كشفت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم أن العراق يبيع نفطه من أجل دفع رواتب الوزراء والنواب الذين يزدادون ثراء مبينة أن أكثر من خمسة الاف درجة خاصة تستنزف 80 بالمئة من الأموال المرصودة لرواتب الموظفين.


محمد الغزي: قالت الدكتورة سلام سميسم الخبيرة الاقتصادية في حديث لـ"إيلاف" ان "5265 درجة خاصة من مدير وحتى وزير ونائب في العراق يستنزفون 80 بالمئة من الأموال المرصودة للرواتب في الموازنة العراقية".

وحذرت سميسم التي انتدبت لتكون ضمن فريق من الخبراء كلفه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لترشيح وزراء تكنوقراط لحكومة تعهد بتشكيلها رئيس الوزراء حيدر العبادي من دعوات الأحزاب لترشيح وزراء تكنوقراط مؤكدة انه مهما كانت مهنيتهم وكفاءتهم فان ولاءهم سيكون للحزب.

وأوضحت بان حكومة تكنوقراط مستقلة ستكون فرصة لتحرر العبادي، مشيرة الى ان فريق الخبراء تسلم 120 ترشيحا وزاريا حتى الان.

وقالت ان الوضع الاقتصادي في العراق كارثي بالفعل، فالخزائن فارغة ولا موازنة للمحافظات مؤكدة انه في ظل ذلك كله لا توجد إصلاحات حقيقية.

في ما يلي نص الحوار كاملا:

الفشل

ما هي الأسباب التي أدت إلى الازمة الاقتصادية التي يعاني منها العراق ؟

أسباب الفشل التي شهدها العراق لم تأتِ من فراغ وانما هي نتيجة عوامل متراكمة أولها غياب الرؤية الاقتصادية وهو امر يؤدي بالضرورة الى تذبذب وتشتيت القرار الاقتصادي، ناهيك عن فقدان الهوية للسمة الاقتصادية المجتمعية؛ وهذا الامر لانه في العراق بعد العام 2003 لم ينشأ القائمون على الامر صرحا جديدا وانما استمروا بوضع حجارات على خرائب قديمة، فاتضح فيما بعد بتزايد العمالة الحكومية والايدي العاملة في القطاع الحكومي وترهل الإدارات الحكومية ووجود اشخاص في أماكن صنع القرار على اختلاف مستوياته التنفيذية غير كفوئين مما أدى الى تدهور واقع الحياة العراقية بكل تفاصيلها.

ما حجم العمالة الحكومية في العراق وما تاثيرها على الموازنة؟

نحو 75 بالمئة من قيمة النفقات الجارية في الموازنة العراقية هي الرواتب، وهذا ما يذكره المسؤولون في الحكومة باستمرار، ولكن عن أي رواتب يتحدثون ويتبجحون؟

هل يعلم العراقيون ان رواتب الدرجات الخاصة من مدير عام فما فوق تشكل 80 بالمئة من فقرة الرواتب، وهذا يعني ان العراق يبيع النفط حتى يدفع رواتب للدرجات الخاصة، ففي العراق 4500 مدير عام و765 وكيل وزارة إضافة الى الوزراء والنواب المتراكمين في الدورات السابقة والمستشارين وهؤلاء يستحوذون على الحصة الأكبر من الرواتب المخصصة لنحو أربعة ملايين و300 الف موظف لا تصلهم من فقرة الرواتب سوى 20 بالمئة، بل ان هناك مسؤولون مستقليون من وظائفهم يتقاضون رواتب تقاعدية خلافا للعرف القانوني.

تقولين ان الشخص غير الكفوء في المكان غير المناسب بات سمة او علامة فارقة في الحكومات السابقة؟

هذا اتضح خلال السنوات الثماني الأخيرة بشكل جلي، وكانت قد بدأت بوادره منذ عام 2006، الا ان الظاهرة استفحلت في السنوات اللاحقة، باختصار شديد يمكن ملاحظة انه على راس كل هرم وظيفي كان ثمة شخص يشابه شخصا اخر في مكان مسؤولية ثانية، ولكنهما يتشابهان بالتعيين بالوكالة، الهدف الأساس كان منح الديمومة وأسباب الحياة لنمط متمثل بشمولية ودكتاتورية الحاكم الجديد وفريقه.

مكامن الخلل

أين الخلل في الحكومات السابقة هل بنظام المحاصصة ام سيطرة الحزب الحاكم كما يتهمه الشركاء؟

يشترك العاملان، واولهما سيطرة حزب على عملية صنع القرار وثانيا المحاصصة، وهذا يقودنا الى مسالة مهمة، وهي ان المجاهرة والمطالبة بتكوينة التكنوقراط لا يمكن ان تخدم واقع العراق او تشكل لنا منفذا للانقاذ في ظل هذه الظروف طالما نحن نعيش في ظل متغير سيطرة الحزب الحاكم ونظام المحاصصة المتصل به.

لان التكنوقراط الموجود تحت ظل هذا النظام ومهما كانت درجة ثقافته ومهنتيته سيكون ولاؤه للحزب او الكتلة ولن يكون ولاؤه للمهنة التي يمتهمنها وهذا هو مفتاح باب الفساد الذي استشرى في العراق.

ولهذا كان لزاما لإنقاذ الوضع في العراق ان تتشكل حكومة من خارج هذه الأحزاب.

هل ينجح التكنوقراط ؟

هل تنادين بحكومة مستقلة غير سياسية بالمرة؟

نعم وغير خاضعة لا من بعيد ولا من قريب لنظام المحاصصة بشقيه السياسي والمكوناتي، بمعنى المجئ بحكومة يكون معيارها الكفاءة المهنية والتخصص والقدرة فقط.

هل الإصلاحات حتى الان اقتربت من إيجاد حلول للازمات المالية والاقتصادية؟

انا ولغاية اللحظة& لم ألمس إصلاحات، الإصلاح يجب ان يكون أولا في البرنامج المعمول به، ولكن حتى الان لم تتغير التطبيقات الموجودة في الحكومة، في الأساس العراق يفتقد الى برنامج اقتصادي ومنذ 2003 وحتى الان لا نمتلك برنامجاً اقتصاديا ومن& ثم لم تترتب أي سياسية اقتصادية واضحة المعالم، وكل ما حصل طوال هذه السنوات هو ردود أفعال اقتصادية لمؤثرات، رغم ان الدستور اكد وجوب انتقال العراق من الاقتصاد الشمولي المرمزي الى اقتصاد السوق، ولكن ما حصل ان العراق فقد ملامحه الاقتصادية وبات فاقد الهوية حيث لا توجد استراتيجية اقتصادية ولم يحافظ على الاقتصاد المركزي ولا انتهج سياسة اقتصاد السوق، وظل اسير اقتصاد المصالح الضيقة التي تتيح لافراد الاستمتاع بالمنافع الاقتصادية في تشريعات وضعت من قبل النظام المركزي.

الحاشية التي امدت السلطة بعوامل البقاء والديمومة قننت لهم النظم والقوانين والقرارات هي ذات الحاشية التي اشتغلت في النظام السابق.

الكارثة حلت

ما الذي يعنيه هذا؟ هل ان العراق مقبل على كارثة اقتصادية؟

البلد في وضع كارثي بالفعل، فالخزائن فعلا فارغة، وهي& فارغة منذ عام 2015، وان تكون موازنة المحافظات صفر فهذه كارثة، وان تكون هناك ديون على الحكومة لا تسدد للقطاع الخاص فهذه كارثة أخرى، ومن الحوادث التي يجري عليها تعتيم ان ثمة حوادث انتحار لاصحاب رؤوس أموال في بغداد والبصرة والحلة بعد ان فقدوا رؤوس أموالهم لتنفيذهم مشاريع ولم تسدد أموالهم، وهذا اعلان عن حالة افلاس الدولة.

لماذا يطالب زعيم التيار الصدري بإستبدال محافظ البنك المركزي علي العلاق؟

لان البنك المركزي الان، رغم محاولات السيد علي العلاق إدارة المركزي بطريقة موضوعية لعلمه انه تحت المجهر حيث البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولكن هو من حزب الدعوة وبالتالي فان السياسية النقدية والمركزي العراق ستخضع الى اهواء حزب الدعوة وهو حزب لا يؤمن الا بمركزية السلطة.

هناك من يقرأ بيان رئاسة الجمهورية عقب اجتماعات الرئاسات الذي سبق التظاهرة التي دعا اليها الصدر بانه محاولة لسحب البساط من تحت اقدامكم بإشارة الاستئناس الى رأي الاكاديميين والاستماع الى لجنة العبادي؟

هناك قضية مهمة وهي ان الفريق الذي كلفه الصدر هو عبارة عن لجنة مستقلة انتهت علاقتها بالصدر وبالهيئة السياسية للتيار الصدري منذ لحظة تشكيلها وتجسدت هذه الاستقلالية منذ الاجتماع الأول، ونستمد شرعيتنا من الشعب المطالب بالتغيير، وهذا كان واضحا على لسان السيد مقتدى الصدر، وهو نقل لنا أيضا تاييد ومباركة الأمم المتحدة عبر رئيس بعثتها في العراق (يونامي) يان كوبيتش لهذه الخطوة، هذا إضافة الى نداءات المرجعية المتكررة في النجف الاشرف بالمطالبة اولا بالإصلاح وثانيا باختيار الكفوئين، ولذلك انا أرى شخصيا ان قبولي بهذه المهمة او استجابة لتكليف شرعي وابراء للذمة، علما ان عمل اللجنة سينتهي لحظة تقديم المرشحين لحكومة تكنوقراط الى السيد حيدر العبادي ولن نكون نحن او أي طرف من اللجنة عضوا فيها ولا في منصب حكومي اخر.

هل تعون العبء التاريخي والوطني في حال فشل هذه اللجنة؟

نعم، بصراحة كبيرة نحن وفي اجتماعتنا داخل هذه اللجنة، تحدثنا عن العبء التاريخي الذي يواجهنا بعد تقديم أسماء الوزارة، العبء التاريخي يظل مسؤولية كبيرة نتوقف عندها ويذكرنا على الدوام بضرورة اعتماد المعايير التي وضعت لا غيرها في اختيار الوزراء، بل ان احدنا يذكر الاخر بالمعايير وبسؤال واحد عند اختيار أي شخصية يجري النقاش حولها، وهو: ماذا سنقول للتاريخ إن فشل هذا المرشح، علما ان المعايير كانت واضحة وهي الكفاءة والمهنية والاستقلالية، والموقف من النزاهة.

مرشحون للوزارات

ما عدد المرشحين الذي تسلمتم ترشيحاتهم حتى الان؟

تسلمنا سيرا ذاتية وترشيحات لنحو 120 شخصية من خارج وداخل العراق للحقائب الوزارية، جميعهم مستقلو، وتنطبق عليهم الشروط ويبقى معيار الكفاءة والمفاضلة بينهم لنقدم لكل حقيبة وزارة خمسة مرشحين يقوم رئيس الوزراء بعد ذلك باختيار واحد من بين الخمسة لحمل حقيبة وزارية، فيما الأسماء البقية ستكون مرشحة لمناصب استشارية ودرجات وخاصة ووكلاء وزارات ورئاسة الهيئات المستقلة.

هناك من يقول ان المحاصصة ستبقى في البرلمان وستقلم اظافر الطوائف في اللجنة الاستشارية؟

لن يتمكنوا من ذلك، فامام شعب غاضب سينحني الجميع وسيرمون الكرة بملعب رئيس الوزراء.

بوجود تكنوقراط لا قوة سياسية لهم، ستكون أطول الأنياب هي أنياب رئيس الوزراء؟

السيد رئيس الوزراء، اكد اكثر من مرة انه يريد حكومة مستقلة وعابرة للمكونات والطوائف، وهذه فرصة له ليتحرر ونحن حاولنا وهذا ما يذكره التاريخ.

بالعودة للبنك المركزي من ترشح حتى الان لهذه الخطة؟

حتى الان لم نتسلم ملفا او ترشيحا لمن سيتولى إدارة البنك المركزي العراقي.

ماهو موقف الخارج من عملكم؟ وما أهمية اللجنة الاستشارية العاملة معكم؟

لم يتصل احد باللجنة لا بطريقة مباشرة ولا غير مباشرة، ربما لاعتقادهم بخيالة هذه اللجنة وعدم جديتها، ولكن ما اريد ان اؤكده هو ان وجود اللجنة الاستشارية وفيما من الشخصيات المهمة والعاملة في مراكز بحوث كبيرة يغني كثيرا عملية الاختيار والمفاضلة ونحن نتداول معهم في العديد من الأسماء.
&