زق علي عروق: أخذ الشاب أحمد عبدالله 25 عاما من مدينة غزة يقلب صفحات جريدته المفضلة ، يتمعن بصفحاتها واوراقها البالية عساه يجد ما يطفيء غريزته التي عادت للثوران من جديد في ظل تأخر صرف رواتب الموظفين الفلسطينين دون أن يصل الى مرحلة ترضي ادنى طموحاته الذاتية التي باتت مهددة في ظل أجواء لم تستقر في الاراضي الفلسطينية.تطالعه الصحف باخبار اليوم العالمي للعمال -الاول من ايار- ولكنه بدا متذمرا من تلك المناسبة وان كان يجد نفسه فيها ..فهو مثله مثل كل عمال الارض مسلوب الحقوق والارادة ولا امل يلوح في الافق يبشر بتغير الاحوال وتحسن الاوضاع المعيشية في فلسطين .عبد الله يعتبر نفسه شابا مطحونا غلبه الزمن خلال سنوات الانتفاضة المباركة. حينها لم يبالي كثيرا بالحصول على فرصة عمل جديدة مع اجر من الممكن ان يكون ملائما لظروف الحياة الفلسطينية التي تزداد غلاءا في معيشتها واجوائها الساخنة.يقول الشاب الغزي صاحب البشرة السمراء الكاحلةquot; العمل يكاد لا يلبي كل مطالبنا، تأخر الرواتب للموظفين في الحكومة زاد الطين بلة ولم نكد نخرج من أزمة ارتفاع الاسعار حتى سقطنا في فخ ندرة الاموال في جيوب المواطنينquot;.ولا تكفي الاثنا عشر ساعة ،وهي فترة عمل عبد الله في احدى الورش الميكانيكية لتصليح السيارات وسط غزة، للحصول على مدخول جيد يؤمن الحد الادنى من الاحتياجات . فهو يتقاضى أقل من عشرة دولارات في اليوم الواحد اضافة الى خسم بضع دولارات في حال تأخره او غيابه .يرفع عبد الله رأسه نحو السماء شاردا متتبعا أسراب الطيور quot;السابحةquot; في الفضاء دون معوقات وقيود تحد من حركتها ثم يتابع حديثهquot; لو كنت طيرا لما وجدتني اعاني كل هذه المعاناة لتمكنت من السباحة في الفضاء وقتما أشاء واينما أشاء دون البحث عن عمل مرهق وأجر لا يناسبهquot;...

في اليوم العالمي للعمال خرج احمد عبدالله عبثا للمشاركة في المسيرات الاحتجاجية التي نظمت في قطاع غزة للمطالبة بتحسين اوضاع الشباب والعمال الفلسطينين في ظل الحكومة الجديدة مطالبين الامم المتحدة بتوفير فرص عمل عن طريق استثمار المشاريع الاقتصادية والتنموية في فلسطين لفتح أفاق جديدة للعمل وبالاضافة الى الضغط على اسرائيل من اجل السماح بمرور البضائع من و الى قطاع غزة لتساهم في تنشيط عجلة الاقتصاد الفلسطيني.quot; لم اخرج في المسيرة لاقتناعي بها فهي لا تؤدي الى نتائج تذكر اضافة الى اننا نضيع على انفسنا اجر يوم عمل كامل بسبب مشاركتنا في المسيراتquot;.
المواطن المطحون او الكادح في يومه لجلب قوته لاطفاله وعائلته الكبيرة لا يلقى بالا للمشاركة في مثل هذه الاحتجاجات العبثية حتى ان البعض توجس خيفة أن يكون الاحتجاج هذا من شأنه التقليل من فرصه في الحصول على فرصة عمل في المشاريع الاستثمارية القادمة.

ولعل البعض بالغ في طلبه الى حد الغاء هذه المناسبة- اي اليوم العالمي للعمال- لانهه يرون ان هذا اليوم ليس عرسا لهم او يومهم المشهود بل هويوم يحمل معه المزيد من الهموم والاعباء في هكذا اجواء .لا يكفل القانون الفلسطيني حتى الان حقوق العمال لا يحافظ على حقوقهم من السلب بسبب غياب ما يسمى بسلطة القانون بإستثناء بعض التشريعات التي أقرها المجلس التشريعي السابق والتي لم تأخذ طريقا للتنفيذ والعمل بموجبها لذا يجد الشاب الفلسطيني نفسه مضطرا اما للبحث عن وظيفة عمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية او البحث عن فرصة للهجرة الى الخارج عله يجد فرصة عمل جدية تحفظ له وللابناء .حقوقهم وكرامتهم.

يختم الشاب الغزي حديثه quot; اذا ما حصل الموظفين على رواتبهم من الحكومة الفلسطينية فانه من الممكن ان تتحسن احوالنا الاقتصادية وان تعودعجلة السوق للدوران مرة أخرى ونشهد حالة من الازدهار الاقتصادي لكل المواطنينquot;.ولعل هذا التفاؤل الظاهر في عيني عبد الله هو ما يراه الكثيرين من الفلسطينين هذه الايام غير ان الامور التي اصبحت غير معلومة للجميع جعلت التكهنات والوساوس تشارك الفلسطينين احلامهم وايامهم ...تمر ذكرى اليوم العالمي للعمال دون ان يجد الشاب احمد عبد الله نفسه مطالبا لان يقف الى جانب اخوانه ورفاقه من العمال الكادحين .وحتى يحين العام القادم وقد تغيرت احوالهم يبقى لذكراهم يوم يحتفل فيه وتدق الطبول وتعزف المزامير الحانها ايذانا بشروق شمس الخير على المواطنين والشباب المطحونين الذي لا يعيرون اهتماما هذا العام لذكراهم.