زوريخ (سويسرا): أعلن مصرف "يو بي إس" الاثنين أنه أنجز عملية الاستحواذ على منافسه السابق "كريدي سويس"، في عملية ضخمة لدمج اثنين من أكبر مصارف العالم.
ستكون عملية اندماج أكبر مصرفين في سويسرا محط ترقّب عملاء وموظفين وسياسيين وجهات ناظمة.
وأعلن مصرف "يو بي اس" في بيان أن "عملية الاستحواذ على كريدي سويس أنجزت اليوم باجتياز مرحلة مهمة".
وتابع البيان "لقد استحوذت +مجموعة يو بي اس ايه جي+ على +مجموعة كريدي سويس ايه جي+، والكيان المندمج سيعمل بصفة مجموعة مصرفية واحدة".
وأُجبر أبرز مصرف في البلاد هو "يو بي إس" على الدخول في عملية الدمج في 19 آذار/مارس لمنع انهيار منافسه "كريدي سويس"، علما بأن الانهيار كان يمكن ان تكون تداعياته كارثية على النظام المصرفي العالمي.
وأعرب رئيس مجلس إدارة "يو بي اس" كولم كيليهير عن سعادته "لإنجاز هذه العملية المفصلية بنجاح في أقل من ثلاثة أشهر، إذ تم دمج مصرفين عالميين بالغي الأهمية للمرة الأولى".
وتابع "نحن الآن شركة سويسرية عالمية واحدة، ونحن أقوى معا... أولويتنا القصوى تبقى على حالها: خدمة عملائنا بتميّز".
عملية دمج معقّدة
ستكون عملية دمج أكبر مصرفين في سويسرا معقّدة تقنياً وسياسياً، وستفضي إلى مصرف عملاق لا يشبه أي بنك عرفته سويسرا. ويثير حجم المصرف المتمخض عن الخطوة قلق القادة السياسيين.
يمكن أن تلغى آلاف الوظائف بسبب تداخل العمليات المصرفية.
لكن بحسب رئيس المصرف المركزي السويسري توماس جوردان، لم يكن هناك من خيار آخر.
وقال الأحد في مقابلة أجرتها معه مجلة "سونتاغ تسايتونغ" الأسبوعية "بالطبع إنه أمر مؤسف إذ لم يبق غير (مصرف كبير) واحد. لكنني أكيد من أنه في حال عدم نجاح عملية الاستحواذ من قبل +يو بي إس+، لشهدنا أزمة مالية دولية".
والإثنين قال الرئيس التنفيذي لـ"يو بي إس" سرجيو إرموتي "بدلا من التنافس سنكون الآن متّحدين في الانطلاق في الفصل الأول من رحلتنا المشتركة. معا، سنقدّم لعملائنا عروضا عالمية محسّنة، وتغطية جغرافية أوسع وسنتيح لهم خبرات أكبر".
إلا أن إرموتي كان قد حذّر الجمعة من أن الشهور المقبلة ستكون "شاقّة" على الأرجح، مضيفا أنها ستترافق مع "موجة" قرارات صعبة، خصوصا في ما يتعلّق بالتوظيف.
في نهاية العام 2022 كان مجموع موظفي المصرفين في العالم يبلغ 120 ألفا، بينهم 37 ألفا في سويسرا.
في المرحلة الراهنة، سيستمر المصرفان في العمل ككيانين منفصلين تحت مظلة يو بي اس. إلا أن المصرف المستحوذ أنشأ مجلس إدارة جديدا لبعض من عمليات كريدي سويس المصرفية برئاسة نائب رئيس مجلس إدارة يو بي اس لوكاس غافيلر.
منذ 19 آذار/مارس أمضى يو بي اس وقتا طويلا في إعداد خطة عمل لاستيعاب كريدي سويس.
وقال المحلل المالي لدى "فونتوبيل" Vontobel أندرياس فينديتي لفرانس برس إن لدى يو بي اس على الأرجح فكرة عما يريد المحافظة عليه وعمّا يريد إغلاقه او بيعه لكن قدرته على التحرّك "كانت محدودة" بانتظار إنجاز عملية الاندماج.
وتابع "اعتبارا من الاثنين، يمكن لـ+يو بي إس+ أن يكون استباقيا".
تسهيل عملية الاستحواذ
واجه "كريدي سويس" خطر الانهيار عندما هبطت أسعار أسهمه أكثر من 30 بالمئة خلال جلسة التداول في 15 آذار/مارس، في اعقاب انهيار ثلاثة مصارف إقليمية أميركية.
تدخلت حينها الحكومة السويسرية والمصرف المركزي والهيئة الناظمة للقطاع المالي (FINMA) وأجبرت "يو بي إس" على إطلاق عملية استحواذ بقيمة 3,25 مليار دولار أُعلن عنها في 19 آذار/مارس.
تشمل الصفقة ضمانات لـ"يو بي إس" في حال ظهرت أي مفاجآت سلبية ضمن ملفات "كريدي سويس"، وسيولة لتسهيل عملية الاستحواذ.
وما زالت العديد من الأسئلة المرتبطة بعملية الدمج بلا أجوبة، لكن فينديتي لفت إلى أن صدور النتائج المالية للفصل الثاني من العام يُفترض أن يوضح الصورة.
وأجّل "يو بي إس" نشر البيانات بأكثر من شهر إلى 31 آب/اغسطس.
اعتبرت الهيئة الناظمة للقطاع المالي السويسري أن إنجاز عملية الدمج "تشكل نهاية مرحلة من انعدام اليقين"، و"تخلق وضوحا واستقرارا".
ورحّبت الهيئة في بيان بـ"استراتيجية يو بي اس التي يتوقّع فيها تقليصا سريعا للمخاطر في العمليات الاستثمارية المصرفية".
وتم تداول أسهم كريدي سويس الإثنين للمرة الأخيرة في البورصة السويسرية، وسيتلقى المساهمون سهما في يو بي اس عن كل 22,48 سهما في كريدي سويس.
التعليقات