشركات السعودية تنص على quot;أن تنشر الدعوة لانعقاد الجمعية العامة في الجريدة الرسمية وصحيفة يومية توزع في المركز الرئيسي للشركةquot;، وكما أعرف لن تستطيع الشركة نشر الإعلان في الجريدة الرسمية إلا بموافقة وزارة التجارة، ومع ذلك يبقى السؤال هل يمكن عقد جمعية أو هل سبق وعقدت جمعية بالنشر في غير الجريدة الرسمية؟ وهل مازالت الجريدة الرسمية فاعلة فعلا ولها دور حقيقي في إطلاع المساهمين على حقيقية الإعلانات ومصداقيتها؟
إن قضية شركة بيشة والعديد من الشركات السعودية, أنها تنظر إلى السوق المالية فقط، وأصبح سعر سهمها هو جل همها، والحق غير ذلك تماما. ما ضير مساهم وضع جل ثروته في شركة تنمو بشكل سليم وتعمل بشكل صحيح وتوزع أرباحا وتمنح أسهما، أقول ما يضره أوقف سهمه أو عاد لأنه سيحصل على عوائد في كل حال ثم ndash; وهو يثق بقدرات شركته ndash; يعرف أن سهمها حال إدراجه سيعوضه بما يعكس حال ثروته الحقيقية والمتمثلة في التدفقات المستقبلية التي يدرها له السهم، ولهم في quot;سابكquot; مثلا فلم يضر مساهميها أن وصل سعر سهمها إلى 95 ريالا وهي تحلق الآن فوق 160. إن قدرة السوق على مكافأة أو معاقبة الإدارة دائما فاعلة.
أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد - أبها
التعليقات