واشنطن: quot;ترك شركات إنتاج السيارات تنهار ليس خيارا قائماquot; كان هذا هو المبدأ الحاكم فى المناقشات التى أجراها الكونجرس هذا الأسبوع لبحث إمكانية مساعدة شركات السيارات المتعثرة ، وإنقاذها من الانهيار ، الأمر الذى يعنى الكثير من الآثار السلبية للاقتصاد الذى ما يزال يعيش حالة ركود كبيرة تهدد مستقبله.

فبعد أن قدمت ثلاثة من كبرى شركات إنتاج السيارات فى الولايات المتحدة هذا الأسبوع - وهم شركة فورد Ford وشركة جنرال موتورز General Motors وشركة كرايسلر Chrysler - خططهم المقترحة لإعادة الهيكلة وإصلاح أوضاعها ، شهدت لجان الكونجرس مناقشات حادة حول خطة الحوافز المقدمة لهذه الشركات ، وقد كان المديرون التنفيذيون لهذه الشركات قد خضعوا للمجموعة من جلسات الاستماع داخل لجان الكونجرس المختصة لشرح وجهات نظرهم حول الأزمة التى تمر بها هذه الشركات التى يديرونها ، وتوضيح النقاط التى احتوتها الخطط التى قدموها. وبات أمام أعضاء الكونجرس عدد من الأسئلة تدور حول مدى إمكانية تقديم هذا الدعم لهذه الشركات؟ وكيف ستستخدم هذه الشركات أموال دافعى الضرائب؟ وما هى الإجراءات التى ستتخذها هذه من اجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الأزمة؟


لا دعم بدون شفافية ومحاسبة

ففى برنامج Face The Nation الذى يقدمه بوب شيفر Bob Schieffer على شبكة CBS تم إجراء مقابلة مع رئيسة مجلس النواب الديمقراطية نانسى بيلوسى Nancy Pelosi والمستشار الاقتصادى للرئيس المنتخب باراك أوباما Barack Obama أوستن جوزبى Austan Goolsbbe ، وعن إمكانية أن يسمح القائمين على الاقتصاد الأمريكى بترك هذه الشركات ndash; التى تمثل احد أهم الصناعات الحيوية بالنسبة للاقتصاد الأمريكى ndash; تنهار بإعلان إفلاسها ، أكد جوزبى Goolsbbe أن السؤال لا يطرح بهذه الطريقة ، وإنما ما هى وجهة النظر فى التشريع المعروض للنقاش أمام الكونجرس حول خطة الدعم المقترح تقديمها لهذه الشركات؟ ولفت Goolsbbe الانتباه إلى أن الشركات عندما تواجهها صعوبات آيا كان نوعها فإنها تعمل على حلها من خلال إدخال مجموعة من الإصلاحات من قبيل إعادة الهيكلة وإتباع خطط جديدة لتسيير العمل داخلها ، ولكن عمليات إعادة الهيكلة والإصلاح هذه دائما ما تكون فى حاجة إلى تمويل كبير ، وبما أن الأسواق المالية الآن تمر بأزمة كبيرة فان هناك خطر أن تتحول عملية الهيكلة هذه إلى مجرد عملية تسييل Liquidation لأصول هذه الشركات ، وعملية التسييل هذه بدورها تمثل خطورة كبيرة على الاقتصاد الأمريكى ، ولا يمكن فى ظل حالة الركود الكبيرة التى يمر بها الاقتصاد ترك هذه الشركات تنهار تقديم مد يد العون لها ، فمثل هذا الإجراء سيوف يؤدى إلى إبطال أى مفعول لأى خطة حوافز قد يقرها الكونجرس لإنقاذ الاقتصاد فى الفترة القادمة ، ومن ثم أكد جوزبى Goolsbbe أن الحكومة لن تسمح بذلك أن يحدث فقط من اجل مصلحة الاقتصاد نفسه ، ولكى تقوم الحكومة بهذا الدور، لابد لهذه الشركات من دور فى هذه العملية ، من خلال تقديم خططها لإعادة ترتيب أوضاعها والنهوض من عثرتها.

أما رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى Nancy Pelosi فقد أكدت على أن الكونجرس طلب من رؤساء شركات صناعة السيارات التى طالبت من الكونجرس التدخل لإنقاذها من الانهيار أن يقدموا خطط تفصيلية عن الكيفية التى سوف يستخدموا بها هذه الأموال التى سيخصصها الكونجرس لهم ، وأشارت إلى أن مبدأ المحاسبة Accountability سيكون الأساس الذى يعتمد عليه الكونجرس فى التعامل مع هذه الشركات ، وإقرار ما إذا كانت تستحق الدعم أم لا؟

ولكن بيلوسى Pelosi أكدت فى نفس الوقت أن عدم مساعدة هذه الشركات ليس خيارا قائما ، ولكن يهدف الكونجرس من هذا الإجراء إلى ماذا ماذا سيحدث فى المستقبل؟ وكيف سيتم توفيق أوضاع هذه الشركات حتى لا تنهار؟ وكيف ستنفق أموال دافعى الضرائب؟


ومن جانبه أشار شيفر Schieffer إلى بعض الأرقام التى توضح حجم الدخول السنوية للمديرين التنفيذيين لكبرى شركات صناعة السيارات فى الولايات المتحدة ، فمدير شركة تويوتا Toyota يمثل دخله السنوى حوالى مليون دولار ، أما مدير شركة فورد Ford يصل دخله السنوى 21.7 مليون دولار ، هذا فى الوقت التى خسرت فيه الشركة أكثر من سبعة مليارات دولار ، أما المدير التنفيذى لشركة جنرال موتورز General Motors فيحصل على 15.7 مليون دولار سنويا ، فى حين خسرت الشركة هذا العام 15.9 مليار دولار ، وتعقيبا على هذه البيانات لفتت بيلوسى Pelosi الانتباه إلى أن الكونجرس يريد هذه الخطط معرفة أين ستذهب أموال دافعى الضرائب؟ ولماذا يحصل هؤلاء المديرين على هذه المبالغ الطائلة بالرغم من عدم نجاحهم فى إدارة شركاتهم وتحقيق هذه الشركات لخسائر كبيرة ، ومن ثم يريد قادة وأعضاء الكونجرس أن يكون كل شئ يجرى فى مدينة ديترويت Detroit ndash; مركز صناعة السيارات فى الولايات المتحدة - تحت السيطرة ، وخاضع لكافة أنواع الرقابة ، التى ستعمل على منع أى إهدار أو استنزاف لهذه الأموال فى غير الأهداف المبتغية منها.


خطط للخروج من الأزمة

أما شبكة راديو NPR فقد أعدت تقريرا عن الخطط التى قدمتها كل من شركة فورد Ford وشركة جنرال موتورز General Motors وشركة كرايسلر Chrysler حول الكيفية التى سوف يعتمدوا عليها فى إعادة توفيق أوضاع شركاتهم ، فى محاولة منهم لإقناع الكونجرس بالتصويت لصالح حزمة من برامج الدعم التى ستقدم لهذه الشركات لتنفيذ خطط الإصلاح وإعادة الهيكلة. وأكد التقرير أن الكونجرس من خلال لجانه المختصة سوف يقوم بمراجعة وتقييم هذه الخطط المقدمة كل واحدة منها على حدة ، لإقرار ما إذا كانت أحدها أو كلها فى حاجة فعلية إلى هذا الدعم والى أى مدى سوف تنجح فى استغلاله من اجل عدم تعرضها للانهيار والإفلاس.

وفى تناوله لتفاصيل هذه الخطط لفت التقرير الانتباه إلى أن الخطط الثلاث وعدت دافعى الضرائب الأمريكيين بمزيد من المزايا والفوائد التى ستعود عليهم حال استطاعت هذه الشركات الخروج من أزمتها الحالية ، وطرحت هذه الخطط أن مديريها سوف يعملون بأحر رمزى يصل إلى دولار واحد فقط سنويا. وأكدت الخطة التى قدمتها شركة فورد Ford على أنها سوف تقوم بإلغاء كافة الحوافز والزيادة المقدمة للعاملين فيها فى عام 2009 فضلا عن إلغاء الزيادات التى كانت مقررة لمرتبات العاملين فى مصانعها ، كما أكد المدير التنفيذى للشركة أن شركته سوف تتعاون مع اتحاد العاملين فى صناعة السياراتUnited Auto Workers union من اجل تقليل النفقات والتحول إلى إنتاج السيارات التى تعمل بالكهرباء.

وبالرغم من هذه التنازلات التى قدمتها الشركات الثلاث ، إلا أن الوضع فى الكونجرس ndash; كما يشير التقرير ndash; ليس مطمئن بالنسبة لها ، فبالرغم من إدراك المشرعيّن مدى الآثار الضارة التى يمكن أن تلحق بالاقتصاد إذا انهارت هذه الشركات الكبرى ، إلا انه ما تزال هناك الكثير من المساومات والشد الجذب ، وفى هذا السياق أكد السيناتور الديمقراطى كريس دود Chris Dodd ndash; رئيس لجنة البنوك فى مجلس الشيوخ- على أن هذه الشركات يجب أن تقنع أعضاء الكونجرس بأنها قادرة على الخروج من أزمتها الحالية من خلال تغيير طريقة العمل داخلها ، الأمر الذى يضمن لها النجاح فى نهاية الأمر.



صناعة السيارات: نحو إعادة الهيكلة وتوفيق الأوضاع

وعلى شبكة CNN قدم برنامج CNN NEWSROOM قدم ألى فيلشى Ali Velshi ndash; المراسل الاقتصادى للشبكة - تقريرا تناول فيه عدد من النقاط أهمها كانت الحالة المالية المتدهورة التى هى عليها الشركات الثلاث ، مما دفعها إلى طلب دعم إضافى من الكونجرس يقدر بحوالى 25 مليار دولار ، فمن ناحية أولى أكد فيلشى Velshi أن شركة فورد Ford هى أفضل الشركات حالا من الناحية المالية ، وأكد مديرها التنفيذى على أن المبلغ الذى طلبته الشركة - والذى يقدر بـ 9 مليارات دولار - لن تستخدمه الشركة فى الوقت الحالى إلا إذا طرأت ظروف جديدة سيئة.

وأشار فيلشى Velshi إلى أن فورد Ford وعدت بالقيام بالعديد من التطويرات والتحسينات فى خطوط إنتاج السيارات التى تنفذها ، منها على سبيل المثال التركيز على إنتاج السيارات صغيرة ومتوسطة الحجم فى محاولة منها لوقف اعتمادها على إنتاج الشاحنات الضخمة ، أيضا ستعمل الشركة على تحسين كفاءة الوقود المستخدم فى سياراتها ، وأنها فى هذا الإطار سوف تخصص 14 مليار دولار من اجل تطوير هذه التكنولوجيا الجديدة ، فضلا عن اتجاه إدارة الشركة إلى بيع الطائرات الخمس الخاصة التى تمتلكها.

أما بالنسبة لشركة جنرال موتورز General Motors فأكد فيلشى Velshi أنها من أكثر الشركات التى تعانى من مشاكل مالية ، وبالنظر إلى الظروف الحالية من أزمة مالية تمر بها الشركة ، إلى عدم قدرة الأفراد على شراء سيارات جديدة ، فضلا عن حالة الركود التى يعيشها الاقتصاد ، مما يزيد من موقف الشركة سوءاً ، وبالتالى فهى مهددة بان تفقد كل ما لديها من سيولة مالية خلال الأشهر القادمة ، ومن ثم فهى أكثر مؤسسات صناعة السيارات فى حاجة إلى الدعم حتى لا تنهار الشركة بإعلان إفلاسها.

أما شركة كرايسلر Chrysler فمنذ أن أصبحت شركة خاصة بعد أن اشترتها شركة دايلمر Daimler ليس هناك الكثير المعروف عنها ، ومن المعروف أن النشاط الاساسى للشركة يرتكز على صناعة السيارات والشاحنات الكبيرة ، وإنتاجها يقع فى المرتبة الأولى فى هذا المجال ، إلا أن فيلشى Velshi أكد على أن هذا النشاط لا يكفى وحده لاستمرار الشركة وحصولها على الدعم الذى طلبته.