تراجعت أسواق الأسهم في أوروبا بعد هبوط حاد شهدته بورصات آسيا، بسبب المخاوف من أن قيود كوفيد التي تفرضها الصين قد تضر سلاسل الإمدادات والاقتصاد العالمي.

وأجرت السلطات فحوصات ضخمة في إحدى مناطق العاصمة بكين عقب رصد زيادة بسيطة في الحالات.

ولكن هناك مخاوف من أن تتبع بكين نفس الإجراءات التي تم تطبيقها في شنغهاي وفرض إغلاق لاحتواء انتشار الفيروس.

وانخفض مؤشر فوتسي 100 ببورصة لندن - الذي يضم أكبر 100 شركة بريطانية في البورصة -وكانت شركات السلع في مقدمة التراجع ومنها شركات النفط والتعدين.

وانخفض مؤشر فوتسي بمقدار 2.2 في المئة وكذلك انخفضت بورصات فرنسا وألمانيا بعد تراجع بأكثر من خمسة في المئة في بورصة شنغهاي في وقت سابق.

وأغلق مؤشر هانغ سينغ في هونغ كونغ منخفضا بنسبة 3.7 في المئة بينما انخفض مؤشر نيكي الياباني بنسبة 2 في المئة تقريبا.

وقالت سوزانا ستريتر، كبيرة محللي الاستثمار والأسواق في هارغريفز لانسداون: "إن كارثة كوفيد تتواصل مع إصرار الصين على سياسة عدم التسامح مع الفيروس".

وتابعت: "مع زيادة الحالات المصابة بكوفيد في بكين، هناك مخاوف من أن الإغلاق المطول سيضر بالتوظيف، ويؤدي إلى تباطؤ حاد في النمو، بالإضافة إلى التسبب في تكدسات جديدة في الشحن ومشاكل في سلسة التوريد".

كما تراجعت أسعار النفط يوم الاثنين، مع انخفاض خام برنت بنسبة 4.7 في المئة إلى 101.41 دولار للبرميل بفعل احتمال تراجع الطلب من الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.

وشهدت شركات النفط العملاقة مثل بي بي وشل هبوط أسعار أسهمها يوم الاثنين. كما كانت أسهم شركات التعدين العملاقة مثل أنجلو أمريكان وغلينكور وريو تينتو من بين أكبر الخاسرين في التعاملات المبكرة.


تحليل ثيو ليغيت - مراسل الشؤون الاقتصادية

ظلت شنغهاي مغلقة منذ عدة أسابيع - لكن معدل الوفيات اليومي بسبب كوفيد آخذ في الارتفاع وهناك الآن عشرات الآلاف من الحالات المعروفة. في بكين كانت هناك عمليات شراء بدافع الذعر، حيث يخشى السكان هناك من مواجهة قيود كبيرة عليهم قريبا.

ومع تعرض سياسة "صفر كوفيد" الصينية لضغوط لم يسبق لها مثيل، هناك مخاوف متزايدة بشأن تأثير كل هذا على اقتصاد البلاد، لا عجب إذن من أن الأسهم في شنغهاي وهونغ كونغ تتدهور.

يتم الشعور بآثار هذه الاهتزازات المالية على نطاق واسع أيضا، فقد تعرضت أسهم شركات التعدين مثل غلينكور وأنجلو أمريكان لانخفاضات حادة، وإذا فقد الاقتصاد الصيني قوته سينخفض الطلب على المواد الخام وسيؤثر ذلك على أرباحهم.

ولدينا الخلفية الأكبر للوضع الاقتصادي العالمي، إذ يستمر الاضطراب المرتبط بكوفيد في سلاسل التوريد، الذي يسبب نقصا في السلع وارتفاع الأسعار المرتبط بالحرب في أوكرانيا، والتكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الأخرى سوف ترفع أسعار الفائدة بشكل أسرع من المتوقع في محاولة للحد من التضخم.

كل هذا يخلق بيئة مضطربة للغاية للمستثمرين ويؤثر بشدة على أسعار الأسهم في جميع أنحاء العالم.


أبلغت بكين - التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 21 مليون شخص - عن عدد قليل من الحالات الجديدة، لكن الصين لديها سياسة صارمة لمكافحة فيروس كورونا.

خلال عطلة نهاية الأسبوع، تم إخبار بعض سكان بكين أنهم بحاجة إلى إجراء اختبارات كوفيد ثلاث مرات في الأسبوع.

وصرح بانغ شينغهو، نائب مدير مركز بكين للوقاية من الأمراض ومكافحتها، لصحيفة تشاينا ديلي بأنه من المتوقع أن يزداد عدد الحالات في بكين في الأيام القادمة.

وفي شنغهاي، حيث حدث تفشٍ جديد قبل بضعة أسابيع، مازل معظم المدينة في حالة إغلاق أو يواجه قيودا.

وقد تسبب الانتشار الأخير للفيروس في شنغهاي، الذي تم اكتشافه لأول مرة في أواخر مارس/آذار، في إصابة أكثر من 400 ألف شخص حتى الآن و 138 حالة وفاة، وفق الأرقام المسجلة.

واستأنفت بعض المصانع في شنغهاي الإنتاج مع شركات مثل شركة تصنيع السيارات الكهربائية تسلا التي تطلب من الموظفين العمل على نظام "الحلقة المغلقة" مما يعني أنهم يأكلون وينامون في المصنع.

وحذر روس مولد، مدير الاستثمار في شركة "ايه جيه بيل" من: "أن احتمال فرض مزيد من القيود في الصين يمكن أن يؤدي إلى مزيج سام من المزيد من الضغوط التضخمية، حيث تتعطل سلاسل التوريد في ما يسمى بـ(مصنع العالم) ويضعف النمو الاقتصادي".

وقال المحللون إن أسواق الأسهم في أوروبا وآسيا تأثرت أيضا بالانخفاضات الحادة في المؤشرات الأمريكية الرائدة في نهاية الأسبوع الماضي وسط توقعات بارتفاع حاد في أسعار الفائدة الأمريكية لتهدئة التضخم المتصاعد - حاليا عند أعلى مستوى في 40 عاما عند 8.5 في المئة.

وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي، يوم الجمعة ، ومؤشر ناسداك وستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.5 في المئة أو أكثر.

وفي الأسبوع الماضي، ألمح جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بأن البنك المركزي قد يزيد سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية في الاجتماع القادم في مايو.

وسيأتي هذا بعد زيادة ربع نقطة مئوية في مارس.

وقال باول: "من المناسب من وجهة نظري التحرك بسرعة أكبر"، مضيفا أن "50 نقطة أساس ستكون مطروحة على الطاولة".