أحمد عبدالمنعم من القاهرة : لا حديث في مصر اليوم سوى عن quot; السفاح quot;.. في الشوارع وعلى المقاهي, بالأندية وأماكن العمل, لا أحد يتحدث إلا عن ذلك الشخص الغامض الذي يعتدي على الفتيات بالسلاح الأبيض ثم ينطلق هاربا دون أن تتمكن أجهزة الشرطة من إلقاء القبض عليه حتى الآن.. أكثر من 35 يوما من البحث عن ذلك السفاح قضتها مديرية الأمن التي سخرت أعداد هائلة من الضباط والجنود لهذا الغرض.. دون جدوى !
حالة من الهلع تسود الفتيات وأسرهن في الأحياء القاهرية كالمعادى والبساتين ودار السلام, وهى الأماكن التي ظهر فيها ذلك الشخص الغامض , تكاد الشوارع تخلو من وجود الفتيات بمفردهن , إلا ذا كان الخروج ضروريا فعليها اصطحاب أحد أفراد الأسرة وإلا فعليها المخاطرة بتلقي طعنة من السفاح .
ما ضاعف من خطورة المشكلة للفتيات هو توقيت ظهور السفاح الغامض الذي تزامن مع موسم الامتحانات,فلم يكن من الممكن البقاء في المنزل انتظارا للقبض عليه, وهو ما ساهم أيضا في إحراج الشرطة المصرية وهو ما جعل من الاحتفال بعيدها السنوي فرصة للتندر أكثر منها مناسبة لتقديم التهنئة .
quot; سفاح المعادىquot; هو اللقب الذي خلعته عليه الصحف المصرية، حيث وجدت في جرائمه مادة دسمة للحديث عنها, ما بين التهوين المقصود والتهويل المبالغ فيه دارت المعالجات الصحفية, وان اتفقت جميعها حول أن طريقة ارتكابه للجرائم وقدرته على الهروب والتخفيمثيرة بدرجة تدعو للإعجاب, بل وتصلح لتتحول إلى دراما سينمائية !
عدد الضحايا مازال لغزا محيرا حتى الآن, فبينما تحصرهن وزارة الداخلية في أربع حالات، نجد وسائل الإعلام تقدر العدد بعشر فتيات على الأقل, ويضاعف الأهالي هذا الرقم عدة مرات في أحاديثهم عن السفاح الذي تخصص في إصابة الفتيات بالسلاح الأبيض.
ربما كان تركيز السفاح على طعن الفتيات في أماكن حساسة بأجسادهن هو السبب الأول وراء كل هذا الاهتمام الذي حصل عليه، فتعامل البعض بنوع من السخرية والاستهزاء تارة , واللامبالاة تارة أخرى باعتباره شخص فقد عقله وليس سفاحا كما تطلق عليه الصحف .
بيد أن تلك المشاعر السابقة ربما تراود المصريين جميعا على اعتبار أنهم وجدوا مادة مسلية للحديث لكن بالطبع تختلف المشاعر كلية عند الحديث عن سكان المناطق quot;المنكوبةquot; التي ظهر فيها ذلك الشخص الغامض.. هناك لا مجال للسخرية أو الاستهزاء, فقط خليط من مشاعر الخوف الممزوجة بالدهشةمن هذا الشخص الغامض , فهو لا يسرق شيء منهن رغم أن الفرصة تكون مواتية لفعل ذلك , فقط كل ما يسعى إليه إحداث إصابةفي منطقة حساسة من الجسد , ويركز على يرى أنهن يرتدين ملابس مثيرة أو غير محتشمة.
سارة - 23 سنة-من سكان ميدان الحرية القريبمن المنطقة التي شهدت اعتداءا على فتاتين تقول quot;لم نر شيئا بأعيننا , ولكن حالة من الرعب تسود الأسر خاصة الفتيات, رجال الشرطة موجودين في كل مكان, لكن هذا لا يخفف من شعورنا بالقلق , فهناك الكثير من الحوادث التي وقعت في ظل هذا التواجد الأمني, ولا أخرج من المنزل إلا للضرورة القصوى , وعادة ما يصطحبني أحد أفراد الأسرة ذهابا وإيابا خوفا من تعرضي لمكروهquot; .
المشكلة الأكبر أن المخاطرة لم تعد فقط بالسير في الشارع بل امتدت لتصل إلى المنزل حيث اقتحم السفاح بعض المنازل وأصاب عدد من السيدات.
سمر .. تقطن بالبساتين تعرضت شقيقتها خلال الأسبوع الماضي لإصابة في الوجه وأخرى في البطن على يد السفاح الذي اقتحم عليها المنزل عندما كانت بمفردها, وبعد أن قاومته وأخذت تصرخ طلبا للمساعدة فر هاربا دون أن يتمكن أحد من الإمساك به.
القصة كما جاءت على لسان شقيقة الضحية تعنى ببساطة أن السفاح وصل إلى النساء في المنازل, وهو ما زاد من مشاعر الرعبالمتأججة في النفوس, وأمام هذا الموقف الصعب لم تجد الشرطة سوى إقامة مركز قيادة بالقربمن أماكن الاعتداءات, واستعانت بمئات الضباط والجنود من مديريات الأمن القريبة من القاهرة, وبات الهم الأكبر بالنسب لهم إلقاء القبض على ذلك الشخص الذي أفسد عليهم فرحة الاحتفال بعيدهم السنوي, ومازالت البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية تتوالى , وجميعها يدعو إلى الهدوء وعدم الانزعاج, وبعضها يبشر باقتراب موعد إلقاء القبض على السفاح .
ولاء -20 سنة- تدرس بأكاديمية السادات بالمعادىتتحدث عن زميلة لها بالدراسة تعرضت لاعتداء من جانب السفاح تقول quot; ذكرت لنا زميلتنا أنه كان يستقل دراجة ناريةوكان يسير مسرعا حتى اقترب منها وطعنها في ذراعها وفر هاربا, ومن حسن حظها أن الطعنة لم تكن نافذة وكانت سطحية, إلا أن تعرضها لهذا الاعتداء في وضح النهار دفعنا جميعا كفتيات إلى اتخاذ مزيد من الحيطة والحذر , خاصة عندما نسير فيشوارع هادئة , أو عندما نلحظ وجود دراجة نارية يقودها شاب صغير السن !quot;
البرلمان المصري لم يكن بعيدا عن الأحداث, فقد تقدم عدد من نواب المجلس بطلبات إحاطة لوزير الداخلية لاستيضاح حقيقة ما يجرى , وقد خصصت لجنة الأمن القومي جلسة خاصة لمناقشة الموضوع تحدد لها نهاية الأسبوع الحالي بناء على طلب من قيادات الشرطة لتمنح نفسها فرصة لإلقاء القبض على السفاح وتحسين الصورة أمام الرأي العام .
سواء نجحت الشرطة المصرية في إلقاء القبض على quot;سفاح المعادىquot; أم فشلت فبالتأكيد لن يشفع لها ذلك في تحسين صورتها التي شوهت بفعل شخص ظل يعيث في الأرض فسادا طيلة 35 يوما دون أن يتمكن جهاز الأمن الذي يملك صلاحيات واسعة من الإمساك به ..أو حتى الكشف عن شخصيته !!