كولومبو: أعلن صندوق النقد الدولي الخميس أنه توصل إلى اتفاق مع سريلانكا الغارقة في أزمة اقتصادية خانقة منذ أشهر، على خطة إنقاذ بقيمة 2,9 مليار دولار تمتدّ على أربعة أعوام لتصحيح وضعها المالي.

ويبقى على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي المصادقة على الاتفاق الذي ابرمته الخميس أجهزة المنظمة الدولية.

وقال صندوق النقد في بيان بعد مفاوضات استمرّت تسعة أيام في كولومبو، إن "أهداف برنامج سريلانكا الجديد المدعوم من الصندوق، هي إحلال استقرار الاقتصاد الكلي مجددا والقدرة على تحمل الديون".

وقال الرئيس رانيل ويكريمسينغه في مكتبه الخميس "انها مرحلة مهمة جدا في تاريخ بلادنا". وأضاف "البدايات ستكون صعبة. فقط التزامنا هو المهم الآن لأنه ليس علينا فقط بلوغ الأهداف المحددة بل علينا تجاوزها أيضا".

تشهد سريلانكا التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، أزمة اقتصادية خطرة تتسبب منذ أشهر بنقص حاد في الغذاء والوقود والأدوية.

وشدد صندوق النقد الدولي على أن "سريلانكا تواجه أزمة حادة ... تعاني منها خصوصا الفئات الفقيرة والضعيفة".

تخلفت سريلانكا عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، في منتصف نيسان/أبريل.

وتعذر على مسؤول بعثة صندوق النقد الدولي في سريلانكا بيتر بروير القول الخميس للصحافيين متى سيتوافر التمويل لكنه شدد على أن حاجات سريلانكا "ملحة".

غير كاف

وأوضح أن دعم صندوق النقد الدولي المالي لن يكفي لحل أزمة البلاد معربا في الوقت ذاته عن الأمل بأن يشكل برنامج يشرف عليه الصندوق "محفزا" للحصول على مزيد من المساعدات.

وأضاف "سيكون من الضروري تأمين تمويل إضافي من شركاء متعددي الأطراف لسد فجوات التمويل".

إجراءات اقتصادية

وقالت المؤسسة المالية الدولية إن سريلانكا وافقت على زيادة إيراداتها وإلغاء الدعم، وضمان سعر صرف مرن، وتجديد احتياطياتها من العملات الأجنبية بعد نضوبها.

وأعلن الرئيس رانيل ويكريميسينغه الذي تولى مهامه في تموز/يوليو خلال الأسبوع الحالي رفع الضريبة على القيمة المضافة من 12 إلى 15 % على كل السلع والخدمات اعتبارا من الخميس.

وكانت حكومته زادت أسعار المحروقات والكهرباء ثلاث مرات والغت الدعم على الطاقة وكان ذلك شرطا مسبقا أساسيا للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي.

في هذا الإطار، أشار بورير إلى أن سريلانكا ينبغي ان تحصل من دائنيها وخصوصا الصين والهند واليابان على "ضمانات مالية" أي بكلام آخر على تخفيضات.

وشدد على أنه "في حال لم يكن الدائنون مستعدين لتوفير هذه الضمانات ستتفاقم الأزمة في سريلانكا وستقضي على القدرة على التسديد". وأضاف "لذا من مصلحة كل الدائنين العمل مع سريلانكا على هذا الصعيد".

وتشكل الصين الدائن الثنائي الأكبر لسريلانكا مع أكثر من 10 % من دين هذا البلد الخارجي.

وأفاد موظفون مشاركون في العملية قبل فترة قصيرة أنه من الحيوي التوصل إلى اتفاق مع الصين. لكن الصين لم تغير، علنا أقله، موقفها منذ عرضها توفير مزيد من القروض، لتجنب تخفيض في الديون.

عمليات تكييف

ورأى المحلل المالي و.أ. ويجيواردينا المساعد السابق لحاكم المصرف المركزي في سريلانكا، أن على كولومبو القيام بعمليات تكييف مؤلمة.

وأوضح لوكالة فرانس برس "على سريلانكا بذل المزيد لتلبية شروط صندوق النقد الدولي ليوافق مجلس الإدارة على تفعيل آلية القرض الموسع" مشددا على أن "تحمل الدين أمر حيوي".

وأعلن المصرف المركزي الأسبوع الماضي أن النشاط الاقتصادي في البلاد سيشهد انكماشا أكبر من المتوقع يصل إلى 8 % فيما بلغ التضخم في آب/اغسطس مستوى قياسيا جديدا عند64,3 % بمعدل سنوي.

وتفرض سريلانكا قيودا على الواردات منذ آذار/مارس 2020 للاقتصاد في انفاق العملات الأجنبية والسماح بتمويل استيراد السلع الأساسية.

وتفاقم العجز التجاري ليصل إلى 2,81 مليار دولار في النصف الأول من السنة في مقابل 1,26 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وكان الرئيس السابق غوتبايا راحاباكسا فر إلى الخارج في تموز/يوليو من حيث أعلن استقالته بعد تحركات احتجاجية وتظاهرات شعبية استمرت أشهرا عدة بعدما سئم السكان من الحرمان الذين يعيشونه.