دبي: ناشدت الامم المتحدة الاثنين الدول المانحة التبرع بسخاء لتجنب مجاعة واسعة النطاق في اليمن، خلال مؤتمر يهدف لجمع 3,85 مليارات دولار لتمويل عمليات الاغاثة في البلد الغارق بالحرب.

وتشارك نحو 100 دولة وجهة مانحة في المؤتمر الافتراضي الذي تنظمه الامم المتحدة والسويد وسويسرا، والذي ينعقد على وقع محاولة المتمردين التقدم نحو آخر معاقل السلطة في شمال البلد الفقير.

وبينما قُتل وأصيب عشرات آلاف المدنيين في النزاع المتواصل منذ سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على العاصمة صنعاء في 2014، فإنّ القتال تسبّب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الامم المتحدة ووضع ملايين السكان على حافة المجاعة.

وقال الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش في كلمة عبر الفيديو "أناشد جميع المانحين أن يمولوا نداءنا بسخاء لوقف المجاعة التي تخيم على البلاد"، مضيفا "كل دولار مهم".

وكانت الامم المتحدة والمنظمات الاغاثية جمعت العام الماضي 1,9 مليار دولار من أصل 3,4 مليارات دولار كان يحتاجها اليمن حيث يعتمد ثلثا السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

وأدّى نقص التمويل في 2020 إلى وقف برامج إنسانية رئيسية فيما تراجعت نسبة توزيع المواد الغذائية وأُوقفت الخدمات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي.

وقال غوتيريش في كلمته "المجاعة ستثقل كاهل اليمن. نحن في سباق إذا ما أردنا منع الجوع والمجاعة من إزهاق أرواح الملايين"، مضيفا "ليست هناك من مبالغة في وصف شدة المعاناة في اليمن".

وتابع "خفض المساعدات هو بمثابة عقوبة إعدام لعائلات بأكملها".

تأمل الامم المتحدة جمع 3,85 مليارات دولار خلال المؤتمر، خصوصا عبر تبرعات من دول الخليج الثرية وفي مقدمتها السعودية التي تقود تحالفا عسكريا في هذا البلد دعما للحكومة منذ 2015.

لكن بعض التعهدات الرئيسية الاثنين، بما في ذلك تعهد الولايات المتحدة بمبلغ 191 مليون دولار والسعودية بمبلغ 430 مليون دولار، كانت أقل من تبرعات العام الماضي.

ومع ذلك، قدّمت ألمانيا 240 مليون دولار مقارنة بنحو 140 مليون دولار العام الماضي.

وحسب الامم المتحدة، سيواجه أكثر من 16 مليون شخص من بين 29 مليونا الجوع في اليمن هذا العام، وهناك ما يقارب من 50 ألف يمني "يموتون جوعا بالفعل في ظروف تشبه المجاعة".

كذلك، تحذّر وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن 400 ألف طفل تحت سن الخامسة يواجهون خطر الموت جرّاء سوء التغذية الحاد في 2021، في زيادة بنسبة 22 بالمئة عن العام 2020.

وحذرت 12 منظمة إنسانية من بينها "سايف ذي تشيلدرن" و"المجلس النروجي للاجئين" الجمعة من "كارثة" في حال استمرار تخفيض التمويل.

وأوضحت المنظمات في بيان مشترك أن "التخفيضات الشديدة في المساعدات أدت إلى تعميق معاناة الناس"، مشيرة إلى أن "هناك ستة ملايين شخص، بينهم ثلاثة ملايين طفل من دون مياه نظيفة وخدمات صرف صحي خلال جائحة عالمية" في إشارة إلى فيروس كورونا.

وبالنسبة إلى المتمردين، فإن مؤتمر المانحين مجرد فرصة "لتبيض" صفحة الدول التي تدعم الحكومة وبينها السعودية.

وكتب المتحدث باسمهم محمد عبد السلام في تغريدة على تويتر "المؤتمرات ذات الطابع الإنساني من أجل اليمن في ظل ما يتعرض له من عدوان وحصار لا تساعد اليمن قدر ما تساعد دول العدوان بإتاحة الفرصة لها لتبييض صفحتها".

كما قال المسؤول السياسي في صفوف المتمردين محمد علي الحوثي "أكبر منحة لليمنيين إيقاف العدوان وفك الحظر الجوي والحصار القاتل"، مطالبا بوقف مبيعات الاسلحة للدول الداعمة للحكومة.

وينعقد المؤتمر على وقع تحرّكات للإدارة الاميركية الجديدة لإعادة الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية إلى مسار الدبلوماسية، خصوصا بعدما انهت دعمها للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في هذا البلد منذ 2015 دعما للحكومة المعترف بها.

لكن الاجتماع يلتئم كذلك على وقع تصعيد عسكري كبير على الأرض مع مقتل مئات المتمردين وعناصر القوات الموالية للحكومة في معارك طاحنة قرب مدينة مأرب، آخر معاقل السلطة في شمال اليمن، وتكثيف الحوثيين هجماتهم ضد السعودية.

وحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المتمردين على وقف هجومهم في شمال اليمن في كلمته أمام مؤتمر المانحين.

وقال إن على الحوثيين "وقف هجومهم على مأرب (...) والانضمام إلى السعوديين والحكومة في اليمن في اتخاذ خطوات بناءة نحو السلام".

وحذر بلينكن من أن المعاناة لن تتوقف حتى يتم إيجاد حل سياسي بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا.

وقال "المساعدة وحدها لن تنهي الصراع. لا يمكننا إنهاء الأزمة الإنسانية في اليمن إلا بإنهاء الحرب ... ولذا فإن الولايات المتحدة تعيد تنشيط جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب".