رضا رشدي
مشكلة وقت الفراغ من المشكلات التي يواجهها الشباب الكويتي وكذلك الشباب في مختلف انحاء العالم حيث ان وقت الفراغ له أبعاد سلبية متعددة، فنجد الآثار النفسية مثل الاكتئاب والقلق، والخوف من المستقبل، الخ من الاضطرابات التي تشغل هاجساً للشباب في مقتبل أعمارهم، فضلاً عن الآثار الاجتماعية مثل الخلافات الأسرية بسبب بقاء الشاب فترة طويلة داخل المنزل دون عمل ناهيك عن سوء تكيفه مع أفراد أسرته ومجتمعة، ولا نبالغ فى القول ان قلنا ان وقت الفراغ يعد هدراً في الجوانب الاقتصادية، واستثمارا خاسرا، فالدول المتقدمة تسعى بكل ما تملك من امكانات الى شغل وقت فراغ الشباب بايجاد فرص العمل في العطلة المدرسية، واعداد البرامج الفنية والتقنية والانشطة المختلفة، والاعلان عنها في وسائل الاعلام ثم تقديم المكافآت المادية، تشجيعاً لهم.ان عدم شغل وقت الفراغ هو بمثابة تحجيم فعلي لطاقة الشباب وامكاناته الكامنة واستعداداته المختلفة، فمرحلة الشباب هي ذروة في العطاء والانتاج واستغلاله أمر تحتمه الضرورة القصوى، حتى لا يصبح الفراغ معول هدم في بناء الانسان وتنميته laquo;النهارraquo; التقت شريحة من الشباب الكويتي وكان لها التحقيق التالي:
في البداية التقينا قال عبدالعزيز الشمري:ان مشكلة وقت الفراغ هي مشكلة العصر فهي من المشكلات المهمة جدا والتي تعتبر من أهم المشكلات التي تواجه الشباب الكويتي حيث ان الكثير من الشباب لا يعرف كيف يستغل وقت فراغه بطريقة صحيحة وأضاف الشمري: انا من الناس الذين يفضلون ان يقضوا أوقات فراغهم في أشياء مفيدة فلا أحب ان يضيع وقتي هباء دون الاستفادة منه وزاد: انا عن نفسي أخطط ليومي بحيث أقوم بتقسيمه وأخصص جزءا من الوقت لكل شيء أفعله في ذلك اليوم فانا أستيقظ مبكرا وأذهب الى الجامعة وبعد انتهاء دوام الدراسة أخصص وقتا للراحة عند الظهيرة حوالي ساعتين وفي الخامسة عصرا أذهب الى ممارسة الرياضة بالنادي الصحي علاوة على ذلك فانا لا انسى المداومة على أداء الصلوات اليومية لانه يجب على الانسان ألا ينسى حق الله عز وجل في العبادة واستطرد قائلا: أحب الذهاب مساء للمقهى لمقابلة بعض أصدقائي ولا بد لي ان أقوم بفتح بريدي الالكتروني أولا فاولا وبصفة يومية، بالاضافة الى هذا فان عليّ ان أخصص وقتا للمذاكرة والاطلاع والقيام بعمل أبحاثي الجامعية عن طريق القراءة والاطلاع في أمهات الكتب والمصادر والمراجع علاوة على ذلك قال الشمري: أما بالنسبة للعطلة الأسبوعية فانني أقضيها بالخروج مع أصدقائي الى البحرعلى شاطئ الخليج بمنطقة المسيلة أو بأي شاطئ آخر هذا في يوم الخميس اما يوم الجمعة فان لي لقاء أسبوعيا في ديوانيتي مع أصدقائي الشباب الجامعيين حيث نتناقش في أمور الدراسة والجامعة ونتكلم في أمور وموضوعات عديدة.
أساليب خطأ
بالاضافة الى ذلك أكد الشمري ان هناك الكثير من الشباب ممن يقضون أوقاتهم بطريقة خاطئة مثل كثرة السهر ومواصلة الليل بالنهار وتضييع الوقت دون فائدة وهناك من الشباب من يضيع وقتا طويلا على شاشات الانترنت وقد يستمر ذلك لوقت طويل قد يستمر الى يومين أو ثلاثة بشكل متواصل، وزاد: اذا وصل الجلوس أمام شاشات الانترنت الى هذه الدرجة فان ذلك يصل الى درجة الادمان ، ان ذلك يؤثر على الشباب بالسلب، أعتقد ان ذلك جريمة في حق نفسه وأهله ومجتمعه ومن الممكن ان يكون الشخص الذي يضيع وقته متنقلا بين مواقع الانترنت رب أسرة فلا يؤدي ما عليه من واجبات تجاههم ويترك الحبل على الغارب أعتقد انه اذا ترك أسرته وانشغل عنها بهذه الطريقة فماذا سيكون حال تلك الأسرة وبالتالي ستحدث مشكلات كثيرة ومصائب عديدة بسبب ذلك فاذا كان رب البيت بالدف ضاربا، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص. واستطرد الشمري قائلا: انصح الشباب وخاصة المراهقين بان يستفيدوا من أوقاتهم قدر الامكان وان يعملوا بالحكمة القائلة laquo; الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعكraquo; ، فلابد على الشباب ان يخططوا لأوقاتهم ويضعوا برنامجا يوميا للاستفادة من أوقاتهم بحيث يخططوا لأوقاتهم وان يخصصوا وقتا لكل شيء، حيث ان الانسان الناجح هو الذي يستفيد بكل دقيقة يعيشها فالوقت نعمة لا بد ان يستفيد منها الانسان فهو محاسب على كل دقيقة يعيشها فان خيرا كان خيرا له وان شرا فشر، واختتم: اذا لم يستغل الانسان وقت فراغه فهو الخاسر الأول والأخير.
ومن جانبه قال مشعل العجمي: انني أقضي وقت فراغي في الذهاب الى النادي الرياضي لتقوية جسمي وزيادة لياقتي البدنية وذلك من أجل ممارسة السباحة حيث انها اللعبة والهواية المفضلة بالنسبة لي، وأضاف العجمي: أتعجب من الشباب الذين يقضون أوقاتهم بطريقة خطأ ويضيعونها هباء دون فائدة، انني أستنكر قيام الشباب بالجلوس على شاشات الانترنت في محادثات غير مفيدة في أمور مخالفة للدين والشريعة ، وأضاف انني أعتبرها مضيعة للوقت والمال والصحة حيث ان كثيرا من الشباب من يجلس لأكثر من 48 ساعة على تلك الشاشات.
التسكع
وزاد العجمي: من الأمور الأخرى التي أستنكرها على الشباب وتجعلهم يضيعون أوقاتهم دون فائدة هي التسكع في الشوارع والطرقات وفي الأسواق وذلك لمعاكسة ومغازلة وملاحقة الفتيات ونسوا ان لهم أخوات وأمهات من الممكن ان يحدث لهن ذلك ومن الأمور الأخرى التي أستنكرها ولا أقبلها الذهاب الى المقاهي بداع ودون داع ويضيعونها في تدخين النارجيلة ( الشيشة ) ونسوا ان لها أضرارا صحية خطيرة على أجسامهم وأضاف العجمي: من الأشياء الأخرى التي أستنكرها على شباب الكويت هو ظاهرة التشفيط أو الاستعراض بالسيارات، حيث يقومون بالاستعراض بسياراتهم في الشوارع والميادين العامة وفي المناطق السكنية ونسوا ان هذه الأعمال خطيرة جدا عليهم وعلى غيرهم، ان هذه الظاهرة راح ضحيتها كثير من الشباب المستعرضين بسياراتهم فكانت النتيجة فقدان حياتهم وتدمير سياراتهم فالخسارة من كل جانب بالاضافة الى اصابة وموت آخرين وأبرياء دهسوا بسيارات هؤلاء المستعرضين واصابة آخرين، كل ذلك يحدث بسبب عدم استغلال الشباب أوقاتهم بطرق مفيدة، وزاد: أعتقد ان الدولة لها يد في انتشار تلك الظاهرة، حيث كانت الحكومة قد خصصت نادي للسيارات لممارسة هذه الهواية فيه ولكن قد تم غلقه، ولذلك لم يجد الشباب حلا الا القيام بالتشفيط والاستعراض بسياراتهم في الشوارع والطرقات والميادين العامة والمناطق السكنية، ولذلك فانني أرى ان على الدولة ان تعيد افتتاح مثل هذه الاندية لمن أراد من الشباب ان يمارس تلك الهواية في أوقات فراغهم للعمل على تفادي سلبيات ممارسة هذه الهواية والتخلص من أخطارها والحفاظ على حياة هؤلاء الشباب وحياة الأبرياء الذين يصدمونهم بسياراتهم وأوضح العجمي ان هذه الأمور غير مقبولة من الشباب الكويتي.
التخطيط للوقت
واستطرد قائلا: لا بد على الشباب الكويتي ان يستغل أوقات فراغه في أمور وأشياء مفيدة، فلماذا لا يستغل الشباب الكويتي وقت فراغه بالعمل في دوام جزئي يفيد نفسه ووطنه؟! ولماذا لا يقوم الشباب بالتخطيط لاستغلال وقت فراغه وعمل جدول يومي لذلك؟! لماذا لا يشبع الشباب هواياتهم واهتماماتهم في وقت الفراغ كالقراءة أوممارسة الرياضة أو الرسم أو الموسيقى أو أية هواية أخرى حتى لا يضيع وقته دون فائدة.
ومن جانبه محمد المطيري:أقضي وقت فراغي بعد دوام الجامعة حيث أقسمه مابين الزيارات العائلية وأداء الصلوات مؤكدا ان من الأولويات عنده هو الاهتمام بشؤون أهله وبيته وأضاف: ان مشكلة قضاء الشباب لأوقات فراغهم ليست مشكلة الشباب في الكويت فقط بل هي مشكلة منتشرة في جميع انحاء العالم.
دعم الشباب
ومن جهته يقول بندر العنزي أرى انه يجب على الدولة دعم الانشطة الصيفية من أجل الحفاظ على شبابها بناة الغد علاوة على ذلك يجب العمل على توعية الشباب لانها مهمة جدا في اصلاح الشباب والعمل على ابعادهم عن مخاطر الفساد والرذيلة والانحراف وأضاف: علينا ان نشجع الشباب ونعمل على توعيتهم وان يقضوا أوقات فراغهم في ممارسة هوايات مفيدة لهم ولمجتمعهم وأوضح العجمي: يجب ان يكون هناك توجه للشباب من أجل استغلال أوقات فراغهم بشكل مفيد وزاد المطيري:من الضروري ان تستخدم ساعات الفراغ استخداماً ايجابياً يسمح بنمو امكانات الشخصية وقدراتها من جهة، وبتطوير النظام الاجتماعي العام من جهة أخرى. وحقيقة انه يجب الاستمتاع بوقت الفراغ، ولكنه أيضاً وقت ملائم تماماً لاثراء الخبرة الشخصية، والاعداد لحياة أكثر اشباعاً لتحقيق أقصى استثمار ممكن لوقت الفراغ يتعين الاحساس بالقيم، والا كان البديل هو ان يشغل الانسان نفسه بنشاطات عديمة المعنى، وخالية من القيمة. فكل نشاط نمارسه يتعين ان ندرك القيم التي ينطوي عليها، وان نتمثلها في سلوكنا، وأسلوب تفكيرنا وتعاملنا مع الآخرين وهذا بدوره، يجعلنا ننخرط في عمل بالغ الأهمية بالنسبة لحياتنا الاجتماعية ككل، ألا وهو اعادة النظر في القيم التي تستند اليها حياتنا المعاصرة ومراجعتها، وتصنيف أهداف الحياة وغاياتها، في هذه البيئة المتغيرة التي تبرز في هذا الصدد التساؤلات الحاسمة بصدد سياسات استثمار وقت الفراغ، كيف يستطيع الناس اختيار تلك الانشطة الأكثر أهمية؟ وكيف يستطيعون أيضاً تحقيق فهم أكثر ملاءمة للنمط الثقافي العام في المجتمع الذي تعد انشطة وقت الفراغ جزءا منه؟ بايجاز كيف يمكن تهيئة الناس واعدادهم لاستخدام وقت الفراغ استخداماً صحيحا ومفيداً، بحيث يكون استثماراً حقيقياً، يحقق عائداً ايجابياً على المستويين الشخصي والمجتمعي؟
العلاقة بين العمل والفراغ
وفي الاطار نفسه قال عبدالله الشمري: ان أول خطوات الاجابة على التساؤلات السابقة تتمثل في اعادة تحليل العلاقة بين العمل والفراغ، فالعمل الحديث يتسم بالكد وبالعناء، والملل، والرتابة، فضلاً عن سمة الاحباط التي ارتبطت بالعمل الصناعي والحكومي بصفة خاصة. حينئذ سيتضح لنا ان من أهم ضرورات الحياة المعاصرة ان نجعل العمل أكثر اشباعاً، ولهذا تبذل منظمات العمل الحديثة جهدها لكي تدخل عدداً من الانشطة الترويحية ضمن برامجها بحيث تتيح فرصة الترويح وقضاء وقت الفراغ العاملين بها من خلال هذه الانشطة، على افتراض ان ذلك يجعل من العمل شيئاً محبباً ومقبولاً.
وزاد: ان ذهاب الموظف الى عمله لا يعني بالضرورة انه ليس لديه وقت فراغ فقد كشفت مجموعة من الدراسات ان انتاجية بعض الموظفين لا يتجاوز ربع وقت العمل الفعلي، مما يترتب عليه وقت فراغ، فالانشطة الترويحية، والبرامج المتنوعة تقضي على ما يسمى وقت الفراغ فالعمل وحده لا يعد مؤشراً على شغل الموظف يوم العمل دون فراغ.
الفراغ الحقيقي
والفراغ الحقيقي، يعني الاختيار الحر لنوع النشاط أو السلوك الذي يمارسه الفرد خلال الوقت الحر المتاح له، وهذا يقتضي تنوعا فى مجال الانشطة المتاحة، فبعض الناس يفضلون قضاء وقت فراغهم في الرياضة البدنية، والبعض الآخر يفضل الاستماع الى الموسيقى أو ممارسة هواية خاصة، وترتبط ممارسة هذه الانشطة بمتغيرات أخرى مثل، العمر، النوع، والمستوى الثقافي، والوضع الاجتماعي.
لذلك برزت فكرة الاعداد لقضاء وقت الفراغ بطريقة ايجابية، وتقوم هذه الفكرة على طريقتين أساسيتين، الأولى هى تثقيف الناس ليعرفوا كيف يستخدمون وقت فراغهم بحكمة، والثانية هي تطوير برامج الترويح المتنوعة التي تقابل احتياجات سلوك الفراغ.
وأضاف: تعتبر المدارس والمعاهد التعليمية من بين الأجهزة الأساسية التي تتولى الاعداد لقضاء وقت الفراغ. فمن المسلم به ان المدارس أصبحت تقوم على الروح الديموقراطية، والوظيفة الرئيسة للمدرسة هي الاعداد للحياة، من خلال الاهتمام بتنمية مشاركة الطلبة في حياة الجماعة والمجتمع المحلي، والقدرة على مواجهة مشكلات الحياة. ولا تقتصر اهداف المدارس الحديثة على تلقين التلاميذ مبادئ العلوم،وانما يمتد نشاطها من أجل خدمة المجتمع المحلي أو البيئة المحيطة بها، وعموماً تتلخص القيم التربوية التي يقوم عليها النظام التعليمي الحديث في ثلاث، الأولى اكتساب المعارف الأساسية، والثانية، تنمية الشخصية، والثالثة الاعداد لمواجهة مواقف الحياة، وبخاصة مواقف العمل أو المهنة، والفراغ، والعلاقات الاجتماعية.
تنمية الشخصية
وزاد: كذلك أصبحت تنمية الشخصية هدفاً رئيساً من أهداف النظام التعليمي، وهنا نلاحظ ان من أهم وسائل تنمية الشخصية ذات الاتزان الانفعالي تحقيق التكامل بين التعليم وبين الترويح وقضاء وقت الفراغ بطريقة ايجابية، وبالمثل يجب ان يتحقق هذا التكامل فيما يتصل بالاتجاه نحو العمل، ونحو الحياة الاجتماعية بصفة عامة. وهكذا، نجد ان النظم التعليمية المعاصرة أخذت تولي التعليم اهمية للقضاء على وقت الفراغ والترويح باعتباره يمثل المدخل الى التعليم من أجل الحياة.
والواقع ان الاعداد للاستمتاع بوقت الفراغ واستخدامه استخداماً مفيداً شيء يتطلب تفكيراً وجهداً كبيراً، ويكاد يكون التدريب في هذا المجال أكثر صعوبة من التدريب في المجال المهني والصناعي مثلاً. فالتعليم على كيفية قضاء وقت الفراغ يتعين ان يأخذ في اعتباره عدداً كبيراً من المتغيرات، انه يجب ان يتم في ضوء دراسة ميول الأفراد واهتماماتهم، ومهاراتهم. ذلك ان التعليم من أجل قضاء وقت الفراغ يتضمن اثراء الشخصية وخلق الاهتمامات، وتدعيم نظرة فلسفية للحياة، فضلاً عن تنمية المهارات فالمرء حينما يواجه وقت الفراغ يجد نفسه مدفوعاً بحوافز داخلية، وأخرى خارجية للسلوك، فهل هو يختار ذلك النمط من النشاط، الذي يحقق اشباعاً صحياً،أم انه يختار نشاطاً آخر يجلب له الشعور بالندم والانفصال عن حياة الجماعة؟
وأضاف قائلا: هكذا يكون التدريب على قضاء وقت الفراغ أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد أكثر من مجرد تعليم الناس انشطة جديدة، اذ يتعين ان يتخلص الناس من القهر والاجبار والروتين الذي يفرضه عليهم عصر الآلة، وكذلك المقاييس الخطأ للسلوك، حتى يحققوا قدراً من التحرر في الاستمتاع بتلك الأشياء ذات الطابع الترويحي والتربوي.
حلول جذرية
واختتم : يجب ان يقوم الشخص بنشاطات وقت الفراغ نظراً لما تنطوي عليه من قيمة في ذاتها، فالمسألة اذن ليست مسألة اضافة مقررات جديدة للمناهج المزدحمة التي تدرس بالمدارس وانما هي بث روح جديدة في العملية التعليمية ذاتها. ذلك ان التدريب على قضاء وقت الفراغ يتطلب مجالاً واسعاً من الانشطة والاهتمامات التي يمكن ان يكتب لها الاستمرار والنمو خلال مراحل الحياة المختلفة.



التعليقات