القاهرة، غزة: عواصم العالم، أشرف الفقي، وائل بنات، الوكالات أكد مجلس وزراء الخارجية العرب ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، ودعا مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار دولي لوقف القتال وحماية الشعب الفلسطيني ونشر مراقبين دوليين لمراقبة تثبيت وقف إطلاق النار، وشدد الوزراء العرب على أهمية تزويد الفلسطينيين بالغذاء والدواء وأن يتم إدخال المساعدات من جميع المعابر ودعوة مؤسسات الإغاثة للمشاركة في تقديم العون للفلسطينيين.
وثمن وزراء الخارجية العرب في البيان الذي تلاه رئيس الدورة وزير الخارجية السعودي سمو الأمير سعود الفيصل على الجهد المصري في قطاع غزة لتخفيف آثار العدوان، ومبادرة الرئيس المصري حسني مبارك بفتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة واستقبال الجرحى والمصابين، وتـأمين دخول المساعدات، وأيد الوزراء الجهود المصرية لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، ورفض أية مزايدة على دور مصر التي وصفها البيان - بأنها تبذل جهودا لخدمة أمتها العربية.
وحض وزراء الخارجية الفصائل الفلسطينية على نبذ خلافاتها وعقد اجتماع لكافة الفصائل دون استثناء.
ورحب بعقد قمة عربية، إلا أن الوزراء فضلوا إرجاءها إلى ما بعد تهيئة الظروف المواتية لها، وأن يظل خيار القمة قائما إلى ما بعد استنفاد وسائل الاتصال مع مجلس الأمن الدولي.
وقرر الاجتماع الاستثنائي- بعد أكثر من عشر ساعات من المناقشات - تشكيل لجنة وزارية عربية برئاسة سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل بوصف بلاده الرئيس الحالي لمجلس الجامعة العربية، وتضم في عضويتها ليبيا - العضو العربي في مجلس الأمن- للتوجه إلى الأمم المتحدة في نيويورك لعقد جلسة عاجلة للمجلس لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية دون أية شروط من خلال فتح المعابر من خلال آلية دولية يتم الاتفاق عليها.
وعقد سمو الأمير سعود الفيصل مؤتمرا صحفيا مشتركا مع الأمين العام لجامعة الدول العربية وتلا البيان الختامي وتضمن قلقا عربيا حيال الوضع في قطاع غزة، وحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الوضع في قطاع غزة وما أدى إليه من مئات الشهداء الجرحى.
ورفض الفيصل مسألة سحب المبادرة العربية للسلام، وقال إن سحب تلك المبادرة التي تشكل وسيلة ضغط على إسرائيل يعني ضمنا تقديم خدمة لإسرائيل وفي غير صالح الوطن.
وكانت مصر والأردن تحفظتا على دعوتي قطر وسوريا لعقد قمة عربية استثنائية، وأصر على ارتباط تلك الخطوة بالإعداد الجيد لها، وأن تبقى ورقة في يد الدول العربية يمكن استخدامها في حال فشل الاتصالات مع مجلس الأمن الدولي.
واتفق وزراء الخارجية العرب على دعوة مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة عاجلة للعمل على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وطالبوا الفصائل الفلسطينية بتحقيق المصالحة بأسرع ما يكون.
وعبر رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر عن حالة من عدم الرضا على نتائج الاجتماع الاستثنائي التي توصل إليها وزراء الخارجية العرب، وخرج من قاعة الاجتماعات ليعقد مؤتمرا صحفيا أكد فيه أهمية استمرار الجهود المصرية، وأبدى استعداد بلاده لدعم أي جهد لتحقيق المصالحة الفلسطينية وتوحيد الصفوف، واعترف بتراجع مسألة عقد قمة عربية في الوقت الراهن وقال quot; الوزراء قرروا إرجاء تلك الخطوة إلى ما بعد استنفاد الوسائل والطرق مع مجلس الأمنquot;.
ولوحظ أن وزيري خارجية سلطنة عمان وليبيا كانا أول المغادرين للقاهرة، ولم يكملا الاجتماع الاستثنائي، وامتنع الوزيران عن الإدلاء بأية تصريحات في مطار القاهرة، ولحق بهما رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية.
وفيما كانت لجنة الصياغة الوزارية العربية مجتمعة لصوغ البيان الصادر عن الاجتماع الاستثنائي أعلنت السلطات المصرية إصابة جندي مصري أمس على الجانب المصري من الحدود، وقال مصدر أمني إن الضابط أصيب برصاصتي فلسطيني في كتفه، وتم نقله لتلقي العلاج.
في غضون ذلك كشفت السلطات الأمنية عن ضبط قنبلة يدوية على الجانب المصري من الحدود وتم القبض على فلسطيني كان على مقربة من موقع اكتشاف القنبلة.
وكان وزراء الخارجية العرب أدانوا بالإجماع الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة، وحملوا إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع على الساحة الفلسطينية، ووجه الوزراء في مشاوراتهم الجانبية والجلسة العلنية للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب،انتقادات حادة لإسرائيل، وطالبوا الفصائل الفلسطينية بتدارك عامل الوقت وتوحيد صفوفهم بمصالحة شاملة، وفضل الوزراء أن تكون اجتماعاتهم في جلسات مغلقة ومنها جلسة اقتصرت على رؤساء الوفود بعد جلسة علنية تحدث فيها رئيس الدورة الاستثنائية لوزراء الخارجية العرب الأمير سعود الفيصل والأمين العام للجامعة عمرو موسى.
ولوحظ أن الجلسة العلنية للاجتماع الاستثنائي والكلمات التي ألقيت فيها لم تتطرق إلى الدعوة القطرية والسورية لعقد قمة عربية، وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوي لـquot;الوطنquot; إن وزراء الخارجية ناقشوا موضوع القمة في جلساتهم المغلقة، وكشف عن تباين في وجهات النظر حيال عقدها، وانقسم المشاركون إلى فريقين الأول يرى أهمية انعقادها في هذه الظروف، وتساءل أحد وزراء الخارجية المؤيدين للقمة: إذا لم نعقد القمة في هذا التوقيت فمتى يمكن انعقادها؟ أما الرأي الثاني فيتبنى نهج التأني في القمة وضرورة الإعداد الجيد لها وإن المسألة ليست بالاجتماع في حد ذاته.
وشدد الأمير سعود الفيصل والأمين العام للجامعة العربية في الكلمتين اللتين ألقياهما في الجلسة الافتتاحية العلنية على ضرورة الوقف الفوري للاعتداءات الإسرائيلية ومطالبة الفصائل الفلسطينية بتوحيد صفوفها، لتدعيم الجهود العربية في الضغط على إسرائيل لوقف عملياتها ضد الفلسطينيين العزل.
وفيما كان وزراء الخارجية في جلساتهم المغلقة كانت أصوات سيارات الشرطة تجوب ميدان التحرير - في وسط العاصمة المصرية - الذي تحول إلى شبه ثكنة عسكرية للحيلولة دون وصول المتظاهرين المصريين إلى مقر الجامعة العربية، في الوقت الذي كان أعضاء الوفود يتابعون بهواتفهم الجوالة تحرك المظاهرات في وسط القاهرة والتي أدت إلى شلل شبه تام في حركة السير في العاصمة المصرية.
ووصف الأمير سعود الفيصل الوضع في قطاع غزة بـquot;المتأزم والخطيرquot;، وحض نظرائه العرب على تبنى خطوات جادة وفاعلة تضع حدا فوريا لهذا العدوان الإسرائيلي السافر وتوقف نزيف الدم الفلسطيني،وقال quot;اجتماعنا الاستثنائي ينعقد اليوم وقلوبنا يعتصرها الألم إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من آثار عدوان شرس لا يعرف هوادة ولا لين، تشنه إسرائيل على هذا الجزء الغالي من وطننا العربي، سقط من جرائه مئات القتلى وأكثر من ألف جريح، ونشر الخراب والدمار على الأرض وبث الرعب في نفوس المدنيين الأبرياء من أطفال ونساء في حمام دم ينزف ولا نعرف ماذا ينتهي إليه ولا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكالquot;.
وأشار في الاجتماع - الأعلى مشاركة من قبل وزراء الخارجية 20 وزيرا - إلى أن ما يجري في غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه مذبحة وجريمة إنسانية لا ينتظر منها سوى المزيد من العنف والمزيد من التطرف والابتعاد عن هدف السلام والأمن الذي تزعم إسرائيل أنها تسعى إليه وتعمل على تحقيقه، مؤكدا أن أي سلام أو أي أمن لا يمكن أن تحققه حملة مسعورة بآلة عسكرية لا يمكن لها إلا أن تزرع الموت وتنشر الدمار، وتعزز القناعة بحقيقة النوايا العدوانية لجيش الدفاع الإسرائيلي الذي لا يعرف من الدفاع سوى اختلاق الذرائع والحجج للإمعان في إذلال الشعب الفلسطيني بأسلوب الحصار مرة أخرى أو بإيقاع أشد أساليب القتل والتدمير ضد المدنيين مرة أخرى، فيما يبدو أنها محاولة مكشوفة لإزالة كل إمكانية أي فرصة لإقامة سلام حقيقي تتوافر فيه مقومات الأمن الذي تزعم إسرائيل أنها تسعى إليهquot;.
وحمل إسرائيل مسؤولية هذا الوضع الخطير الناشئ الذي مازال يعصف بالأرواح الفلسطينية ويدمر كل مقومات الحياة في غزة يقع على نهج السياسة الإسرائيلية للتعامل مع الوضع الفلسطيني، وأضاف أنه يتعين علينا في هذا الصدد التركيز على إجراءات عملية لتحرك عربي ودولي أياً كان على المستوى الذي يمكن الاتفاق عليه ويحقق الأهداف المأمولة منه والبعد عن لغة الشعارات والمزايدات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
ووجه الفيصل حديثه للمجلس قائلا quot; لا خير فينا إذا لم نقلها ولا خير في الأشقاء الفلسطينيين إذا لم يسمعوها.. إن هذه المجزرة الرهيبة ما كانت لتقع لو كان الشعب الفلسطيني يقف موحدا خلف قيادة واحدة ينطلق من منطلق واحد وينطق بصوت واحدquot;. وتابع الفيصل quot;نقول للأشقاء الفلسطينيين إن أمتكم العربية لا تستطيع أن تمد لكم يد العون الحقيقي إذا لم يمد الواحد منكم يد المحبة للآخرquot;. وأكد الفيصل أنه quot;قد آن الأوان لانعقاد الفصائل الفلسطينية كافة في اجتماع حاسم تنبثق منه حكومة وطنية واحدة تمثل الشعب الفلسطيني بأكملهquot;.
إن التنظيمات زائلة والشعارات لا تدوم ولكن شعب فلسطين العظيم كان في فلسطين منذ فجر التاريخ وسيبقى فيها حتى غروبهquot;.
أما الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى فقال إن استخدام إسرائيل القوة الغاشمة في مواجهة المدنيين في قطاع غزة هي مزايدة انتخابية مقصود بها إعادة الانطباع بأن لإسرائيل جيشاً لا يقهرquot; داعيا إلى اتخاذ موقف عربي جماعي رصين وتوحيد الصفوف العربية في هذه الظروف
الدقيقة. وطلب موسى- في كلمته في افتتاح الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب أمس- من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يعلن من خلال موقفه النضالي ومنصبه القيادي التحرك الفوري والقوي من أجل وقف العدوان وأن يتوجه إلى مجلس الأمن وأن يعرض القضية
ويصمم على وقف العدوان على شعب فلسطينquot;. كما ناشد الرئيس الفلسطيني اتخاذ كل ما من شأنه أن ينهي الانفصام الفلسطيني، معربا عن تأييده لدعوة أبو مازن للفصائل الفلسطينية للاجتماع وتناسي كل الخلافات وأن يشكلوا وحدة واحدة في مواجهة التحدي الخطير الذي يواجهونه في
الأراضي المحتلة وعلى رأسها غزة.
وقال quot;إننا نشهد مزايدة داخلية حزبية إسرائيلية الهدف منها الانتخابات القادمة في إسرائيل في الشهر القادم، وغزة تدفع الثمن، ولو كانت الجبهات الإقليمية المحتملة الأخرى سهلة والموقف الدولي مواتياً لوجهت النيران نحوها، ولكنه الخوف من الحرب الجدية والبحث عن ضحية سهلة أو قل إنه الحائط المائل أي أن ضرب المدنيين العزل في غزة أسهلquot;.
وقال إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة هو فصل من مأساة أكبر، إن القذائف تلتهم الحياة في غزة، والمستوطنات تلتهم الأرض في الضفة، والمفاوضات الفارغة كان المقصود بها أن تلتهم الوقت.
ملاسنة بين أبو الغيط والمعلم
القاهرة: أشرف الفقي
كشفت مصادر دبلوماسية عربية شاركت في الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب أمس عن جانب من تفاصيل الجلسة المغلقة للوزراء وقالت إن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عرض على نظرائه العرب خطة تحرك لوقف العدوان العسكري الإسرائيلي على غزة، وهي الخطة التي حملها معه إلى تركيا، وإن أبو الغيط حمل على عدد من وزراء الخارجية المشاركين - لم يسمهم - بسبب الحملات التي تعرضت لها مصر في بلادهم وقالquot; نأسف أن نرى مظاهرات ضد مصر تجوب شوارع دول عربية، ونحن نعلم أهداف تلك المظاهرات ومن يقف وراءها.
وشهدت الجلسة تحفظا من وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي أصر على التطرق إلى الدور الذي تلعبه سوريا في الدفاع عن القضايا العربية، وقال إن المظاهرات خرجت في مصر نفسها فلماذا يتحدث الوزير المصري عن المظاهرات التي خرجت في الدول العربية، وشرح أبو الغيط بالتفصيل لنظرائه العرب الاتصالات التي أجرتها القاهرة منذ بداية الغزو البربري الإسرائيلي، وتفاصيل المحادثات التي جرت في القاهرة مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني.
وتدخل عدد من وزراء الخارجية العرب لإنهاء المداخلات بين وزيري الخارجية المصري والسوري وطالبت بالتركيز أولا على مهمة الاجتماع ،بعيدا عن الشد والجذب وإضاعة الوقت، وأن يتم مناقشة موضوع عقد القمة العربية في جلسة مغلقة لوزراء الخارجية خصوصا أن نصاب الانعقاد - ثلثي الأعضاء - لم يكتمل حتى أمس.
وكشف سفير فلسطين في القاهرة نبيل عمرو عن جانب أخر من تفاصيل الجلسة المغلقة وقال إن هناك توجها فلسطينيا - عربيا جماعيا على العودة مرة أخرى لاستصدار قرار من مجلس الأمن لوقف العدوان على غزة، وقال - في مؤتمر صحفي عقده على هامش الاجتماع الاستثنائي - إن السلطة الوطنية الفلسطينية، والرئيس محمود عباس يعلقان أهمية كبرى على هذا الاجتماعquot;، وطلبنا من أشقائنا العرب تكاتف الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم ونزيف الدم في غزة الذبيحة وشعبها العظيم هذه الأولوية القصوى التي نريد للجهد العربي المشترك أن يتوجه إليها.
أبرز قرارات المجلس الاستثنائي
* المطالبة بوقف فوري للعدوان
* دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد فوراً لإصدار قرار بوقف إطلاق النار.
* استمرار جهود الإغاثة من خلال جميع المعابر.
* تثمين دور مصر في دعم القضية والشعب الفلسطينيين
* تأييد الجهود المصرية للتوصل إلى تسوية بين الفصائل الفلسطينية ورفض أي مزايدة أو تطاول على دور مصر.
* الترحيب بالدعوات المقدمة لعقد قمة عربية فور توصل الظروف الملائمة لذلك.
* إبقاء الاجتماع مفتوحاً لمتابعة تطورات العدوان الغاشم وتشكيل فريق عمل برئاسة الأمير سعود الفيصل لدعم المشروع العربي خارجيا.
التعليقات