حرص وزير الصحة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في ختام ورشة العمل الخاصة بالإجراءات الاحترازية لموسمي الحج والعمرة التي أنهت أعمالها أمس في جدة على بث روح الاطمئنان في نفوس الصحفيين ورجال الإعلام، مشيرا إلى أن إعلان منظمة الصحة العالمية الدرجة السادسة للوباء هو معيار جغرافي يشير إلى توسع دائرة الإصابة في قارات العالم، وليس درجة خطورة الوباء على صحة الإنسان، وطالبهم بضرورة التعامل مع فيروس أنفلونزا الخنازير AH1N1 بواقعية شديدة. كونه مازال متوسط الحدة مقارنة بالأنفلونزا الموسمية، ويجب التعامل معه في هذه المرحلة على هذا الأساس.
وكان الكاتب الإعلامي عبده خال أشعل المؤتمر الصحفي بسؤال طالب فيه الوزير بالنظر في أهمية ضرورة طرح قضية وباء فيروس أنفلونزا الخنازير AH1N1 أمام هيئة كبار العلماء، والبحث في مدى إمكانية إلغاء موسم حج هذا العام تخوفا من أن يتحول الموسم إلى باعث أو مصدر لوباء أنفلونزا الخنازير بعد توقع وصول نحو عشرة آلاف مصاب ومخالطتهم لأكثر من ثلاثة ملايين حاج، وعودتهم إلى بلادهم في أقطار العالم، حماية للمملكة والعالم أجمع، والنأي بها عن إمكانية تحولها إلى مصدر للفيروس AH1N1 بعد انقضاء موسم الحج، مستشهدا بحادثة وباء الطاعون في (عمواس) في زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي طالبهم بعدم الخروج منها ورد على من ذكره بقضاء الله بقوله الشهير (نفر من قدر الله إلى قضاء الله).
لكن الوزير تعامل مع السؤال بشفافية واضحة ورد حازم عندما رد بابتسامة رضى على السائل وأجابه بقوله quot;أحترم رأيك، ولكن إلغاء الحج أعتقد أنه أمر يحتاج إلى عناية ودقة، أعتقد وبجانبي أكبر خبراء العالم في مجال مكافحة العدوى بأن المعطيات الموجودة لدينا حاليا، وكما ذكرت التوصيات التي أصدرها الخبراء أن هذه الأنفلونزا في الواقع لا تزيد عن الأنفلونزا الموسمية، وما دام أن الحكومة لم تلغ المواسم السابقة رغم وجود فيروسات مشابهة أو أكثر ضراوة منه، فلم تضع اللجان العلمية أي توصية من هذا النوع لإلغاء الموسم. كما أن دولا عالمية كثيرة جدا تستقبل الملايين من الزوار للسياحة أو حضور الدورات الرياضية، ومع هذا لم تلغ هذه الأنشطة بناء على المعطيات ونمط الفيروس الحاليquot;.
وأشار الوزير إلى أن التوصيات ذكرت بأنه لو تغير نمط الفيروس لما يضر الإنسان فإنه سوف يعاد النظر في الموقف تبعا للمعطيات العلمية الدقيقة.
ورد وزير الصحة على سؤال آخر حول مدى التعاون والتنسيق بين الوزارة والمراجع الفقهية والدينية للاستئناس برأيهم حول الأوبئة والأمراض. خصوصا في موسم الحج والعمرة بأن هناك تنسيقاً تاماً مع جميع الأجهزة الحكومية، وأن التوصيات سيتم رفعها للأجهزة الرسمية والشرعية، مؤكدا ثقته بأن جميع التوصيات التي خرجت بها ورشة العمل لا يوجد بها ما يخالف الشريعة الإسلامية السمحة.
وكان وزير الصحة قد استهل المؤتمر الصحفي بالكشف عن عدد الحالات التي تم رصدها في المملكة إلى لحظة عقد المؤتمر (الثانية بعد ظهر أمس) والتي بلغت 81 حالة فقط، مؤكدا أن معظم الحالات شفيت من المرض، وعادت لممارسة حياتها بشكل طبيعي، مستشهدا بالتوصية التي أقرها الخبراء في ورشة العمل، والتي أكدت أن نمط الوباء مازال في مرحلة متوسطة.
وأشار إلى أن ورشة العمل جاءت إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين للإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس H1N1 في موسم العمرة والحج لهذا العام.
وقال quot;لقد أخذ الخبراء نصب أعينهم المعايير العلمية العالمية، وكذلك التجمعات والحشود الأخرى ودراسة متأنية لمناسك العمرة والحج، وانعكاساتها على المجتمع المحلي والعالمي، وتمت دراسة الخطة الوطنية للمملكة، والإجراءات الاحترازية، ومراجعة المنافذ بزيارات ميدانية، وكذلك المختبرات، والوقوف عن كثب على ما تقوم به المملكة ممثلة في وزارة الصحة من إجراءات، وما اكتسبت من خبرات، وما تم من اجتماعات وزارية وعلمية وغيرها تجاه أنفلونزا H1N1 وغيرها من الإجراءات الوقائيةquot;.
وقال وزير الصحة إن quot;الدول المتقدمة لا تكشف الأرقام الفعلية لعدد حالات الإصابة بأنفلونزا الخنازير كما تفعل المملكة، مشيرا إلى أن الوقت الذي تستغرقه الوزارة في الكشف عن كل حالة لا يتجاوز الساعة الواحدة فقط من ثبوت الفحوصات والتحاليل المخبرية المؤكدة للإصابة وإعلانها عبر وسائل الإعلام المحلية.
وجدد الوزير السعودي تأكيده أن المملكة تطبق أعلى المعايير في مكافحة العدوى حرصا على حماية ضيوف الرحمن من المعتمرين والحجاج، وأنه يتوقع مع زيادة تدفق الحجاج والمعتمرين زيادة حالات الاشتباه بالإصابة بأنفلونزا الخنازير، مؤكدا أنه تم أخذ كافة الاحتياطات اللازمة لذلك خلال أدائهم للمناسك في الأماكن المقدسة. وكانت ورشة العمل التي شارك فيها خبراء عرب ومسلمين والخبرات الوطنية المتميزة وبحضور ممثلين لمنظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة العدوى في أمريكا وأستراليا والصين وأوروبا قد انعقدت للوصول إلى أفضل توصيات ممكنة للمحافظة على سلامة وصحة المعتمرين والحجاج، وكذلك سلامة وصحة كل من يعيش على أرض السعودية. آخذين بعين الاعتبار صحة المجتمع العربي والإسلامي والعالم أجمع.
وقال الوزير إن حكومة المملكة اتخذت كافة الاحتياطات اللازمة لسلامة صحة وأمن ضيوف الرحمن والمعتمرين خلال موسم الحج والعمرة هذا العام، مؤكدا أن ورشة العمل التي استمرت يومين (28 ـ 30 يونيو الجاري) في فندق هيلتون جدة، جاءت إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين للإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس H1N1 في موسم العمرة والحج، مشيرا أن الخبراء وضعوا نصب أعينهم المعايير العلمية العالمية، وكذلك التجمعات والحشود الأخرى ودراسة متأنية لمناسك العمرة والحج وانعكاساتها على المجتمع المحلي والعالمي، وتمت دراسة الخطة الوطنية للمملكة والإجراءات الاحترازية ومراجعة المنافذ بزيارات ميدانية. وكذلك المختبرات والوقوف عن كثب على ما تقوم به المملكة ممثلة في وزارة الصحة من إجراءات وما اكتسبت من خبرات، وما تم من اجتماعات وزارية وعلمية وغيرها تجاه أنفلونزا H1N1 وغيرها من الإجراءات.
كما تلى الوزير الربيعة التوصيات الخمس عشرة التي خرج بها مجموعة الخبراء المشاركين في ورشة العمل الدولية، والتي جاء فيها مطالبة الحجاج والمعتمرين بتناول اللقاح الواقي من الأنفلونزا الموسمية، وأخذ اللقاح الواقي من فيروس أنفلونزا الخنازير A H1N1 لكافة الحجاج والمقيمين في الأماكن المقدسة، ومن يقوم على خدمة الحجاج في حالة توفره، وذلك قبل أسبوعين من السفر إلى الأماكن المقدسة. كما أكد الخبراء في توصيتهم على أن مرض أنفلونزا الخنازير مازال متوسط الحدة مقارنة بالأنفلونزا الموسمية، وأشادوا بالخطة الوطنية السعودية والإجراءات الاحترازية لمكافحة وباء أنفلونزا الخنازير والتي تميزت بشموليتها ومنهجيتها ومواكبتها لكل المعايير العالمية والحديثة.
كما أشاد الخبراء بالشفافية ودقة المعلومات، وسرعة وصول المعلومة للرأي العام والمنظمات الدولية، وأوصوا بالاستمرار في رصد الوباء والحد من انتشاره بالإجراءات المعمول بها حاليا، مع الإشارة إلى أن ذلك لن يمنع من استمرار ازدياد الحالات كما هو حاصل في كافة دول العالم.
وأيد الخبراء المشاركون توصيات وزارة الصحة التي توصي كافة المعتمرين والحجاج والقاطنين في الأماكن المقدسة والعاملين في خدمة المعتمرين والحجاج بأخذ لقاح الأنفلونزا الموسمية، وأن ينصح كافة القادمين للعمرة والحج بأخذ اللقاح قبل أسبوعين على الأقل من السفر إلى الأماكن المقدسة. كما أوصوا بأخذ اللقاح الواقي من فيروس A H1N1 لكافة الحجاج والمقيمين في الأماكن المقدسة ومن يقوم على خدمة الحجاج في حالة توفره، وإقراره من الجهات العلمية قبل السفر إلى الأماكن المقدسة بأسبوعين على الأقل.
ودعوا إلى الحرص على قواعد وسلوكيات تغطية الأنف عند العطس أو السعال، واستخدام المناديل وغسل اليدين بالماء والصابون، واستخدام الكمامات عند اللزوم في الأماكن المزدحمة.
وأوصى الخبراء بتوفير كميات كافية من العقاقير العلاجية والوقائية لفيروس A H1N1 من قبل الجهات المعنية وبعثات الحج. وتعزيز المختبرات المرجعية بالكواشف والقوة البشرية المدربة للتعامل مع الزيادة الكبيرة في الأعداد في تلك المواسم، واستخدام مختبرات كافة القطاعات الصحية.
كما أوصوا بتأمين مكان مناسب للحجر الصحي للحالات التي تحتاج للعزل قريبا من صالات قدوم الحجاج، ونصحوا الحجاج والمعتمرين من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة والأطفال والحوامل بتأجيل العمرة والحج هذا العام حرصا على سلامتهم.
ودعا الخبراء المشاركون في ورشة العمل لاستخدام أجهزة الرصد والتسجيل الوبائي الآلي التي طبقت مؤخرا باستعمال تقنية الاتصال المعلوماتي الصحي، وذلك بإنشاء شبكة تواصل إلكتروني متطور ومتكامل لرصد هذا الوباء وغيره من الأوبئة للحصول على أدق المعلومات في الأعوام المقبلة.
ونوه الخبراء بتأكيد منظمة الصحة العالمية على جميع الدول الأعضاء بأهمية الالتزام بالاشتراطات الصحية الصادرة من وزارة الصحة السعودية وأهمية توعية الحجاج والمعتمرين، وتكثيف برامج التوعية الصحية الخاصة بطرق الوقاية من المرض عن طريق وسائل الإعلام بجميع اللغات، ومطالبة جميع الدول ووسائل إعلامها التي تشارك بالحج بالمساهمة الفاعلة في عملية التوعية. والالتزام بالاشتراطات الصحية الأخرى الصادرة عن وزارة الصحة السعودية بخصوص مواسم الحج والعمرة، وطالب الخبراء الدول المشاركة بالحج بتفعيل هذه التوصيات على مواطنيها القادمين للأماكن المقدسة.