الآمال لا تزال معلقة على رفع السعودية مساهمتها في صندوق النقد
قمة العشرين في لندن: quot;صلاةquot; دولية من أجل quot;شفاءquot; إقتصاد واهن
سلطان القحطاني من لندن: تتجه الأنظار اليوم الخميس إلى بريطانيا العظمى: بلد شكسبير، وديكنز، وإليزالبيث الأولى، وشون كونوي، وهاري بوتر، والقدم اليمنى لديفيد بيكهام ... وذلك بسبب إنطلاق قمة دول العشرين التي ستبحث السبل الرامية إلى إنعاش الاقتصاد العالمي بعد أسوأ أزمة طالته منذ الركود العظيم في الثلاثينات. ولا تزال آمال 10 داوننج ستريت، وهو مقر رئاسة الوزراء في بريطانيا، معلقة على إمكانية موافقة السعودية على زيادة نسبة مساهمتها في صندوق النقد الدولي البالغة نحو 3 في المئة من إجمالي مساهمات الدول الأعضاء، ضمن إطار رغبتها في ضمان نجاح القمة التي تجمع أقوى عشرين دولة اقتصادًا في العالم.
وحتى هذه اللحظة فإن الأنباء الواردة من أعضاء الوفد السعودي الرسمي تشير إلى أن السعوديين لا يزالون متمسكين بموقفهم الذي يعني عدم زيادة حصتهم من المساهمات التي ستقدمها الدول المشاركة في القمة، على الرغم من أن مصادر تتوقع أن ترفع الرياض من المبلغ المدفوع إن جاء ذلك في إطار عمل جماعي. ويقول المسؤولون السعوديون ان المملكة تبذل بالفعل ما يكفي لمساعدة الاقتصاد العالمي على التعافي عن طريق المضي قدمًا في استثمارات عامة مزمعة في وقت تتراجع أسعار النفط من ذروة قرب 150 دولارًا للبرميل في يوليو/تموز الى حوالى 51 دولارًا يوم الجمعة.
رئيس الوزراء بريطانيا جوردان براون خلال استقباله العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز في مقر رئاسة الوزراء في لندن |
وتتوقع المملكة انفاق 400 مليار دولار في السنوات الخمس حتى 2014 منها 25 في المئة في قطاع النفط الحكومي. ويتيح هذا بحسب المسؤولين السعوديين فرصة نادرة لكثير من الشركات العالمية للإستثمار في خضم الازمة الراهنة. ويقول المحلل السياسي الدكتور مأمون فندي في تعليقه على اختيار السعودية للمشاركة في هذه القمة خلال حديث مع quot;إيلافquot; صباح اليوم الخميس: quot;السعودية ليست لاعبًا اقليميًا إنما لاعب عالمي فهي دخلت عالم المحترفين ولا علاقة لها بعالم الهواة أو مبارياتهمquot;.
ويضيف فندي الذي يكتب مقالة أسبوعية في صحيفة الشرق الأوسط ذائعة الصيت: quot;إنها (السعودية) لاعب اساسي في كأس العالم ليس في كرة القدم ولكن لاعب اقتصادي في مجلس ادارة العالم. المملكة تستطيع الان ان تدخل السياسة من بوابة الاقتصاد. السعودية الان على الطاولة العالمية ولا علاقة لها بكربلائيات اخوتها العرب الذين يلطمون وينوحون خارج القاعة... إنهم ليسوا على المائدة العالمية... هذا هو الفرقquot;.
ومن المقرر أن تعقد على هامش القمة الدولية عدد من اللقاءات الثنائية بين رؤساء الدول المشاركة إذ إن الأولى بالانتظار هي القمة المرتقبة بين الرئيسين الأميركي باراك اوباما والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في لقاء هو الأول من نوعه بين حليفين مرت علاقتهما بعدة انعطافات مؤخرًا. كما أن قمة أخرى لا تقل أهمية عقدت بين اوباما وبين الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف للمرة الأولى، في إطار الخطوات الرامية إلى تقارب بين قوتين عظميين وتحديد حدود تحرك البلدين وهذا ما قد يضعف بعض الأوراق المستخدمة في لعبة حبال الشد والجذب على طول الخريطة الممتدة بين البلدين.
وفيما تأمل بريطانيا ختاما ناجحا لقمتها اليوم الخميس فإن آخرين يشككون في أن حل الأزمة المالية التي لم يظهر وجهها القبيح بعد يمكن أن يتم خلال 24 ساعة في ظل تباين رؤى كل دولة حل الآلية الممكن إتباعها لحل هذه الأزمة. ويحتاج صندوق النقد الدولي إلى دفعة مالية تبلغ نحو 200 مليار دولار إضافة على ما لديه من مبالغ وصل حجمها إلى 250 مليارًا. وحتى ما قبل الوصول إلى ذلك فإن هنالك مشوار طويل ومفاوضات شاقة لإقناع الدول المشاركة في زيادة حصة مساهمتها في هذه quot;الروشتةquot; الدولية لشفاء الاقتصاد الواهن.
ويقول جميل الذيابي مدير عام تحرير صحيفة quot;الحياةquot; في السعودية ودول الخليج العربية، quot;لا شك في أن قمة quot;جي 20quot; تحتاج إلى ركض دولي quot;صادقquot; نحو توفير تمويلات مالية تعزز وضع النظام المالي العالمي، بما يهيئ الظروف الملائمة لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة. ورأى أن رفض quot;الحمائيةquot; من بعض دول مجموعة العشرين فيه شيء من الخطأ، خصوصاً في زمن العولمة والاقتصاد quot;المتشابكquot; وأسواق التجارة العالمية.
خلال استقبال رئيس الوزراء بريطانيا جوردان براون قادة الدول المشاركين في قمة مجموعة العشرين الاقتصادية |
ولفت الذيابي إلى ان مشكلات الدول النامية في الأزمة المالية العالمية لا تقارن بمشكلات الدول الصناعية الكبرى، لكن المطلوب هو إصلاح الاقتصاد العالمي وترميمه برمته ودعم برامج الانتعاش الاقتصادي وسن تشريعات ورقابة واضحة على المصارف ومؤسسات التمويل الدولي وفق ضوابط قانونية لا تستغل quot;ثغراتquot; التشريعات الدوليةquot;.
وعلق الإعلامي السعودي على وجود بلاده بين مجموعة أكبر الاقتصاديات العالمية، في حديث مع quot;إيلافquot; قائلاً :quot; انه موقع تستحقه سواء اقتصاديا او سياسيquot;ا، مشيراً إلى مكانتها الدولية وثقلها الاستراتيجي، لكنه استدرك ان quot;المشوار لا يزال أمامها طويل للوصول إلى مراكز عالمية متقدمة، مما يتوجب عليها فرض إصلاحات شاملة وتكاملية وليس الانتشاء بما تحقق لها والتوقف عندهquot;.
ويقول أعضاء في الوفد الرسمي السعودي أن بلادهم ستشدد على quot;رفض الحمائيةquot; وهي الحماية من المنافسة الخارجية، وتعزيز النظام المالي وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق التنمية المستدامة، إضافة إلى طلبها مزيدا من القيود على حركة الاقتصاد العالمي وفق ظوابط تشريعية، وعدم استغلال التشريعات بغية تحقيق مكاسب فردية.
وأكد مصدر سعودي مطلع إلى أن بلاده سوف تصر خلال القمة التي تستغرق سبع ساعات على التفريق بين أزمات الدول الصناعية الكبرى وبين الأزمات التي تعرضت لها الدول النامية، مشيراً إلى أن بلاده سوف تدعم أي توجه يرمي إلى إستحداث برامج مفيدة لإنعاش الاقتصادي العالمي.
التعليقات