لندن: سجلت بورصة لندن ارتفاعا جديدا تاريخيا الثلاثاء بسبب ضعف قيمة الجنيه الاسترليني ما يعكس المخاوف من مفاوضات حادة حول خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي لكنه يعزز ارباح الشركات البريطانية المتعددة الجنسيات في الخارج.

وارتفع اهم مؤشر في سوق المال البريطانية "فوتسي-100" ليبلغ حتى 7129,83 نقطة عند الساعة 11,20 ت غ. وبلغ في الساعة 12,30 ت غ 7105,46 نقطة بارتفاع قيمته 0,11 % عند الساعة 11,00 ت غ، محطما بذلك الرقم القياسي السابق الذي يعود الى 27 ابريل 2015.

ومن المفارقات ان يسجل هذا الاداء لانه يأتي في وقت تتضاعف فيه الشكوك حول عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.

وكانت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي اكدت قبل عشرة ايام ان تفعيل عملية خروج المملكة من الاتحاد سيكون قبل نهاية مارس 2017 مشددة على ان المملكة ستحرص على مراقبة المهاجرين (الاوروبيين)، ما يؤشر الى "عملية خروج حادة" بلا تنازلات مع بروكسل.

وتعتبر الاوساط المالية ان هذا السيناريو هو الاسوا لانه يمكن ان يحرمها من الوصول الحر الى السوق الاوروبية المشتركة، وتنعكس هذه المخاوف عبر تدهور قيمة الجنيه الاسترليني الذي تفاقم في الاونة الاخيرة مع تراجع قياسي خاطف يوم الجمعة الماضي، وتدنت العملة البريطانية في الايام الماضية الى مستويات لم تشهدها منذ 1985 امام الدولار ومنذ نهاية مارس 2009 امام اليورو.

ارتفاع مؤشر الفوتسي

واعتبر المحلل المالي كونور كامبل ان الجنيه "يمثل المحرار الاكثر آنية لتقييم الانباء التي تتصل بخروج" المملكة من الاتحاد، من جهته اوضح المحلل نيل ويلسون ان انصار خروج بريطانيا "يمكن ان يعتبروا ارتفاع مؤشر الفوتسي كعلامة جيدة لكنها ترتبط بالخصوص بواقع ان ضعف الجنيه يعزز نتائج الانشطة المنجزة في الخارج".

ويعطي تراجع سعر صرف الجنيه دفعا للشركات البريطانية الكبرى التي تحقق قسما كبيرا من انشطتها وارباحها في الخارج، وتكسب هذه الشركات اولا من انخفاض اسعار منتجاتها للمستهلك في الخارج وثانيا من تضخم ارباحها المنجزة بعملات اجنبية عند تحويلها الى الجنيه الضعيف.

ارتفاع اسعار المواد الاولية

ولهذا السبب فانه في حين ان الجنيه يتراجع منذ نهاية يونيو 2016، فان السوق المالية سريعا ما تجاوزت تراجع صدمة التصويت لمغادرة الاتحاد الاوروبي، بل ان مؤشر فوتسي-100 كان بوضع افضل من مؤشرات باقي البورصات الاوروبية منذ استفتاء 23 يونيو.

لكن كامبل اشار مع ذلك الى انه منذ بضعة ايام "يجد مؤشر فوتسي صعوبة في الافادة من تراجع الجنيه" مع ارتفاع اقل اهمية للمؤشر ما يدل على ان السوق المالية يمكن في النهاية ان تطالها آثار المخاوف من خروج المملكة من الاتحاد.

كما افادت بورصة لندن في الاونة الاخيرة من ارتفاع اسعار النفط، على خلفية آمال بتجميد انتاج اوبك، وبشكل اشمل من ارتفاع اسعار المواد الاولية حيث ان من شان ذلك ان يرفع قيمة اسهم الشركات العاملة في هذا القطاع التي لها وزن مهم على المؤشر الاهم في بريطانيا.

كما ان ارتفاع المؤشر ياتي مع اثبات الاقتصاد البريطاني حتى الان لقدرة على المقاومة مستفيدا خصوصا من اجراءات الدعم التي اعلنها البنك المركزي البريطاني (بنك انكلترا) مع بداية اغسطس بهدف تخفيف صدمة التصويت في استفتاء الخروج من الاتحاد الاوروبي.

كما اكدت الحكومة البريطانية انها ستبذل اقصى جهدها لمساعدة الاقتصاد على عبور هذه الفترة المليئة بالشكوك، مع احتمال الاعلان عن اجراءات جديدة نهاية نوفمبر بمناسبة تقديم التوجهات الكبرى للميزانية.

غير ان وزير المالية فيليب هاموند حذر من ان اقتصاد المملكة سيواجه "اضطرابات" و"صعوبات جمة" اثناء مفاوضات الخروج من الاتحاد الاوروبي، ويتفق خبراء الاقتصاد على ان النمو الاقتصادي في بريطانيا سيشهد تباطؤا في الاشهر القادمة.