ربيع ديركي: كانت فكرة صغيرة لكنها بحجم الوطن... كل الوطن ، فكرة واضحة بوضوح من أطلقها ، ارادتها من ارادة شباب في عمر الـثمانية عشرة سنة رفضوا الامر الواقع وقواه ، عبروا عن حقهم بالمشاركة في بناء الوطن ودورهم بصنع الحياة السياسية فيه بعيدا عن الارتهان والتبعية لزعماء الأمر الواقع زعماء الطوائف والمذاهب .
أدركوا جيدا هدفهم وصوبوا ارادتهم نحوه تعديل المادة 21 فقرة ج من اتفاق الطائف _الذي أصبح دستور الجمهورية اللبنانية_ التي تمنعهم من حق الاقتراع في الانتخابات النيابية ، ونصها :quot; لكل وطني لبناني بلغ من العمر احدى وعشرين سنة كاملة حق في أن يكون ناخبا على أن تتوفر فيه الشروط المطلوبة بمقتضى قانون الانتخاب quot;
كانت البداية في شهر نيسان عام 1999تاريخ انطلاقة الحملة الوطنية الشبابية والطلابية لخفض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة بمبادرة من بعض المنظمات الشبابية اللبنانية ، وبدأت الحملة تتطور أكثر وأكثر وبدأ يتناقص عدد بعض المنظمات الشبابية المشاركة فيها ، واتسعت حملة الضغوطات السياسية عليها ولكن ارادة الاستمرار بالحملة كانت اقوى حيث استطاعت جمع أكثر من 100 الف توقيع على العريضة الشعبية الوطنية لخفض سن الاقتراع وتوقيع 96 نائبا من نواب عام 1996 ، الذين ما زالوا بمعظمهم نوابا في المجلس النيابي الحالي ، منهم ndash; مع حفظ الالقاب ndash; سليم الحص ، الراحل رفيق الحريري ، وليد جنبلاط ،عمر كرامي ، بطرس حرب ، نايلة معوض .... وغيرهم من نواب كتل نيابية فاعلة في تركيبة المجلس النيابي .
أي استطاعت الحملة الوطنية لخفض سن الاقتراع تأمين النسبة القانونية ( ثلث المجلس ) لتعديل أي مادة في الدستور اللبناني . ولكن وكعادة زعماء السياسة في لبنان فان افعالهم تناقض اقوالهم ، فكان فعلهم في تعديل المادة 21 مناقضا لتواقيعهم. مما زاد من عزيمة الحملة على المتابعة والمضي قدما بخطوات عملية .
بالتزامن مع موعد الانتخابات النيابية اللبنانية لدورة عام 2000 في 27 آب ، أطلق الشباب حملة quot; صوتي حقي quot; ونظموا انتخابات نيابية شبابية موازية لانتخابات عام 2000 في جميع المحافظات اللبنانية تخللها مضايقات واعتقالات وتهديدات ولكن الأهم حصلت حملةquot;صوتي حقيquot; على تأييد شعبي كبير في جميع المحافظات اللبنانية و 27605 صوت شاب دون الـ 21 سنة .
استطاع الشباب اللبناني ، عبر حملة quot; صوتي حقي quot; فرض حدثه السياسي على جميع المحطات التلفزيونية والاذاعات و الصحف اللبنانية في ذروة موسم الانتخابات النيابية ، مما دفع صحيفة لبنانية معروفة بخطها السياسي المعارض لنشر دراسة احصائية توضح التوزع الطائفي لمن هم دون الـ 21 سنة على الطوائف . واستطاع الشباب اللبناني أيضا عبر حملته الحصول على توقيع 100 نائب من النواب الذين حالفهم الحظ في دورة انتخابات عام 2000 ، ولكن الحظ لم يحالف حق خفض سن الاقتراع حيث سحب الحق من البيان الوزاري عند مناقشته في مجلس نواب 2000 . مما يدل على أن زعماء السياسة في لبنان يخافون الشباب وليس من مصلحتهم تعديل المادة 21 ،أي خفض سن الاقتراع الى 18 سنة بدلا من 21 سنة لما فيه من تهديد جدي لفرادة الصيغة اللبنانية وتهديد للتوازن الطائفي فيه القائم على أساس الانتماء للطائفة وزعمائها بدلا من الانتماء للوطن ، وبالتالي فان خفض سن الاقتراع ، يشكل تهديدا مباشرا للنظام السياسي ndash; الطائفي في لبنان و للمصالح والامتيازات والمواقع السلطوية الطائفية الضيقة .
اليوم ، وبعد 7 سنوات على اطلاق الحملة الوطنية الشبابية والطلابية لخفض سن الاقتراع وبعد توقيع نواب ونواب على العريضة الوطنية لخفض سن الاقتراع الى 18 سنة ، وبعد خطابات تعبوية لزعماء الساحتين ، ساحة 8 آذار وساحة 14 آذار ،وبعد اعتراف زعماء الساحتين بأن طموح الشباب سبقهم ،وبعد خروج دولة الوصاية القديمة من لبنان- اذا افترضنا انها كانت وراء منع تعديل المادة 21 - ،وبعد تشكيل هيئة وطنية لوضع مشروع قانون انتخابي جديد ، وبعد أن حالف الحظ شاب شارك بفعالية وحماسة في الحملة الوطنية وأصبح نائبا في المجلس النيابي الحالي .... أين أصبح تعديل المادة 21 من الدستور اللبناني؟ أين أصبح حق من هم في سن 18 بالاقتراع المهدور بتواقيع فولوكلورية موسمية ؟
... الاجابة برسم زعماء الطوائف القابضين على السلطةالسياسية في لبنان .
التعليقات