مجتمع شرقي يسمح سرا ويدين علنا
الجنس العربي المحرم :مارسه.. واصمت

نسرين عزالدين :..ثم ظهرت قاعدة "النسبية" لتقلب الأمور رأسا على عقب. وما لبث أن تحول هذا المفهوم "المادي " إلى حياة "فرعية " مختلفة إن لم تكن منفصلة.. حياة فصلت على مقاس كل من تبناه وشرع ينفذ "نسبيته الخاصة". وإن كانت المفاهيم "الحياتية" بشكل عام نابعة من المجتمع، فإن قولبتها و"شخصنتها " أمر خاص على الرغم من الإنطلاق من الثوابت "الإجتماعية" المعتمدة. الا أن هذا لا يسقط عنها بأي شكل من الأشكال الخصوصية الفردية التي تجعلها مختلفة تماما عن المحيط العام .

وإنطلاقا من ثوابت عامة يمكن وصفها وببساطة بالمسيرة لكل ما يحدث، وأنظمة "خاصة" لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالجو العام السائد كان "التصادم".

"لا تسرق .. لا تقتل .. لا تزن".. بديهيات من المفترض تطبيقها ، وإن كانت السرقة والقتل من الممنوعات المسلم بها جدلا فإن الثالثة خاضعة " لتفسيرات نسبية " لا نهاية لها.

أصمت انه الجنس

الجنس" هذه الكلمة التي وصمت بالفحش من فترة لا تقل عن الأزلية .. فمن المستبعد جدا السماح بالحديث عن هذا "الفعل الشائن"، إنه من الافعال التي تتخطى الخطوط الحمراء بأشواط، وكل ما يتعلق به من الممنوعات التي على الفتاة بالدرجة الأولى يليها الشاب خنقها وعدم التطرق إليها بتاتا.
وهكذا تبدأ الحكاية ..تشرع الأم بحماسة بالغة تربية فتاتها الصغيرة وتبدأ عملية الترهيب .وطبعا من دون تسمية الأشياء بأسمائها تنطلق بحذر شديد مرددة لسنوات لازمة العفة والشرف وضرورة حماية "المناطق الأنثوية". هذه المناطق التي لو تم غزوها فإن الواقعة لن تكون أقل من "الموت أفضل من هذا العار". فتعقد الفتاة ذراعيها، وتشبك ساقيها وتنتطلق. وما الهم إن كانت خطواتها متعثرة ..فالهم الأول هو الحفاظ على ساقيها المتشابكتين تحت أي ظرف من الظروف.

وتمر الأيام وتتوالى السنوات، فتنمو الفتاة مع عقدة "الجنس" وينطلق الذكر إلى إستكشافه بطريقة صحيحة أو خاطئة لا فرق، الشرط الأساسي هو عدم لفظ الكلمة .

وفي حال شاءت الظروف أن تتخطى الفتاة تلك الحدود المرسومة لها بدقة وتستعيد"عفتها" من الصندوق الفولاذي وتقرر طوعا أن تتبنى المفهوم القائل أن قيمتها كإنسان حي، يأكل ويتنفس ويفكر ويقرر لنفسه ما هو الصالح من الطالح، لا تكمن في ذلك المكان، فعلى التطبيقات أن تكون غاية في السرية.

..تتعرف الفتاة إلى شاب، قد تغرم به و قد لا تغرم، إلا أن الدافع السائد للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج بشكل عام هو الحب .. فلنسلم جدلا أن الفتاة أغرمت بالشاب وقررا الإنتقال إلى المرحلة الثانية من علاقتهم .. هذه المرحلة التي تتخذ شكلين، فإما الإتصال الجسدي من دون أن تفقد الفتاة عذريتها أو العلاقة الجنسية كاملة. الأول أشبه بمحاولة لتنفيس الكبت مع المحافظة على "مستقبل" الفتاة في حال لم تتزوج شريكها .. وهكذا قد تتنقل الفتاة من علاقة لأخرى تنفس كبتها وكبت رفيقها الجديد.. وطبعا من دون فقدان "الغشاء المقدس". أما الشكل الثاني فقد يؤدي إلى نتيجتين.. فإما أن تكون الفتاة قد قررت سلفا أنها لا تكترث وأن أي شخص سيختارها كزوجة له وفقا لعذريتها أو عدمها هو شخص مرفوض، أو أن تقوم بخطوة عملية وهي الذهاب إلى الطبيب وإستعادة ما فقدته من خلال عملية بسيطة.

الجنس الشرعي .. وغير الشرعي

من الإستنتاجات المثيرة للإستغراب التي تطرح حين يناقش موضوع الجنس هو الإتهام بتقليد الغرب.. فهل كانت الحاجة الجنسية يوما أميركية أو فرنسية أو لبنانية أو سعودية أو مصرية ..فالمعلومات العلمية تشير إلى أنها رغبة "جسدية" على ما يبدو ولا علاقة لها لا من قريب أو بعيد بهوية معينة وإن كانت تفسيراتها وتطبيقاتها نابعة من "النسبية الشخصية". وبالتالي فإن كان الإقدام عليه فعل محرم لأحدهم، فهو كالأكل و الشرب ولا يحمل أي دلالات "مشينة " لآخر .. من هنا كان الإختلاف.

لننطلق بداية من الأطر التي تجعل الجنس " ممارسة " مقبولة إجتماعيا .. إذن لكي يكون الجنس مقبولا عليه أن يكون ضمن إطار الزواج، بمعنى آخر أن يكون ضمن الإطار الديني الذي يجمع بين الذكر والأثنى. من هنا فإن الزواج المؤقت أو زواج المتعة أو المسيار قد يعتبر بديلا "شرعيا" عن الزاوج. في المقابل تبرز الفئة الأخرى التي تفصل "أمورها" عن الدين .. وتبدأ المعركة.

فتتهم الفئة الشرعية الباقون بالفجور، وترد الفئة "المتحررة " بتشبيه "العقود المؤقتة" بغطاء لا يغني ولا يسمن عن شيء .. فهي عمليا لا تختلف عن ممارساتهم. وبعيدا عن الجزم بصحة وجهة نظر أي منهم، يبقى الجنس ،خارج اطار الزواج ، سواء تحت غطاء شرعي أو متحرر من أكثر الممارسات تطبيقا في العالم العربي.. وبمقاربات خاطئة من جهة و غير صحية من جهة أخرى.

فتلك الفتاة التي فقدت عذريتها، تحاول جاهدة الحفاظ على سرها خوفا من ردة فعل أهلها، أما المتزوجة فتفضل الصمت على منقشة مشاكلها الجنسية مع أحد. من جهته ينطلق الشاب هائما سعيدا من فتاة إلى اخرى لتفريغ كبت لا ينتهي، أو قد يلتزم بممارسة الحب لا الجنس .. وهو صحي نسبيا مقارنة بالإحتمالات الأخرى .. أو قد يلجأ إلى الخدمات المدفوعة وهي المعتمدة وبقوة في مجتمعنا الشرقي.. هذه الخدمات المدفوعة التي تتخذ أشكالا عدة، منها فتاة الهوى أو الأفلام الإباحية أو الخطوط الساخنة أو المواقع الجنسية العربية.


المواقع الجنسية العربية

انطلاقامن مبدأ الإسقاطات النفسية التي يطبقها المشاهد على كل أو بعض ما يشاهده، فمن المؤكد أن الأفلام الجنسية العربية تحتل المرتبة الأولى بالنسبة للعربي أو العربية. فالفتاة عربية والشاب عربي والمشاهد عربي .. تطابقات لا يمكن إيجادها في الفيلم الأجنبي.

وعلى الرغم من عدم قانونية هذه الأفلام لكنها متدوالة و بشكل كبير. ولمن لا يمكنه شراؤها فإن المواقع العربية الجنسية تؤمن له هذه الخدمة. هذه المواقع التي زادت الطين بلة .. فإن كانت المقاربات الواقعية " خاطئة " تجاه الجنس، فإن هذه المواقع كرسته مفهوما رخيصا. الا أنه في المقابل لا يمكن وبأي شكل من الأشكال إنتقاد "المضمون المبتذل" لهذه المواقع ، فهويتها واضحة .. موقع جنسي عربي هدفه تقديم الخدمات مقابل مبالغ معينة.

هذه الخطوات "الجريئة" في مجتمع لا تزال "القبلة العلنية" أمر مرفوض كليا فيه، تحولت خلال فترات قصيرة إلى تجمعات "شبابية وغير شبابية" حاشدة لتكون من دون منازع الأكثر شهرة على الإنترنيت .. وإن كانت هذه حال جميع المواقع الجنسية .. إلا أن هويتها العربية ومضمونها العربي يجعلها مستغربة لا لما تحتويه وإنما لهوية ما تحتويه.

تتنوع الخدمات الجنسية وفقا لإمكانية الزائر المادية، قد يكون مجرد "سائح " وبالتالي يسمح له بقراءة بعض القصص الإباحية إضافة إلى عدد محدد من الصور. أما الأعضاء فيمكنهم الحصول على الأفلام، وقراءة كل القصص .. إضافة إلى إمكانية تأمين فتيات حسب الطلب ..دعارة الكترونية من دون منازع.

وأمام هذا الكم الهائل من الجنس "الرخيص"، وسهولة الحصول والإطلاع عليه، تتحول المفاهيم الخاطئة نسبيا إلى "أزمة".. فالكلمة المحرمة سابقا ستتحول إلى فعل داعر لا يقدم عليه سوى من يشبه "هؤلاء".

..إنه الجنس ، من أكثر المواضيع "المحرمة " عربيا ومن أكثرها ممارسة خارج إطاره المقبول إجتماعيا. القلة القليلة تجهر بما تقوم به علنا بلا تحفظات أو تخوف من ردود الفعل، بينما تتستر البقية خلف جبهة من الإدانات. وسواء إكتسب الجنس صفته الشرعية أو لم يكتسبها، فهو كان ولا يزال وسيستمر جزءا من العلاقات .. سواء شئنا الإعتراف بذلك أم أبينا.

الوضع هو كالتالي .. الشباب يقدمون على ممارسة الجنس، وبطريقة خاطئة في معظم الاحيان.
البعض يفضل حصرها في إطار الحب والبعض الآخر يتجه نحو الخدمات المدفوعة أو غير المدفوعة.

الملتزمون بالإطار الديني لشرعية الدين يقدمون على ممارسته ايضا .. إن من خلال الزواج أو من خلال العقود المؤقتة.
الوقائع واضحة ..وإنكارها يفرض نفسه تحت شعار نحن مجتمع شرقي.. أجل نحن مجتمع شرقي . مجتمع يمارس الجنس بمختلف أشكاله.. وبمقاربات خاطئة جدا تجعلنا أكثر شرقية.. فلا نتكلم عنه. والنتيجة نصيحة شرقية جديدة ..مارسه بأي شكل من الأشكال وتحمل عواقبه النفسية والجسدية.. ثم اصمت .