ضحايا بالعشرات وعمليات البحث عن المفقودين مستمرة
السيول تجتاح جدة واستمرار الأمطار يهدد بتفاقم الأوضاع

فجأة ودون سابق إنذار كانت الكارثة، سيول جارفة تجتاح مدينة جدة مخلفة عشرات القتلى. عدد ضحايا سيول الأربعاء في تزايد مطرد، العدد ارتفع إلى 98قتيلا حسب آخر إحصاءات الدفاع المدني تم تسليم 58 جثة إلى ذويها، فيما بلغ عدد العائلات التي تضررت منازلها وتم تخصيص مأوى لها ألف عائلة، وفق ما أعلنه الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة النقيب عبدالله العمري. جدل واسع تشهده السعودية جراء هذه الحادثة، ولعل أبرزها يكمن في مدى فاعلية ومواكبة الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة للمتغيرات الجوية، وتحميل البعض لها بتحمل جزء من المسؤولية لعدم إطلاقها تحذيرات مبكرة للأمطار الغزيرة التي هطلت ساعات متواصلة على جدة.

سيول الأربعاء فتحت الباب على مصراعيه لعدد من الاتهامات الموجهة لجهات مختلفة، وتحميل كل منها جزء من المسؤولية. ومع هذه الأحداث نشرت الصحف المحلية في صفحاتها الأولى الصادرة الجمعة تقارير أشارت بوضوح إلى مخاوف تحيط ما يسمى ببحيرة المسك التي تعتبر اكبر بحيرة في العالم لتجمع مياه المجاري، حيث تتجمع فيها 40 مليون متر مكعب خارج مدينة جدة وعلى ارتفاع حوالى 120 مترا فوق سطح البحر.

وتشير التقارير إلى أن مستوى المياه ارتفع في هذه البحيرة بواقع 10 أمتار، حسب بعض التقارير، ما دفع البعض للتخوف من تسبب ذلك في مشكلة حقيقية. ويحذر المراقبون من وجود البحيرة في ملتقى الأودية، ما يجعلها تشكل خطرا حقيقيا أثناء تشكل السيول والأمطار على مدينة جدة.

وبدد الرائد عبدالله الحارثي مخاوف أهالي جدة حول بحيرة الصرف شرق جدة، وأكد عدم وجود أي خطورة على الأحياء، وأن كل ما يدور حولها يعد من قبيل الشائعات.

وقال الرائد الحارثي في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن ما يحدث في محافظة جدة شيء مؤلم. وأوضح مندوب المديرية العامة للدفاع المدني أن مستوى اندفاع مياه السيول quot;فاق الوصف والقدرة، ولكن بتكاتف الجهود تم التعامل بمثالية مع الموقفquot;. ونفى الرائد الحارثي أن تكون المديرية العامة للدفاع المدني حذرت عبر رسائل من الوجود بالقرب من بحيرة المسك أو تحذير السكان القريبين منها، مؤكدا quot;لم نحذر المواطنين إطلاقاً وليست من عادة الدفاع المدني إرسال مثل هذه التحذيرات دون تأكيداتquot;، مشيرا الى أنهم quot;أرسلوا فرقاً لبحيرة المسك لمسحها بالكامل، والتأكد من عدم ارتفاع منسوب المياه فيها مستقبلاًquot;.

وأضاف أن أفراد الدفاع المدني تمكنوا من إخلاء 1215 شخصاً حتى عصر أمس، وأن التوجيهات صدرت بإسكانهم في شقق مفروشة. وعن التعويضات المقررة لأصحاب المركبات والممتلكات المتضررة، أوضح الحارثي أن هناك لجاناً تعمل على حصر الأضرار من مركبات ومساكن ومتاجر، وأنه ووفقاً للإجراءات النظامية لجهات مشكلة من قبل وزارة المالية وغيرها سيتم الإعلان للمتضررين للتقدم لتلك الجهات.

وأوضح النقيب عبدالله العمري، الناطق الإعلامي في مديرية الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، أن فرق الإنقاذ ما زالت تباشر أعمالها لإنقاذ عدد من المحتجزين داخل مركباتهم وفي بعض المنازل القديمة بمواقع مختلفة، حيث تم إخراج العديد منهم وإنقاذهم خلال الساعات القليلة الماضية.

وقال في تصريح له إن البحث ما زال مستمرا للتأكد من عدم وجود جثث أخرى في عدد من المواقع، مشيرا إلى أن الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف الرعدية ونشاط الرياح السطحية وتدفق مياه السيول تسبب في وقوع أضرار في الأحياء والشوارع خاصة الواقعة في شرق جدة، وأنقذت طائرات قوات الدفاع المدني خلال اليومين الماضيين 193 مواطنا ومقيما من بينهم 29 حاجا ونساء وأطفالا.

مطالبات نادت بضرورة وضع حلول طويلة المدى لمشكلة غياب شبكة للصرف الصحي فيما يقرب من 85 في المائة من المدينة، والضعف الكبير لنظام تصريف مياه الأمطار، وضرورة إعادة تخطيط واسع للمدينة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، التي تعتبر البوابة الرئيسة لمدينة مكة.

وتشير تقديرات إلى أن مدينة جدة تحتاج إلى ثلاثة مليارات ريال لتنفيذ مشاريع تصريف مياه الأمطار وتغطية كامل المدينة بشبكة تصريف، وتفاعلا مع ما حدث من أمطار غزيرة في جدة أنشأ شباب الفيس بوك quot;غروبquot; خاصا يهدف التضامن مع المتضررين.

وتقول محافظة جدة إن الأمطار التي هطلت بلغ معدلها 90 مليمترا، وانه لم يسبق أن هطل على المحافظة مثل هذا المعدل من الأمطار، حيث تدفقت المياه بصورة كبيرة جراء السيول أدت إلى حدوث أضرار شرق مدينة جدة وجنوبها. فيما تواصل آليات أمانة محافظة جدة والجهات المعنية أعمالها في شفط تجمعات المياه وإزالة الآثار السلبية الناتجة من الأمطار، التي شهدتها جدة الأربعاء.

من جهتها، قالت شركة الخطوط الجوية العربية السعودية إن ارتفاع منسوب مياه الأمطار أثرفي أنظمة معلومات الشركة وتوقفت كافة الأنظمة الآلية. وصرح عبدالله الأجهر، مساعد مدير عام الخطوط السعودية، أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على مدينة جدة وارتفاع منسوب المياه أدى إلى التأثير على التيار الكهربائي المغذي للمركز الرئيس لخدمات أنظمة المعلومات في مجمع الخطوط السعودية، اذ توقفت كافة الأنظمة الآلية الخاصة بالحجز والترحيل الجوي وجداول الطيارين والملاحين، وأضاف أن الأمطار أثرت في حركة الطيران وتسببت في تأخير كافة الرحلات الداخلية خلال الـ24 ساعة الماضية.

من جانب آخر، قرر الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم تأجيل دربي مدينة جدة الذي سيجمع الأهلي بالإتحاد على ملعب مدينة الأمير عبدالله الفيصل الرياضية في جدة، ضمن مباريات المرحلة العاشرة من دوري زين السعودي للمحترفين، يوماً واحداً ليكون السبت 5-12-2009 بدلا من موعده السابق الجمعة، وجاء التأجيل بسبب الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة.