مشاكل وعقبات النشر في العالم العربي باختلافاتها وتشعباتها وسُبل النهوض به، طُرحت على طاولة خبراء وأساتذة الإعلام والمختصين في أول أيام مؤتمر الناشرين العرب الذي تستضيفه العاصمة السعودية، ويُنظم بالتعاون مع جمعية الناشرين السعوديين ووزارة الثقافة والإعلام في المملكة بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض.

الرياض:وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة قص شريط الافتتاح للمؤتمر، الذي بدأ من الصباح ونوّه برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمؤتمر، مبيّنًا أنه وجه في كلمته بأهمية تفعيل التوصيات التي يتم التوصل إليها في المؤتمر وتشجيع انتشار الكتاب في عالمنا العربي وأهمية العلاقات في هذا المؤتمر في المملكة العربية السعودية.

وأكد أهمية المحاور والمواضيع المطروحة على المؤتمر قائلا quot;إنها تهم الناشر والقارئ العربي وتتناول كيفية توزيع الكتاب وانتقاله من مكان إلى مكان آخر بكل سهولة ويسرquot;، موضحًا أن لجنة لمتابعة توصيات المؤتمر شكلت لتفعيلها بتوجيهات مباشرة من الملك عبدالله، ومعربًا عن أسفه للقياسات والاحصائات التي تبين تراجع مستوى النشر والقراءة عربيًا بالمقارنة مع الدول الأخرى.

وتناولت الجلسة الأولى للمؤتمر موضوع quot;حرية النشر في العالم العربيquot; وأدارها الدكتور عبدالله الحمود وشارك فيها كل من علي حرب ورئيس اتحاد الناشرين السوريين محمد عدنان سالم والدكتور سعد بن طفلة العجمي، وبيّن حرب في ورقة عمل بعنوان quot;حرية النشر والتعبير بين حجب المعرفة ونشر الشعوذةquot; أن التطور الهائل في وسائل الاتصال والشبكات الأثيرية الفائقة تلغي الحدود بين المجتمعات، على نحوٍ يجعل المعلومات والرموز والصور تجتاح الناس في حجراتها، مما ينتهك الثوابت والمحرمات، الأمر الذي يجعل الكلام على حرية النشر أو الخشية منه غير ذي موضوع، كما يجعل أعمال الضبط والرقابة على الكتب والمنشورات غير مجدية ولا فعالة مشيرًا إلى أن ما تمنعه أجهزة الرقابة يمكن الحصول عليه بوسائل أخرى.

كما تناول حرب في ورقته فتوحات العولمة وما بعد الحداثة والزيف والانتهاك والمحافظة والفصيحة, مشيرًا إلى أن المجتمعات العربية، والإسلامية، تضيق الآن بما كانت تتسع له من قبل, سواء من جهة الأنظمة السياسية والمؤسسات الدينية أو من جهة المنظمات الحزبية والنخب الثقافية.

وقدم رئيس اتحاد الناشرين السوريين محمد عدنان سالم ورقة عمله بعنوان quot;من حرية الفكر إلى حرية النشرquot; تحدث فيها عن كفاح الإنسان من أجل حرية التعبير وأن الإنسان كلما ضاقت أوعيته المعلوماتية عن الاستيعاب، يبحث لها عن أوعية جديدة , حيث انتقل بالكلمة تدريجا إلى أوعيتها الإلكترونية الجديدة مشيرا إلى أن بنائه التعبير؛ محكيًا كان أو مكتوبًا أو مصورًا، لم يعرف أي قيود على حريته، قبل أن تنتظم المجتمعات الإنسانية تحت سلطة ما، من القبيلة إلى الدولة حيث أصبحت الكلمة بهذه القيود مسئولة مسؤولية مزدوجة تخضع فيها لرقابة المجتمع وأعرافه تارة، ولرقابة الدولة وقوانينها تارة أخرى.

وأكد عدنان أن رقابة المجتمع تنطلق من الحفاظ على قيمه وتقاليده وأعرافه، مما يعيق عملية التجديد وطرح أفكار جديدة تتجاوز المألوف؛ فإنَّ تجاوزها واختراقها مرهون بقدرة صاحبها على الحوار والإقناع أما رقابة السلطة فمرهونة بنوع هذه السلطة؛ ديمقراطية تستند في حكمها إلى الشعب وصناديق الاقتراع، فتقترب بذلك من رقابة المجتمع وتحقيق مصالحه وتطلعاته، أو فردية أحادية توجه رقابتها إلى حفظ النظام واستقراره؛ من الصعوبة بمكان تجاوزها مشيرًا إلى أن هذا التقسيم بين ديمقراطي وفردي ليس حديًا، فقد يقترب أحدهما من الآخر، فيصوغ أنظمته الرقابية بحسب درجة اقترابه.

وبدأت الجلسة الثانية بعنوان quot;تسويق وتوزيع الكتابquot; وأدارها محمد علي الخضير من المملكة العربية السعودية وشارك فيها كل من رئيس الاتحاد الدولي للكتاب الموزعين سابقاً الدكتور جريهارد داست وأستاذ التسويق في الجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور أحمد طاهر والأمين العام لإتحاد الناشرين العرب بشار شبارو.

وتناول الأمين العام لإتحاد الناشرين العرب بشار شبارو في ورقة عمل بعنوان quot;معضلة توزيع الكتاب في الوطن العربي..تشريح أزمة واستشراف حلولquot; وضعية التوزيع كما هي في العالم العربي والمشاكل التي تعوق وصول الكتاب إلى القارئ، وبين أن صناعة الكتاب تعتمد على وجود ترابط حلقاتها بعضها ببعض بدأ من التأليف أو الترجمة أو التحقيق إلى القارئ، مشيرًا إلى أنها تمرّ عبر عدد من المراحل هي التدقيق اللغوي والتنضيد على الكمبيوتر ثم التحرير والتوضيب على شكل كتاب فالطباعة ثم التجليد أو التغليف فالنشر والتسويق والتعريف وأخيرا التوزيع من خلال الموزعين وأصحاب المكتبات، فيما قدم أستاذ التسويق في الجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور أحمد طاهر عرضًا مرئيًّا عن الحلقات المفقودة في سلسلة القيمة للكتب في العالم العربي بين من خلاله أن دور الموزع تجاه الناشر يأتي من خلال زيادة تغطية السوق إضافة ً إلى إجراء الاتصالات الخاصة بالمبيعات مع الاحتفاظ بمخزون استراتيجي، كما تناول دور الموزع تجاه بائع التجزئة من خلال التأكد من توفر الكتاب وتقديم خدمة للعملاء، إضافة إلى توزيع نطاق المساعدة المالية والائتمان وتوفير مزيج سلعي ملائم وتقسيم الشحنة ومساعدة العملاء من خلال تزويدهم بالنصح والدعم الفني.

وطفت على أوراق الجلستين الثالثة والرابعة في المؤتمر مشكلتا الاحتكار، وحماية الحقوق في الوطن العربي، ففي الوقت الذي طالب الدكتور الأردني يونس عرب بتحقيق التوازن بين صاحب الحق والمتلقي ومنع الاحتكار والتعاون للوصول إلى اتفاقيات لحماية الحقوق، رأى رئيس جمعية الناشرين السعوديين أحمد الحمدان أن واقع حماية الملكية الفكرية في الوطن العربي هو واقع مرير في ظل نشاط التزوير بمرأى ومسمع من الجهات ذات العلاقة المعنية بحماية حقوق المؤلف.

وتناولت الجلسة الثالثة حماية حقوق الملكية الفكرية والتي أدارها عبدالرحيم مكاوي وشارك فيها الدكتور يونس عرب والمشرف العام على الإدارة العامة لحقوق المؤلف بوزارة الثقافة والإعلام عبدالله بن شافي العصيمي ورئيس جمعية الناشرين السعوديين أحمد بن فهد الحمدان .

وتحدث الدكتور يونس عرب عن حق الحماية الفكرية هل هي مسألة منتجة مثمرة أم مسألة تتعارض مع حق المعرفة وحقّ الوصول إلى المعلومة، كما تحدث عن الحاجة إلى مواكبة الزمان وتحقق التوازن بين صاحب الحق والمتلقي ومنع الاحتكار والتعاون للوصول إلى اتفاقيات لحماية الحقوق موصيًا بالاهتمام بإنتاج المعرفة.

كما تحدث العصيمي عن الملكية الفكرية في المملكة والجهات المسؤولة المعنية بها وهي وزارة التجارة والصناعة وهي معنية بالعلامات التجارية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهي معنية ببراءات الاختراع ووزارة الثقافة والإعلام ممثلة بالإدارة العامة لحقوق المؤلف وهي الجهة المعنية بحقوق المؤلف، مستعرضًا تاريخ حقوق الملكية الفكرية في المملكة.