أكّد وزير البترول السعودي أنّ المملكة تنتج حاليًا حوالي 62% من الكيماويات التي يتم إنتاجها في دول مجلس التعاون، وحوالي 8% من الإنتاج العالمي.

دبي - إيلاف: ألقى وزير البترول والثروة المعدنية السعودي المهندس علي بن إبراهيم النعيمي صباح اليوم الأربعاء 22 ذو الحجة 1430هـ الموافق 9 ديسمبر 2009م كلمة أمام مؤتمر الاتحاد الخليجي لمصنّعي البتروكيماويات والكيماويات الرابع، والذي يعقد حالياً في مدينة دبي في دولة الأمارات العربية المتحدة. أكد فيها أنّ الاقتصاد الخليجي بشكل عام لا يزال متيناً وقوياً.
وتطرق إلى ثلاث نقاط رئيسة: أن نفكر فيما كانت عليه هذه الصناعة من قبل، في الوقت الذي نفكر فيما يمكن أن تبدو عليه في المستقبل. quot;فنحن نعيش في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة التغيرات بصورة أكثر من ذي قبل. وعليه، فإن تطور الصناعة يجب ألا يكون هو الاستثناء، بل يجب أن يكون هو الأصلquot;.

ثانيًا، تحدث عن الصورة العامة السائدة هذه الأيام انطلاقًا من وجهة نظر المملكة كمنتجٍ للبترول والغاز. وقطاع الكيماويات يُعد جزءًا مهمًا ومتناميًا في صناعة البترول العالمية، ولكن قطاع البترول، بحسبه، فيمثل قطاعًا واسعًا وإستراتيجيًا، ليس للشركات فحسب، بل وللدول على حدٍّ سواء.

وأخيرًا، تطرق غلى المستقبل، وتحديدًا عن كيفية التعاون والتكاتف quot;مع بعضنا البعض من أجل تحقيق مزيدٍ من التقدم والرقي والازدهار للمنطقة وللعالم من جهة، ولهذه الصناعة من جهة أخرىquot;.

وقال quot;منذ الأيام الأولى لإنتاج البترول في المملكة العربية السعودية حتى حقبة السبعينيات، كان يتم حرق الغاز الذي كان يستخرج من مرافقًا للبترول. وكان الوضع نفسه يتكرر في منطقة الخليج بأسرها، وفي ما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، تضمن القرار الخاص بوقف حرق الغاز وتحويله من سلعة مهدرة إلى مورد مفيد إجراء دراسة مطولة لإستراتيجية تتكون من ثلاثة أجزاء.

كان الجزء الأول من هذه الإستراتيجية يتمثل في تجميع الغاز، وربط المملكة بدءًا من حقول البترول في المنطقة الشرقية إلى المستهلكين المحتملين وصولاً إلى الساحل الغربي للمملكة عبر إنشاء quot;شبكة الغاز الرئيسةquot;، والتي أنشئت في منتصف السبعينيات. وقد نأت المملكة العربية السعودية بنفسها عن النظرات القاصرة وعملت على تنفيذ استثمار إستراتيجي طويل المدى في مشروع عملاق يهدف إلى استغلال السعة الإنتاجية للمواد الهيدروكربونية. وقد مكنت هذه الشبكة من توفير الموارد التي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية، وتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل معامل تحلية المياه، إلى جانب توفير كميات هائلة من اللقيم ، والمواد البتروكيماوية التي تباع بأسعار تنافسية.

أما الجزء الثاني من هذه الاستراتيجية فكان يتمثل في الاستثمار فيما كان يسميه المراقبون في ذلك الوقت أكبر مشروع إنشائي في التاريخ ndash; وأعني إنشاء المدينتين الصناعيتين الحديثتين في الجبيل على الساحل الشرقي للمملكة وينبع على شواطئ البحر الأحمر. وقد تم تأسيس هيئة خاصة لإنشاء البنية التحتية لهاتين المدينتين تحت مسمى quot;الهيئة الملكية للجبيل وينبعquot;.

وأخيراً تم تنفيذ الجزء الثالث من هذه الإستراتجية عندما قامت المملكة في عام 1976 بتأسيس الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك). وقد عهد لهذه الشركة، التي يقودها اليوم المهندس محمد الماضي، بالبدء في تطوير الصناعات الأساسية في المدينتين التابعتين للهيئة الملكية. وبمساعدة سابك وشركائها، انتقلت المملكة بخطىً ثابتةٍ إلى استخدام الغاز المرافق للبترول المنتج لتصنيع مواد ذات قيمة مضافة مثل الأسمدة ، والبتروكيماويات.

وفي بداية حقبة الثمانينيات من القرن الميلادي المنصرم، بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة في صناعة الكيماويات في المملكة العربية السعودية حوالي 2 بليون دولار. وكان الهدف من وراء ذلك حينها غاية في البساطة، ألا وهو دخول مجال قطاع البتروكيميات. وبحلول نهاية التسعينيات، ارتفعت قيمة الاستثمارات إلى 20 بليون دولار تقريبًا، وبدأت الأهداف المرجوة من وراء هذه الصناعة تتغير، من مجرد تعلم العمل في هذا القطاع إلى تشغيله بصورة تحقق الاكتفاء الذاتي.

واليوم، تواصل سابك تقدمها وازدهارها وهي تحمل قصب السبق والريادة في هذا القطاع. الجدير بالذكر أن نسبة 30% من أسهم سابك يملكها مساهمون أفراد وشركات في دول مجلس التعاون الخليجي. كما تواصل سابك زيادة قوتها وتثبيت مكانتها في العديد من المشاريع المشتركة المحلية والعالمية.

وتنتج المملكة العربية السعودية حاليًا حوالي 62% من الكيماويات التي يتم إنتاجها في دول مجلس التعاون الخليجي، وحوالي 8% من الإنتاج العالمي. والمملكة هي أكبر منتج في العالم لمادة الميثانول وثاني أكبر منتج في العالم لمادة الإيثيلين. وبحلول عام 2015، يتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاجنا الحالي من الكيماويات الأساسية من حوالى 60 مليون طن في العام إلى اكثر من 80 مليون طن في العام.

كما قامت أرامكو السعودية خلال هذا العام بافتتاح مشروع مشترك رئيس آخر في مجال الصناعات الكيماوية، وهو شركة فوجيان للتكرير والبتروكيماويات، بالشراكة مع شركة ساينوبك الصينية وشركة إكسون موبيل. ويرتكز هذا المشروع، الذي يقع في مقاطعة فوجيان الصينية، على تطوير مصفاة قائمة لتشمل مرافق للبتروكيماويات، وتحديدًا وحدة لإنتاج 800 ألف طن سنويًا من الإيثيلين، ووحدة لإنتاج 800 ألف طن سنويًا من البولي إيثيلين، ووحدة لإنتاج 400 ألف طن سنويًا من البولي بروبيلين، إلى جانب مجمع لإنتاج 700ألف طن سنويًا من المركبات العطرية (الأروماتية). وتعكف حاليًا على تطوير مجمعات متكاملة لإنتاج المواد البتروكيميائية من خلال تطوير عدد من مصافيها القائمة حاليًا عبر تنفيذ مشاريع مشتركة مع شركة داو كيميكال في رأس تنورة، ومع شركة توتال في الجبيل، ومع شركة كونونكو فيليبس في ينبع. إضافةً إلى ذلك، توفر مصفاة جازان، والتي ستطرح للمنافسة، فرصًا سانحة للتعاون في مجال الصناعات البتروكيماوية.

وتسعى المملكة العربية السعودية في الأعوام المقبلة إلى زيادة كميات ونوعيات الصادرات. كما تسعى إلى تنويع صناعاتها البتروكيميائية وتحويلها إلى منتجات أكثر تطورًا وتميزًا مثل الكيماويات المتخصصة واللدائن الحرارية الهندسية.

وتقوم المملكة العربية السعودية الآن على تشجيع الاستثمار الخاص في قطاع المواد الكيماوية من أجل تعزيز مكانتنا كشركة رائدة عالمياً في مجال الكيماويات وإلى تنويع القيمة المضافة للمواد الكيميائية المتخصصة، والمنتجات المركبة، والبوليمرات الفعالة.

ويؤدي تدشين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية إلى تسريع الجهود المستمرة في مجال التعليم العالي والتدريب لدعم فرص العمل والتنمية والاقتصادية كما ونوعا في المملكة. فجامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي تتمتع بشراكات قوية مع الصناعة معروفة بتميزها على الصعيد العالمي، كما تضم العديد من الجامعات السعودية الأخرى كراس بحث وبرامج بالاشتراك مع الصناعات الهيدروكربونية والكيميائية. وتشمل استراتيجيتنا دعم من مؤسسات التدريب المتخصصة ومن مراكز البحث والتدريب في المؤسسات الرائدة العاملة في المملكة.

ومنتجو البتروكيماويات في منطقة الخليج يصدرون كميات كبيرة من منتجاتهم لمناطق أخرى تصل في حقيقة الأمر إلى أكثر من 100 بلد حول العالم. ومن الأهمية بمكان بالنسبة إلى صناعتنا أن تصل إلى السوق العالمية دون قيود مصطنعة من العوائق التجارية، حيث إن هناك قلقاً من أن يشكل انحسار العولمة تهديداً متناميا، كما يمكن أن يؤدي إلى فرض قيود على التجارة العالمية.

ويتفق معظم الخبراء على أن نمو التجارة العالمية يمثل فائدة للنمو الاقتصادي في معظم البلدان. فقد كان لنمو التجارة العالمية في السنوات الماضية أكبر الأثر في انتشال ملايين البشر من براثن الفقر في الاقتصادات الناشئة وتحقيق خفض في الأسعار للمستهلكين في أنحاء العالم.

واختتم الوزير كلمته بالدعوة إلى العمل، ورأى أن هذا المؤتمر يجب أن يصبح حافزاً لتعاون أوثق بين جميع منتجي المواد البتروكيميائية والمعنيين بها في منطقة الخليج. فصناعة البتروكيميات الخليجية تحرز تقدما كبيراً، quot;غير أنه يتعين علينا أن نواصل ذلك، حيث إن هناك العديد من الأمور التي نشعر إزاءها بأن أنظار المنطقة والعالم مسلطة عليناquot;. وتشمل هذه الأمور المحافظة على البيئة والمسئولية الاجتماعية العامة والتدريب وتوظيف المواطنين وتعزيز الأبحاث والتطوير لدعم التقنيات الجيدة وإنشاء الأعمال الصغيرة وتبني أفضل الممارسات من أجل سلامة الأعمال وحوكمة الشركات.

واعتبر أن المنتجات البتروكيميائية والنهائية هي مدعاة للفخر، فهناك الأدوية المنقذة لحياة البشر، ومواد التغليف والتعبئة التي تجعل طعامنا أكثر أمناً ووفرة، والملابس والأدوات الجيدة ذات الأسعار المعقولة. وأضاف أنه quot;لا شك في أن عالماً يخلو من هذه المنتجات سيكون عالما كارثيًا، أكثر فقراً وأقل صحة وأشد خطراً. فلنجدد جميعاً التزامنا بالعمل معا لتعزيز التنمية المستدامة وتعزيز الوعي العام بالمزايا الحالية والمستقبلية لصناعتنا من أجل حياة أفضلquot;.