ربيع ديركي : ست سنوات ، تقريباً، مرت على بداية القرن الـ 21 كَشَفَت أحداثها أن الدموية هي السمة الغالبة على الألفية الثالثة ، دموية ما زالت وتيرتها في حالة تصاعدية تعجز الكلمات عن وصفها ووتقف العقول حائرة مندهشة من هول ما يجري . نعيش فصولها ، يوميا ، عبر ما تبثه وسائل الاعلام من صور ومشاهد لأبشع أساليب القتل .
فمنذ احتلال العراق ولتاريخه شاهدنا فيه شتى أنواع الفظائع المرتكبة بحق الانسانية جمعاء .

أما العجب العجاب : تبرير ما جرى ويجري في العراق ، حيث لبس جيش الاحتلال الأميركي وجه الفادي الذي نذر نفسه لتخليص العراق ndash; والعالم ndash; من طاغيته ، وفي المقابل لبست quot; المقاومة quot; في العراق وجه المجاهد المدافع عن الوطن المؤتمر بأمر الله .

وللطرفينquot; ثقافتهquot; الخاصة به، عذرا من الثقافة والمثقفين أحباء الانسان ، بينهما صراع سقطت فيه جميع القيم والمبادئ الانسانية وما بقي سوى اطلاق العنان للغرائز الحيوانية وابتكار أساليب جديدة للاستمتاع بالقتل والتفنن بالتعذيب .

وعليه، ماذا يمكن القول عن ادعاءات تبرير ما يجري في العراق ؟ . نقول : انها تبريرات تعكس quot;ثقافةquot; مصرة على شرعنة الاحتلال من جهة ، وquot;ثقافةquot; ملحة،من جهة ثانية، على ممارسة القتل باسم quot; المقاومةquot;، عذرا من المقاومة والمقاومين احباء الحرية والتحرر.

وquot;الثقافتانquot; وجهان لعملة واحدة لاشتراكهما بقتل الانسان . انهماquot; ثقافةquot; ما بعد حيونة الانسان ، دينها القتل وسفك الدماء .

بين الالحاح والاصرار يقتل ، يقمع ، ويهان كل من يرفض الاحتلال أو ينتقد ممارسات ما سمي ، قهرا ، quot; مقاومة quot;. حيث صار كل ما يدب على أرض العراق ، وغيره ، هدفا سهلا للقتل، يجوز باسم الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان والتحضر ... قصف الملاجئ ، المستشفيات ، المدارس، تدمير مدن بكاملها وقتل الابرياء في سبيل البحث عن quot;ارهابيquot; ، وكل من يرفض الاحتلال الأميركي للعراق.

وإن كان صانع تمثال الحرية، يوضع في خانة الارهاب ، إذاك يحل قطع الاوكسجين عنه واذلاله بنعت quot; الارهابي quot; ؛ ويجوز ، أيضا ، باسم quot; مقاومة quot; الاحتلال الأميركي نشر السيارات المفخخة في الأسواق الشعبية المكتظة بالأبرياء وزرع العبوات الناسفة في دور العبادة ، ومن يرفض هكذاquot;مقاومةquot; فمصيره،في الحياة الدنيا، قطع رأسه والتمثيل بجثته بسيف الغزالي وإن كان الحلاج، وفي الآخرة جهنم وبؤس المصير.


بين سندان الاحتلال الاميركي ومطرقة ما سمي quot; مقاومة quot; قتل العراق وأهين معه الحلم بالآفاق الزرقاء الرحبة ، الفرح الكوني المتجدد ، لوحق أحباء الحرية والتحرر والعدالة والمساواة واضطهد المنادون بحق الشعوب بتقرير مصيرها على امتداد أرض الانسان .