إستعدادًا لمنتدى تعقده في مقرها في روما يومي 12و 13 أكتوبر/تشرين الاولالجاري لمناقشة استراتيجيات كيفية quot;إطعام العالم عام 2050quot;، وفي الوقت الذي يواجه فيه سكان العالم تحديات رئيسة في غضون العقود المقبلة، دعت منظمة الفاو إلى ضرورة زيادة إنتاج الغذاء بمقدار 70% لتلبية احتياجات 2.3 مليار شخص إضافي بحلول عام 2050. وطالبت مواصلة جهود التغلب على الفقر والجوع، وتحقيق استخدام أعلى كفاءة للموارد الطبيعية النادرة، والتكيف مع تغير المناخ. في حين كشفت التقديرات العالمية أنه ما لم تتخذ إجراءات هادفة وتخصص استثمارات كافية لهذه الغايات، فإن ما يصل إلى 370 مليون شخص لن ينفكوا يعانون الجوع بحدود عام 2050، أي ما يناهز نحو 5% من سكان الكوكب.


ميلانو- وكالات:أكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة quot;فاوquot; اليوم الخميس أن العالم بحاجة إلى استثمار 83 مليار دولار سنويًا في الزراعة في البلدان النامية لإطعام 9.1 مليار نسمة عام 2050. موضحة أن الزراعة العالمية في حاجة إلى استثمارات ضخمة لرفع الإنتاج الكلي بنسبة 70 % خلال السنوات الإحدى والأربعين المقبلة. ومن بين ذلك، مضاعفة الإنتاج تقريبًا في البلدان النامية لإطعام 2.3 مليار نسمة آخرين بحلول 2050.

وتشير المنظمة، في ورقة قبل منتدى حول إطعام العالم في 2050 المقرر عقده في روما يومي 12 و13 أكتوبر/تشرين الاولالمقبل، إلى أن الحاجات الأولية للاستثمارات الزراعية تشمل تخصيص نحو 20 مليار دولار سنويًا لإنتاج المحاصيل، و13 مليارًا للثروة الحيوانية. وأضافت أن هناك حاجة إلى 50 مليارًا أخرى سنويًا للخدمات، مثل التخزين ومنشأت المعالجة.

ورأت فاو أن معظم هذه الاستثمارات يجب أن يأتي من القطاع الخاص، مثل شراء المزارعين للحبوب والأسمدة والآلات واستثمارات الشركات في تصنيع المواد الغذائية، إلى جانب استثمارات عامة في مجال أبحاث وتطوير الزراعة ومشروعات البنية الأساسية الكبرى، مثل شق الطرق وإقامة المواني وأنظمة التخزين وشبكات الري، وكذلك التعليم والرعاية الصحية.

كذلك، تفيد المنظمة بأن هناك حاجة لإنفاق ما يصل إلى 29 مليار دولار من 83 مليار دولار هي صافي الاستثمارات الزراعية السنوية المتوقعة في أكبر بلدين من حيث تعداد السكان، وهما الهند والصين.

في حين، ستحتاج أفريقيا جنوب الصحراء نحو 11 مليار دولار، وأميركا اللاتينية والكاريبي نحو 20 مليارًا، فيما سيحتاج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عشرة مليارات، وجنوب آسيا 20 مليارًا، وشرق آسيا 24 مليارًا، بحسب معطيات الفاو.

إلى ذلك، يعتزم فريق متخصص من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي quot;الفاوquot; إجراء دراسة لأوضاع الأمن الغذائي والإنتاج الزراعي في اليمن، وذلك عقب موجة الجفاف المستمرة، التي يواجهها منذ سنوات عديدة.

وطبقًا لأحدث تقديرات الأمم المتحدة، سيرتفع عدد سكان العالم من 6.8 مليار نسمة اليوم إلى 9.1 مليار عام 2050، أي ما يحتم إطعام ثلث إضافي من البشرية في ذاك الوقت، مقارنة بما هو حاليًا، بل ويكاد مجموع هذا النمو السكاني بأسره يقتصر على البلدان النامية. ومن المتوقَع أن يسجل النمو السكاني في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أسرع المعدلات بنسبة 108%، وبمقدار 910 ملايين شخص، بينما سيسجل إقليم جنوب آسيا وشرقها أبطأ المعدلات بنسبة 11 %، وبمقدار 228 مليون نسمة. وفي نحو العام 2050، سيقيم 70% من سكان العالم في المدن أو المناطق الحضرية، أي ما يفوق المعدل السائد اليوم بنسبة 49%.

ومن المنتظر، بحسب فاو،أن يتواصل نمو الطلب على الغذاء، نتيجة لكل من النمو السكاني وارتفاع مستويات الدخل. ومن ذلك، يتوقع أن يبلغ الطلب على الحبوب لأغراض الغذاء البشري والعلف الحيواني 3 مليارات طن في حدود عام 2050. ولذا، فإن الإنتاج السنوي من الحبوب يتعين أن يزداد بنحو مليار طن، حيث يبلغ حاليًا 2.1 مليار طن، كما يجب أن يرتفع إنتاج اللحوم بأكثر من 200 مليون طن، ليبلغ ما مجموعه 470 مليون طن عام 2050، في حين من المقدر أن يجري استهلاك 72% من تلك الكميات لدى البلدان النامية، مقارنة بمعدل 58% السائد اليوم من مجموع الاستهلاك العالمي للحوم.

وفي تلك الأثناء، فإن الطلب على إنتاج الوقود الحيوي يمكن أن يكثف الضغوط على السلع الزراعية، حيث يتوقَف ذلك على أسعار الطاقة والسياسات الحكومية.

وعلى الرغم من أنه يرجح أن يأتي 90% من نمو الإنتاج المحصولي من زيادة الغلة والتكثيف المتزايد للإنتاج، يظل من المتعين، في الوقت نفسه، توسعة رقعة الأراضي المخصصة للزراعة بنحو 120 مليون هكتار لدى البلدان النامية، على الأكثر، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية. وحتى إن كانت رقعة الأراضي المخصصة للزراعة لدى البلدان الصناعية ستتقلص بنحو 50 مليون هكتار، فإن هذا الاتجاه قد يتغير، بفعل الطلب الممكن على محاصيل الوقود الحيوي.

وعلى الصعيد العالمي الشامل، لم تزل هنالك موارد كافية من الأراضي المتاحة لتلبية احتياجات سكان العالم إلى الغذاء مستقبلاً، غير أن quot;الفاوquot; تحذر في جميع الأحوال من أن معظم الأراضي الممكن استخدامها تلائم نمو بضعة محاصيل لا غير، وليست تلك بالضرورة المحاصيل، التي يقع عليها أشد الطلب للاستهلاك، فضلاً عن كونها متركزة لدى بلدان قليلة.

كما أن معظم الأراضي، قيد الاستخدام الجاري، تقع تحت ضغوط كيميائية وفيزيائية، وتعاني أمراضًا متوطنة، فضلاً عن نقص البنى التحتية على نحو لا يمكن معالجته بسهولة، ولذا فهناك حاجة ملحة إلى رصد استثمارات ذات دلالة لتسخير القدرات الإنتاجية لتلك المساحات، علمًا أن جزءًا من مجموع تلك الرقعة الكلية تغطيها الغابات، أو يتهددها زحف المستوطنات الحضرية البشرية الحثيث. وفي عدد من البلدان، على الأخص في إقليم الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، وفي إقليم جنوب آسيا، بلغت رقعة الأراضي الممكن استزراعها نقطة التشبع لحدودها الطبيعية القصوى أو تكاد.

وحتى إن كان استهلاك المياه في الزراعة المروية سيتباطأ، بالنظر إلى انخفاض معدل الطلب وارتفاع كفاءة الاستخدام، فإنه لا يزال متوقَعًا أن ينمو الطلب الكلي على المياه في القطاع الزراعي بالمقياس العالمي، بحدود 11% عام 2050.

وعلى المستوى النظري، تبدو موارد المياه العذبة كافية، لكن توزيعها يظهر مختلاً بشدة بين مختلف المناطق، وقد تبلغ ندرة المياه مستويات الخطر لدى عدد متزايد من البلدان أو الأقاليم داخل البلدان، خصوصًا في الشرق الأدنى وشمال إفريقيا، وفي منطقة جنوب آسيا.

على ضوء ذلك، فإن استخدام كميات أقل من الماء لإنتاج كميات أكبر من الغذاء هو مفتاح الحل لتجاوز مشكلات شح الموارد المائية في تلك المناطق، علمًا أن ندرة المياه قد تشتد حدة، مع تبدل أنماط الاستهطال، بفعل ظاهرة تغير المناخ.

وترى quot;الفاوquot; أن ثمة إمكانيات كامنة كبرى لزيادة الغلال المحصولية، تلبية لاحتياجات سكان العالم، المتزايدين عددًا، إلى الغذاء. ونبهت في هذا السياق إلى quot;أنه، إلى جانب اعتماد الحوافز الاقتصادية الاجتماعية الملائمة للإنتاج، فسوف تظل هنالك ثغرات يمكن سدها بمقياس زيادات كميات الغلة، أي الفوارق بين الغلال الفعلية، وتلك الممكنة، أو الكامنة في ظل الظروف الزراعية الأيكولوجية المثلى. أما المخاوف من أن تكون المحاصيل قد بلغت نقطة التشبع، بحيث يتعذر تجاوز الكميات الفعلية، فلا تبدو مبررة، فيما عدا في حالة قلة من الأمثلة الخاصة.

وحثت المنظمة على تدخلات أقوى لإحراز تقدم أسرع في جهود خفض أعداد الجياع والفقراء، والوصول بهذه الأعداد إلى الصف، مؤكدة أنه لا بد أن يحظى الاستثمار في الزراعة بموقع الأولوية القصوى، لأنها ليست مجرد مورد للغذاء على أهميته، بل إنها تتيح أيضًا سبل المعيشة والَدخل لسكان الريف، بيد أن خفض الفقر يقتضي أيضًا استثمارات في البنى التحتية الريفية من طرق، وموانئ، وطاقة، وشبكات للري ومستودعات للخزن، إلى جانب الاستثمار في بناء وتعزيز المؤسسات والبحوث وخدمات الإرشاد وحقوق الحيازة وصكوكها، وإدارة المخاطرة، والرعاية البيطرية، ونظم سلامة الأغذية؛ ناهيك عن دعم الاستثمارات غير الزراعية، بما في ذلك شبكات الضمان الغذائي الاجتماعية والتحويلات النقدية إلى أشد الفئات السكانية فقرًا.

وأشارت الفاو إلى أنه ما لم تنصب الجهود على تطوير المناطق الريفية والاستثمار فيها لدى البلدان النامية، فإنه من المقدر أن تتواصل أشكال الحرمان والاختلالات على نطاق واسع لدى البلدان الفقيرة، ولو بوتيرة أقل بكثير مما هي عليه اليوم.

ومن المرتقب أن تنظم quot;الفاوquot; منتدى رفيع المستوى للخبراء، في مقرها في العاصمة الإيطالية، يومي 12و 13 أكتوبر الجاري، لمناقشة استراتيجيات كيفية quot;إطعام العالم عام 2050quot;، يجمع نحو 300 خبير بارز من مؤسسات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والهيئات الأكاديمية من البلدان النامية والصناعية.

وسيمهد هذا الاجتماع الموسع للخبراء الدوليين الطريق لمؤتمر القمة العالمي للأمن الغذائي، المقرر أن يعقد في روما، خلال الفترة من16 إلى 18 نوفمبر المقبل.