القاهرة: &يعد عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري السابق الذي يبدو فوزه في الانتخابات الرئاسية شبه مؤكد، بالتصدي للغلاء والفقر ويراهن على الجيش وعلى دور اكبر للدولة في الاقتصاد لتحقيق هذا الهدف الذي يضعه على رأس اولوياته.فبعد اكثر من ثلاث سنوات على ثورة 2011 التي طالبت ب"خبز وحرية وعدالة اجتماعية"، يدرك السيسي ان نجاحه السياسي يتوقف على تحسين حياة المصريين الذين يعيش 40% منهم على خط الفقر (قرابة 34 مليونا من اجمالي 86 مليونا).يدرك الرجل ان الشعبية التي اكتسبها اثر اطاحته الرئيس الاسلامي محمد مرسي تعود اساسا الى الغضب من فشل الاخوان المسلمين في تحقيق الامال التي علقت عليهم برفع مستويات المعيشة بعد ثلاثين عاما من حكم مبارك الذي اتسم بالفساد وباتساع الفوارق الاجتماعية.

وفي مقابلات مع الصحف والتلفزيونات المحلية قال السيسي ان همه الاساسي هو "الخروج بملايين المصريين من دائرة الفقر".واكد انه قادر على انجاز المهمة قائلا "انا قادم من مؤسسة لا يمكن ان تفشل" فى اشارة الى الجيش.واضاف السيسي الذي يؤكد دوما انه "يتمنى" ان يكون عبد الناصر جديدا، انه سيسعى الى "تعظيم دور الدولة" وان "الدولة يجب ان تكون مسيطرة وتتدخل بالتخطيط والتنظيم والتنفيذ".ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد ان السيسي "اشار بوضوح الى دور للجيش ومؤسسات الدولة في الاقتصاد وهو ما اعتبره قطاع من رجال الاعمال رغبة في مزاحمتهم".
&
&واضاف "السيسي يرى في مكافحة الفقر الوسيلة الاساسية للقضاء على القاعدة الشعبية للاخوان اذ يعتقد انهم كانوا يشترون اصوات الفقراء من خلال خدمات اجتماعية يقدمونها لهم".
وحذر السيسي القطاع الخاص من ان الدولة ستتدخل ب"آليات موازية" لضبط الاسعار في السوق خصوصا اذا ما رفض رجال الاعمال "تقليل هامش ربحهم" مشيرا الى انه سيتم انشاء اسواق جديدة لعرض السلع باسعار منخفضة. والمح الى ان الجيش، الذي يمتلك مؤسسات اقتصادية عديدة، قد يشارك في هذه المهمة.واثارت هذه التصريحات تململا في دوائر رجال الاعمال الذين قال عدد منهم لفرانس برس طالبين عدم كشف هويتهم، ان "الحديث عن عودة دور الدولة في ادارة الاقتصاد يثير القلق الا ان رسائل تطمينية وصلتنا من فريق السيسي بعد ذلك وسننتظر لنرى".
&
وفي مقابلة مع صحيفة الاخبار الحكومية، دعا السيسي رجال الاعمال الى تقديم تبرعات من اجل تمويل مشروعات اقتصادية مؤكدا ان "الكل يجب ان يدفع" لاخراج البلد من عثرتها.
وبحسب صحيفة "اليوم السابع" الخاصة، فان السيسي طالب عددا من رجال الاعمال خلال اجتماع معهم الاسبوع الماضي ب"التبرع ب 100 مليار جنيه لعمل صندوق يساعدنا في بناء مصر".
وسيتعين على السيسي بعد انتخابات 26 و27 ايار/مايو مواجهة مشكلات اقتصادية واجتماعية متشابكة.والارقام معبرة بهذا الصدد: في نهاية العام الماضي بلغ معدل التضخم 11,9%، وتزايدت نسبة البطالة لتصل الى اكثر من 13% (ربعهم من الشباب) في حين وصلت المديونية الداخلية المتراكمة الى 1651,8 مليار جنيه مصري (236 مليار دولار) اي ما يوازي 85% من اجمالي الناتج المحلي وهي ديون ناجمة عن عجز مزمن في الموازنة العامة ينتظر ان يبلغ في العام المالي 2013/2014 حوالي 13% من اجمالي الناتج المحلي. وترجع نسبة كبيرة من هذا العجز الى
فاتورة دعم الخبز والوقود التي تلتهم قرابة 30% من الموازنة. ويذهب جزء كبير من هذا الدعم الى مصانع القطاع الخاص التي تسجل استخداما مكثفا للطاقة.&
&
الى ذلك بلغت الديون الخارجية 45,8 مليار دولار نهاية 2013 وانخفضت الاستثمارات الاجنبية الى 2 مليار دولار سنويا خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة بعد ان وصلت الى اكثر من 12 مليار دولار قبل اسقاط حسني مبارك.وتراجعت عائدات السياحة بمقدار الربع تقريبا اذ لم تحقق سوى 5,8 مليار دولار العام الماضي مقابل 12,5 مليار دولار في العام 2010.وانعكس ذلك في تراجع احتياطي مصر من النقد الاجنبي بمقدار النصف تقريبا لينخفض من 36 مليار دولار قبل ثورة 2011 الى قرابة 17 مليار دولار في نيسان/ابريل الماضي رغم المساعدات المقدمة من السعودية والامارات والكويت والتي بلغت اكثر من 13 مليار دولار منذ اطاحة مرسي.
&
واعتبر مصطفى كامل ان عجز الموازنة هو التحدي الاكبر امام الرئيس المقبل "ولا سبيل لخفضه الا بالغاء الدعم الحكومي للطاقة التي تحصل عليها مصانع القطاع الخاص وبالتالي فان هناك كلفة سيتحملها رجال الاعمال". ولتوفير الموارد اللازمة يؤكد السيسي انه سيعتمد في المدى القصير على الاستثمارات المحلية والاجنبية ومساعدات الدول العربية التي قال انه "يثق" في استمرارها.
الا ان حكومة ابراهيم محلب التي تشكلت قبل اقل من ثلاثة اشهر تمهد السبيل للرئيس المقبل وتعد خطة اصلاح مالي تستهدف زيادة الحصيلة الضريبية ورفع الدعم تدريجيا عن الطاقة على مدى خمس سنوات لخفض عجز الموازنة من 13,7% حاليا الى 5,6% بحلول العام 2017 &وفي مقابلة مع قناة سي بي سي الخاصة السبت، قال محلب "لسنا حكومة اطفاء حرائق او تسيير اعمال وانما سنضع الاساس لمن يأتي بعدنا".
&
واضاف ان "دعم الوقود يكلف الدولة 159 مليار جنيه (22 مليار دولار) في حين لا تتجاوز ميزانية التعليم 64 مليار جنيه (9 مليار دولار) والصحة 27 مليار جنيه (3,8 مليار دولار) ولابد من توجيه جزء من دعم الوقود لهذين القطاعين".كما تعد الحكومة تشريعا جديدا يقضي بفرض ضريبة اضافية قيمتها 5 بالمئة لمدة ثلاث سنوات فقط على كل من يتجاوز دخله مليون جنيه سنويا، بحسب ما اعلن وزير المالية هاني قدري.ووضعت الحكومة كذلك خطة تقضي ب "فرض ضريبة القيمة المضافة وتعديل قانون الضرائب العقارية وقانون الضريبة على الدخل بهدف توسيع القاعدة الضريبية وزيادة التصاعدية"، بحسب تقرير اصدرته اخيرا وزارة المالية.