واشنطن: أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي رفع نسب الفائدة الرئيسية بنصف نقطة مئوية، في أول خطوة بهذا الحجم منذ العام 2000، في إطار جهوده لاحتواء أعلى معدل تضخم يسجل في البلاد في غضون أربعة قرون، فيما أكد رئيسه جيروم باول أن الاقتصاد الأميركي لا يزال قويا رغم تباطؤ النمو مؤكدا أن ذلك لا يطرح أي مخاطر ركود حاليا.

وبعد زيادة بربع نقطة مئوية في آذار/مارس، قرر الاحتياطي الفدرالي رفع النسب إلى ما بين 0,75 % و1 % في خطوة تندرج في إطار تشديد سياسته لتهدئة الاقتصاد، مشيرا إلى ان زيادات أخرى "قد تكون مناسبة"، وفق لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي الأميركي.

وأشارت اللجنة أيضا إلى التأثير "غير المؤكد" للعوامل الخارجية، بما فيها الغزو الروسي لأوكرانيا الذي "يحدث ضغطا إضافيا على التضخم ومن المرجح أن يؤثر على النشاط الاقتصادي".

وبالإضافة إلى ذلك، أوضح البيان أن عمليات الإغلاق المرتبطة بكوفيد في الصين "من المرجح أن تؤدي إلى تفاقم اضطرابات سلاسل الإمداد".

وفي آذار/مارس الماضي باشر الاحتياطي الفدرالي الأميركي رفع هذه النسب بشكل حذر مع زيادة مقدارها 0,25 نقطة مئوية كانت الأولى منذ العام 2018. وكان قد أشار إلى رغبته في إقرار ست زيادات أخرى هذا العام، خلال ستة اجتماعات بحلول نهاية العام 2022.

ومنذ ذلك الحين، استمر التضخم في الارتفاع وتفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا ووصل في آذار/مارس إلى ذروة غير مسبوقة منذ كانون الأول/ديسمبر 1981: 8,5 % خلال عام واحد وفق المؤشر "سي بي آي" (CPI) الذي يعتمده البنك المركزي الأميركي معيارا.

وقال رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول الأربعاء إن البنك المركزي الأميركي سيتحرك بسرعة لرفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم المتصاعد.

وأكد أن الاقتصاد الأميركي لا يزال قويا رغم تباطؤ النمو الذي أكد أنه لا يطرح أي مخاطر ركود حاليا.

وقال باول في مؤتمر صحافي "إنه اقتصاد قوي. لا شيء يوحي بأنه قريب أو معرض للركود"، مشيرا إلى احتمال إقرار زيادات أخرى.

وكان أعلن أمام حكام المصارف المركزية على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي أنه "من الضروري جدا" إحلال استقرار في الأسعار ورفع نسب الفائدة "سريعا".

ويملك البنك المركزي الأميركي مهمتين رئيسيتين: ضمان استقرار الأسعار والقضاء على البطالة.

وفي آذار/مارس، قدّر جيروم باول أن سوق العمل كانت في مستوى "غير سليم".

ويقترب معدل البطالة من مستواه قبل الجائحة (3,6 % في آذار/مارس مقارنة ب3,5 % في شباط/فبراير 2020). لكن الشركات تواجه منذ أشهر نقصا في اليد العاملة واستقالات جماعية شهريا.

وبهدف جذب مرشحين عمل والاحتفاظ بالموظفين، تزيد الشركات الأجور، ما يؤدي إلى زيادة التضخم.

وبالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة الرئيسية، أعلن الاحتياطي الفدرالي أنه سيبدأ خفض سياسة شراء الأصول اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو.

وذلك يعني أن الاحتياطي الفدرالي لن يعيد شراء الأوراق المالية وسيسمح للسندات بأن تصبح مستحقة، ما سيؤدي إلى خفض تلقائي للحساب الختامي السنوي.

وتغير السياق الدولي منذ آذار/مارس. وقال الاحتياطي الفدرالي في بيانه إن "النشاط الاقتصادي العام انخفض بشكل طفيف في الربع الأول" في الولايات المتحدة. وتراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1,4 % في الربع الأول من العام.

لكنه اعتبر أيضا أن "إنفاق الأسر والاستثمار الثابت في الأعمال التجارية بقيا مرتفعين".

وتابع البنك المركزي الأميركي أن "استحداث فرص عمل جديدة كان متينا في الأشهر الأخيرة كما أن معدل البطالة انخفض بشكل كبير".

في الوقت الحالي، ما زال خبراء الاقتصادي متفائلين، قائلين بدورهم إن الاستهلاك مستمرا رغم التضخم.

وحتى الآن، ما زال مسؤولو الاحتياطي الفدرالي يعتقدون أن بإمكانهم إعادة التضخم إلى هدفهم البالغ 2 %.

وأشاروا في وقت سابق إلى أنهم لن يحتاجوا إلى رفع أسعار الفائدة إلى أكثر من 3 %، كي لا يؤدي ذلك إلى عرقلة الطلب. ويقولون إن هذه النسبة تعتبر "محايدة" لن تحفز النمو الاقتصادي أو تبطئه.

ويتوقع غالبية الخبراء الآن زيادة أخرى أكثر جرأة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في اجتماع حزيران/يونيو، وهي ستكون سابقة منذ العام 1994.

وستكون اللجنة "منتبهة بشدة لمخاطر التضخم"، بحسب الاحتياطي الفدرالي.

يذكر أن رفع سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة أقرّ بالإجماع.

وعقب الإعلان، ارتفعت أسهم وول ستريت. وقرابة الساعة 19,30 بتوقيت غرينتش الأربعاء، ارتفع مؤشر داو جونز بنسبة 2,4 % إلى 33,917.72، فيما ارتفع ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 2,5 % إلى 4,277.78 في حين قفز مؤشر ناسداك 2,6 % إلى 12,886.82.