مذيعات الاثارة ..وبرامج العاب منتصف الليل
سعيد الحسنية : ظهرت مؤخرا بين المراهقين ومتبعي القنوات الفضائية ظاهرة جديدة تسمى بـquot; مذيعات برامج الربحquot;، وينلن أولئك المثيرات الكثير من الاهتمام، وعبارات الغزل، حيث يحرص الكثيرين على متابعة حركاتهن والتمتع بتمايل أجسادهن ودلع ألسنتهن، وكل ما يزيد من إثارتهم إثارة.
ولا يخفى على أي متابع عادي للفضائيات اجتياح ظاهرة برامج الربح وتفشي عدواها بين كل القنوات، فبعد انطلاقتها من القنوات الأجنبية ولا سيما الإيطالية والرومانية امتدت إلى الفضائيات العربية بشكل سريع . ورغم تنوع الفضائيات التي تعرض تلك البرامج، إلا أنها متشابهة جميعها بالشكل والمضمون لتلك البرامج، حيث تعتمد جميعها على مدى إثارة المذيعات وعلى سخافة والأسئلة المطروحة على المشاهد .
وتحاول تلك المذيعة المثيرة استغلال كل طاقاتها الجنسية، سواء الجسدية أو الكلامية، لإثارة المشاهد المراهق - وليس من الضرورة أن يكون مراهقا من ناحية العمر فقط - ودفعه إلى الاتصال بها والتنعم بغنجها والتلذذ بحركات جسدها قبل الإجابة على سؤالها التافه أصلا، ومن المضحك المبكي أن معظم المتصلين لا يعرفون الجواب على ذلك السؤال الساذج ، فتكون النتيجة تلذذهم بصوت مذيعتهم المثيرة وتفريغ جيوبهم وبذر أموالهم على لذة افتراضية قصيرة وعدم فوزهم بالجائزة .قد يتبارى أحدهم ويعتبر كلامنا مجحف ، ونيتنا سيئة ، ونحن نظلم تلك البرامج ومذيعاتها ، ولكن هل لأحد أن يفسر لنا لماذا يتم عرض تلك البرامج بعد منتصف الليل ؟ أي في الأوقات التي يتم فيها بدء عرض أفلام البرنو وبداية بث قنوات quot; سكس شو quot; و سكس فون ؟ لماذا تقدمها فتيات مثيرات في الملبس والكلام ؟ إنها برامج إثارة محجبة ، وquot; سكس شو quot; محتشم ، يذكرنا بالمذيعات العاريات اللواتي يقدمن نشرة الأخبار على بعض القنوات الروسية .
كلمات ترتدي البيكيني
لقد أصبحت معظم المذيعات بمثابة فتيات أحلام الشباب والرجال أو المرأة النموذج، حيث أصبح كل رجل أو شاب يتخذ من مذيعة ما نموذجا للجمال الذي يتمناه في فتاة أحلامه، وجاءت مذيعات برامج الربح لتضيف إلى ذلك النموذج صفة الغنج والدلع في لفظ الكلام، فتخرج الأحرف من بين شفاههن كلمات مرتدية البيكيني وأخرى مكسوة بروب حريري شفاف يبرز نهود عارية وأجساد طرية لفتيات مثيرات خرجن للتو من دوش منعش. ومن جهة ثانية أثمرت حلقة الوصل بين وسائل الإتصال المتطورة إلى انتقال أخبار وصور وكلمات أولئك المذيعات المثيرات على المنتديات الشبابية المنتشرة على الإنترنت حيث نجد زوار تلك المواقع يتبادلون الرأي حول: quot;كيف ظهرت المذيعة بالأمس، وماذا كانت ترتدي، ما رأيك في طلتها، ابتسامتها المهضومة، تسريحة شعرها المجنونة، ما أبرع جراح التجميل الذي أجرى لها عملية تصغير الأنف ونفخ الشفاه وتكبير الصدر الخ .... إضافة إلى تبادل الشباب على هذه المواقع آخر صور أولئك المذيعات وأجمل اللقطات لهن ومواعيد برامجهن، بل ويتبادلون البلوتوث الخاص بمقتطفات مذيعاتهن المفضلات.
الاستثمار في وجه جميل وقوام رشيق
يبدو ان الجمال اصبح هو العنصر الأبرز لنجاح أي مذيعة، وهو القاسم المشترك في القنوات غير الإخبارية، خاصة القنوات ذات الصبغة التجارية وقنوات الأغاني التي يعتمد تحقيقها للربح على جذب أكبر عدد من الشباب والمراهقين، وتلقي أكبر كم من الاتصالات الهاتفية ، فهذه القنوات تعتمد من أجل تحقيق هذا الربح على شكل المذيعة فقط وهي تتعامل مع المذيعة كمجرد وجه جميل ومثير ومغر للشباب والمراهقين، أي أن أصحابها يمارسون تجارة مربحة تقوم على الاستثمار في وجه جميل وقوام رشيق ، وهذا ما لا يمت للإعلام بصلة، فالإعلام رسالة وثقافة وقيم ونشر معلومات صحيحة وتكوين رأي عام مستنير، وهذا لا يتأتى من مثل هذه البرامج والقنوات التي تتسلح بمذيعة جميلة لجذب المشاهد وبالتالي فإنها تجعل المشاهدين، والغالبية العظمى منهم من المراهقين والشباب، ينصرفون إلى البرامج التافهة والسطحية، ويركزون على شكل المذيعة وتفاصيل جمالها وماكياجها.
الغلاف الجاذب لعين المشاهد
وحول ظاهرة إعجاب الشباب والمراهقين بأولئك المذيعات الجميلات ، يشير علماء الإجتماع إلى أن أكثر ما يؤثر في إنسان اليوم هو الفضائيات، حيث أصبح التلفزيون يأخذ الكثير من وقتنا. وإذا كانت صناعة النجم تتم في السابق في السينما أو عالم الغناء، فإنه يتم حاليا صناعة النجمة المذيعة. وبالطبع الجمال يكون أول أو أهم عناصر هذه الصناعة، لأنه بمثابة الغلاف الجاذب لعين المشاهد، فأول ما يطالعه المشاهد هو شكل المذيعة، ومن ثم تأتي مرحلة متابعة ما تقدمه. كما يؤكدون على أن لهذا التأثير الطاغي للمذيعات جانبان أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فإذا كانت المذيعة تمتلك العقل والثقافة بجانب الجمال، يمكن أن يكون تأثيرها إيجابيا على الشباب والمراهقين، بحيث تصبح عامل جذب لكل ما هو جيد وهادف على الشاشة، وفي المقابل لو كانت هذه المذيعة مجرد وجه جميل ومثير فهي تجذب هؤلاء الشباب والمراهقين إلى الاتجاه المضاد الذي يهتم بالشكل والجمال.
ويبقى أن سياسة quot; التشيء quot; قد تعممت بشكل مذهل وتفشت بطريقة سريعة سياسة الربح عبر الأثير، ولا يخفى على أحد التوجه الربحي لتلك القنوات التي تبث برامج الربح عبر الإجابة على سؤال تافه جدا، كما لا يخفى الجمهور المستهدف من عرضها، وهو حتما الجمهور الخليجي الثري ، صاحب معدل الدخل والكبت المرتفع والحرية المعدومة ، أجل أن تلك البرامج موجهة بكل تأكيد إلى الخليجين الذين يملكون الجاه والثروات ويفتقدون الاختلاط ، يمتلكون أرخص وأحدث وسائل الاتصال ، ويفتقدون سبل التواصل بين الجنسين ، فمن يعاني من ذلك الحرمان ، من الطبيعي أن يدفع الملايين ثمنا لتجاوزه خطوط الممنوع ، والقفز فوق حاجز المحظور ، وإن كانت تلك القفزة في المجهول ولا طائل لها سوى لذة افتراضية عبر الأثير ، ولكن بحة صوت هذه المذيعة وتمايل تلك المثيرة تستحق تلك المجازفة وبذر تلك الدراهم والريالات هباء.




التعليقات