الغرباوي، أمنصور،الكبيري، الدايم ربي

علاء نعماني من الدار البيضاء: ضمن سلسلة quot;تجارب روائيةquot; عقد مختبر السرديات وفرع اتحاد كتاب المغرب بسلا لقاء ثقافيا وذلك يوم الجمعة 22 دسمبر2006 بقاعة خزانة عبد الرحمن حجي/ سلا وذلك في سياق مقاربة المتخيل المغربي وتأويلاته والتي لا تستند على مقولات جاهزة أومفاهيم استهلاكية وإنما على تخييل مشبع بالحيوية وبحرية مفرطة في البحث عن أصواتها. وقد افتتح هذا اللقاء محمد فري والذي ذكر بالقيمة التي تحققها هذه الجلسة. في اطار مقاربة تجارب روائية قادرة على تحقيق التواصل النقدي. مرحبا بالنقاد وبالمبدعين الحاضرين:عبد الحميد الغرباوي،لأحمد لكبيري،لطيفة لبصير، مصطفى لكليتي،مليكة نجيب وجمال الموساوي... بعد ذلك تدخل شعيب حليفي في موضوع حول( طبقات الحكي في رواية امرأة حلم أزرق) لعبد الحميد الغرباوي حيث تعرض في البداية لوظيفة العناوين الفرعية وهي تتخذ أشكال عناوين الفصول23 فاعتبرها علامات استدراجية وإشارات شكلت نهرا ممتدا يجري فيه التخييل منسابا.


انتقل شعيب حليفي،بعد هذا التقديم، إلى الحفر في طبقات الحكي بمختلف تمظهراته فبحث في طبقات الدلالة التي رسمتها حكاية السارد محسن البدوي والتي تتخذ شكلين في علاقاتها بالحياة، شكل يحقق الطمأنينة وآخر يولد التوتر ضمن إطار متناوب بين الثقل النفسي (المحنة) والتطهر النفسي (الحكي)... وفي سياقات الرواية تحضر جسور وطبقات أخرى في الرواية منها دائرية الحكاية التي تشير في عتبتها الأولى إلى عودة المرآة والحرارة والصيف والحكي.. فيما أن الجملة التي تنتهي بها الرواية تؤشر على عودة الشتاء والهموم والكتابة.
المستويات الأخرى في النص الشعر واللغات المتراكبة والمحققة لشعرية مدت الرواية بتنغيم مسرد/لغة النفس المأزومة لغة الحوار الذي يكتسح كل شئ،لغة لاعتراف والتطهر ثم لغة التهكم والانتقاد. ويتوقف الباحث في الأخير عند طبقة حكي الحلم وهي المقابل الموضوعي لعنف الواقع وتأويلاته القاسية.
مداخلة نور الدين صدوق ( المؤتفكة : كتابة الرواية أم رواية الكتابة؟ لمحمد أمنصور) - وقد قرئت بالنيابة من طرف القاصة لطيفة لبصير- جاء فيها إنها تجربة تتجنس وتنكتب ضمن كتابة دائرية حلزونية إنها رواية تعاد وتستعاد وفق بدايات مختلفة ومتباينة حيث يشتغل على حادثة اغتيال (قطع الرأس) في فضاء له دلالته التقليدية والحديثة ومن تم فهو يخوض تفكير التأسيس في الرواية ضمن تجريبية تتاطر في التراثي الذي يتبدى من العنوان ومن الاستهلال المحيل على السندباد. إن قاعدة الحكي تتأطر في التراثي، وذلك على مستوى صيغة القول الروائي، كما في جانب الضم النصي، حيث يعضد النص بأقوال هي حكايات في الجوهر مسندة.. على أن النص في كليته يجمع بين الانفتاح على التراثي والرهان على كتابة حديثة.
وتحدث الباحث عن دور اللغة في الرواية والتي راهن عليها الكاتب لبناء نص روائي أقدم فيه على استغلال حدث اجتماعي حكائي.

وحول( بناء الحكاية في رواية quot;مصابيح مطفأةquot; لأحمد الكبيري) تدخل محمد معتصم في البداية لتحليل الوظيفة الجمالية لوضعية الاضطراب بما حققته من ارباك ومتواليات سردية. ثم انتقل الباحث في تحليل مفاصل الحكاية من حيث بناؤها فقارب محوري الاسترجاع والتضمين ضمن بناء الحكاية، ثم بحث في النتوء السردي باعتباره مستوى للتدرج والتحول على سطح الحكاية، واستخلص ان رواية (مصابيح مطفأة) يشتغل فيها هذا النتوء لمساعدة القصة على التطور.. مما يساهم أيضا في توسيع الحكاية واستعادتها وبروز فعالية الحكايات المصاحبة.
وحول السارد الواقعي أو السلوكي أشار محمد معتصم إنها صفة التأمل والتفكير. فالسارد العائد من فرنسا منتكسا، لا يعيش الحياة الصاخبة. بل يتأمل الأوضاع. ويصف مقارنا بين ما كان وما هو قائم. وهو سارد كثير الاستنتاج. يتأمل المكان، ويتأمل الشخوص الروائية، ويتأمل الأحداث ويستنتج. وعندما يستنتج حالة أو ظاهرة يدونها. وتصبح جزءا من البناء السردي العام.

وختم مداخلته بأن الحكاية رغم بنائها المتسلسل، والذي لا تخرج عنه إلا بفضل تلك النتوء السردية، والتعليق، والاستطراد. ورغم ميلها للفئة المسحوقة، تلك المصابيح المطفأة في مدينة صغيرة اسمها وزان، فإنها تبتعد عن كونها رواية واقعية بالمعنى الدقيق، أي وصف الحياة ومحاكاتها، وتقترب كثيرا من الروائية السلوكية التي تميل إلى التأملووصف الأفكار.
احمد زنيبر كان آخر متدخل في هذا اللقاء ببحث حول (اللغة والخطاب في رواية زريعة البلاد) للحبيب الدايم ربي معتبرا هذا النص مجالا للتجريب والاحتفاء بمعجم لغوي متنوع ومختلف.. كما قدم الباحث نماذج تمثيلية من النص متوقفا عند اللغة وقدراتها ضمن حركبة الحكاية وتيماتها التي رسمت للخطاب أفقه وسط تنوع الأصوات واللغات والضمائر وكل الأساليب والوسائل التعبيرية.
وختم أحمد زنيبر ورقته بأن الكاتب الحبيب الدائم ربي، خلال تقديم الشخصيات في روايته quot;زريعة البلادquot; وكذا تقديم موضوعاتها المختلفة، بحسب المكان والزمان، استند، في ما استند إليه، إلى لغة سردية عميقة تقوم بالأساس على تنوع في المصادر، تصورا وبناء ودلالة، مع تطعيمها، كلما اقتضى الأمر ذلك، بمواقف نقدية ساخرة تشكل، في النهاية، مكونا استشهاديا لا غنى عنه، في مثل هذه الرواية الحافلة بالذاكرة والتاريخ والاقتباس والتضمين، والحاضنة للأمثال والحكم والأشعار والأغاني، والملمحة، في غير ما موضع، إلى مواطن الوعي واللاوعي أيضا، عند شخوصها.
بهذا الأفق الواقعي/التخيلي، إذن، تنفتح الرواية على عوالم لغوية متعددة تنعكس، بشكل من الأشكال، على محكياتها المتعاقبة والمتداخلة، حيث هذه الأخيرة، تفضي، هي الأخرى، إلى تحولات في محتوى الخطاب.